السعودية تدفع نحو تدخل عسكري ضد سوريا وبقية الأعداء يشنون هجوما على خطاب الأسد
أعلن الرئيس بشار الأسد أمس، في خطابه الاول بعد التعديلات الدستورية أمام مجلس الشعب باعضائه الجدد، أن لا حل سياسيا لما تواجهه سوريا من أزمة ليست سياسية «داخلية» بل «حرب حقيقية من الخارج» تسعى عبر «الإرهاب» لإشعال «فتنة طائفية» بهدف «سحق» الدولة السورية أو «تقسيمها». وفيما أكد استعداد دمشق لاجراء حوار وطني لا يشمل فئات حدّدها، إلا أنه شكّك في أسس حوار كهذا، لغياب سبل التحقق من الثقل الشعبي الحقيقي للأطراف التي قاطعت الانتخابات و«الشعب»، على حدّ قوله.
في المقابل، حضّت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون موسكو على التركيز على الشقّ المتعلق بـ«الانتقال السياسي» من خطة كوفي أنان لحلّ الأزمة في سوريا، واعتبرت في معرض نقلها محتوى محادثاتها الهاتفية مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، أن «تنحّي» الأسد ليس شرطا مسبقاً لعملية الانتقال بل «ينبغي أن يكون نتيجة» له.
أما وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، اتهم النظام السوري بأنه «يناور ويماطل» حيال خطة أنان الذي طالبه بتقديم تقرير «واضح وشفّاف» يدفع مجلس الامن إلى اتخاذ «قرار حاسم»، كما ربط إمكانية التدخل العسكري العربي في سوريا بـ«استقرار الأوضاع العربية» ودافع عن إقامة مناطق عازلة.
وقال الأسد في دمشق إنه «عندما نقول إن القضية قضية إرهاب فنحن لم نعد في الإطار الداخلي السياسي، بل نحن نواجه الآن حربا حقيقية من الخارج والتعامل مع حرب يختلف عن التعامل مع خلاف داخلي أو مع أطراف سورية وهذه النقطة يجب أن تكون واضحة». واستخدم الأسد أكثر من مرة تعبير «فتنة طائفية» باعتباره آخر «ورقة» بيد القوى الخارجية التي تشن «الحرب» على سوريا. وقال إن القضية «ليست حول الإصلاح والديموقراطية كما طرح في البداية بل هي حول دور سوريا المقاوم ودعمها للمقاومة وتمسكها بحقوقها والمطلوب الآن أن يضرب هذا الدور وأن يسحق أو أن يقسّم هذا الوطن أو كلا الأمرين معاً».
وانتقد الرئيس السوري أطراف المعارضة التي قاطعت الاستفتاء على الدستور والانتخابات لاحقا، مشبّها المقاطعة بـ«مقاطعة الشعب» وفسّر ذلك بـ«غياب أي تمثيل لها في الشارع»، إضافة لانتظارها «التوازنات الدولية» التي ستؤول إليها الأمور، أو بانتظار «إشارة من الخارج».
وأعلن الأسد قبول السلطة بالحوار الوطني كمدخل لحل الأزمة من دون التنازل عن «مكافحة الإرهاب». ولكن الأسد قال، إن الحوار سيجري مع فئات معينة من دون غيرها مستثنيا كل «من دعا للتدخل الخارجي أو ارتبط بالخارج أو كان على علاقة بالإرهاب». وقال إن نتائج هذا الحوار يجب أن تخضع لـ«المصادقة الشعبية» سواء كان ذلك عبر استفتاء شعبي أو عبر مجلس الشعب.
كما دافع الأسد عن دوره كرئيس للدولة رافضا اتهامه بالانحياز لطرف، مشيرا إلى أن «الرئيس هو من يقف تحت سقف الدستور والوطن والقانون». وتوقف الرئيس السوري عند مجزرة الحولة معتبرا إياها «عملا وحشيا مخجلا»، وكرر الدعوة لعدم «الانجرار وراء الغرائز». وقال إن خطوات قريبة ستجري لاختيار حكومة جديدة تراعي التوازنات في مجلس الشعب. وبث التلفزيون السوري الجلسة من لحظة دخول الأسد إلى قاعة البرلمان في حي الصالحية وسط دمشق، وختم البث بنزوله عن منبر المجلس، خلافا للعادة. وخضعت المنطقة لإجراءات أمنية مشدّدة منذ ساعات الصباح الأولى، وقد حضر الجلسة وزراء الحكومة السورية وبعض الدبلوماسيين ورؤساء تحرير وسائل الإعلام الرسمية والخاصة في سوريا.
واعتبر المنسق العام لـ«هيئة التنسيق الوطنية» (المعارضة الداخلية) حسن عبد العظيم، أن خطاب الأسد «يسد الأفق أمام اي تغيير حقيقي». ورأى أنه « لن يحاور قوى وطنية أو خارجية. لم يقبل بنصائح حلفاء دوليين ولم يقبل بنصائح خصوم له ايضا»، وأضاف إن النظام «يفوّت جميع الفرص»، مشيرا إلى أنه « يفوّت خطة أنان الآن».
وقال عضو المكتب التنفيذي في «المجلس الوطني السوري» (المعارضة الخارجية) سمير النشار إن «خطاب الاسد اليوم هو اعلان لاستمرار الحل الدموي، ولقمع الثورة بأي ثمن». وابدى النشار قلقه من «اشارة الاسد دائما الى التقسيم والفتنة الطائفية في ظل عمل نظامه باستمرار على الدفع في هذا الاتجاه».
أما رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان فقال للصحافيين خلال تصريح متلفز «حتى الان لم اره (الأسد) يطبق الإصلاحات بتفهم ديموقراطي. لا يزال يتعامل مع المشكلات بمنطق استبدادي ومقاربة استبدادية». واضاف «اعتقد انه سيكون من الصعب جدا ارساء السلام في سوريا طالما ان هذا الموقف سائد». وأضاف اردوغان إن الانتخابات التي جرت في سوريا «لا يمكن اعتبارها عادلة في الانظمة البرلمانية في العالم الحديث» مشددا على مقاطعة المعارضة السورية لها.
من جانبها، صرّحت كلينتون للصحافيين خلال زيارة لستوكهولم في معرض حديثها عن اتصال هاتفي بنظيرها الروسي لافروف الجمعة الماضية، إنه «خلال حديثنا، شددت على انه لن يكون هناك اي فائدة من اجراء لقاء (مع لافروف) اذا لم يأخذ في الاعتبار كل العناصر (الواردة) في خطة (كوفي) انان، وهذا يعني ان علينا ان نركّز على الانتقال السياسي». واضافت إن «تنحّي بشار الاسد يجب الا يكون شرطا مسبقا بل ينبغي ان يكون نتيجة، لكي تتاح للشعب السوري فرصة التعبير عن نفسه».
وأوضحت كلينتون أن رسالتها الى لافروف كانت: «علينا جميعا ان نكثّف جهودنا لتأمين انتقال سياسي وعلى روسيا أن تشارك لمساعدتنا. إن الشعب السوري يستحق التغيير». وليس مقررا ان يعقد اجتماع بين كلينتون ولافروف، لكن مسؤولا كبيرا في وزارة الخارجية الاميركية اعلن الجمعة الماضية ان البلدين سيباشران العمل معا على افكار.
أما سعود الفيصل فقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون على هامش مؤتمر حول الارهاب في جدة، إنه «قبل النظام (السوري) كل مبادرة قدمت لكنه لم ينفذها وهذه طريقة من الطرق التي يستخدمها لكسب الوقت». واضاف «لا اعتقد انه يتعامل باسلوب مختلف مع المبادرة الاخيرة لكوفي انان فهو يماطل ويناور ولن يصل الى اتفاق».
كما قال الفيصل إن «مندوب الامم المتحدة والجامعة العربية سيقدم تقريره خلال شهر او شهر ونصف لمجلس الامن نأمل ان يكون واضحا وشفافا يمثل الحقيقة كما هي ونأمل ان يتخذ مجلس الامن الموقف الحاسم لهذه المأساة وهي نقطة سوداء في جبين البشرية».
وأوضح الفيصل في هذا السياق أن «التدخل تحت البند السابع (الذي دعا إليه المجلس الوزاري العربي) يخص مجلس الامن وليس الجامعة العربية... اما قرار العمل العسكري لإنهاء الوضع في سوريا من قبل الدول العربية، فاعتقد ان العامل الرئيسي هو الأحداث التي تجري في العالم العربي، فالدول التي لديها الامكانيات للقيام بهذا العمل لديها مشاكل داخلية تحجبها عن هذا العمل». واعرب عن اعتقاده بأنه «لن تكون هناك ممارسة لأي عمل عسكري حتى تستقر الاوضاع في العالم العربي».
واضاف ردا على سؤال إن «المنطقة العازلة في سوريا مسؤولية مجلس الامن اذا كان هناك امكانية لاقامتها ليلجأ اليها المضطهدون والمطاردون... هذا شيء نؤيده».
وحول الاشتباكات في مدينة طرابلس، قال الوزير السعودي إن «ما يجري في طرابلس لا شك امتداد لما يحدث في سوريا. ونحن منذ فترة نلاحظ ان النظام يحاول ان يحول الصراع الى صراع طائفي». واضاف «هذه من الاشياء التي لا تهدد لبنان فقط بل سوريا نفسها لأنها قد تقسّم البلد وهذه ظاهرة خطرة جدا، وإن دلت على شيء فانما تدل على ان هذا الصراع طالما انه امتد فانه سيخلق ظروفا اسوأ مما هي عليه الازمة».
وقال وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان خلال قمة أمنية في سنغافورة، إن بلاده لن تشارك في أي عمل عسكري في سوريا إلا بتفويض من الامم المتحدة.
أما مندوب سوريا لدى الجامعة العربية يوسف أحمد فقال «إننا في الجمهورية العربية السورية نؤكد على موقفنا الثابت والرافض لأن يكون للجامعة (العربية) في ظل سياساتها المنحازة والسلبية أي دور أو تمثيل في الخطة الأممية التي يقود أنان جهود تنفيذها».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد