السوريون لا يتدخلون.. وربما «يتمنون» ترامب
في لقاء مخصص للاستماع والنقاش، جمع أحد المسؤولين السوريين الكبار مع صحافيين أجانب، سُئل أحدهم كما هي العادة أي من المرشحين الأميركيين للانتخابات الأميركية، هيلاري كلينتون أم دونالد ترامب، يدعو الأميركيين للانتخاب؟ كان جواب المسؤول ضاحكاً «نتمنى أن لا ينتخبوا أياً منهما».
لكن جدياً، قد يفضل السوريون رؤية المرشح الجمهوري دونالد ترامب في موقع الرئاسة الأميركية.
رسمياً، التعليق المتداول علناً مختلف. يرفض المسؤولون السوريون التدخل في مسار الانتخابات الأميركية، برغم أنهم يعرفون أن تصريحاً مقتضباً موجهاً نحو مرشح أو آخر، ربما تكون له تأثيراته.
لا تملك سوريا «مجموعة ضغط» في الولايات المتحدة، كما لا توظف نشطاء ولا تمتلكهم أيضاً، للتأثير في سياسة واشنطن تجاه دمشق، أو الشرق الاوسط عامة. وطبعا، لا تتوفر الثروات في سوريا، كما في بعض دول الخليج، التي يمكن أن تحدث فرقاً في الحملات الانتخابية للمرشحين.
برغم ذلك، لم يتردد معظم الصحافيين الأميركيين والغربيين الذين قابلوا المسؤولين السوريين على مدى الأشهر الأخيرة، في البحث عن إجابة يمكن أن تصب في خانة دعم مرشح على حساب الآخر.
فتوصيف مرشح بأنه «مفضل»، يمكن أن يصب في مصلحة خصمه لا شك، ولا سيما أن دمشق وحكومتها هما في قلب الحملة السياسية والإعلامية الأميركية المناهضة لسياسة دمشق وموقفها من الحرب الدائرة على أراضيها، وقد نالت نصيبها من النقاش على منابر المناظرات كما في استديوهات المؤسسات الإعلامية الاميركية.
«نحن نفضل أن لا نزج بأنفسنا بهذه المسألة»، يقول نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وليد المعلم، لقناة تلفزيونية بريطانية منذ أيام. «الشعب الأميركي هو من سيختار رئيسه».
لكن تعليق الرئيس السوري بشار الأسد يأتي أكثر شمولاً عادة، مشيراً إلى أن ما هو مهم هو السياسة التي سيتبعها المرشح بعد التنصيب، لا الحملة الانتخابية بحد ذاتها. وهو قال في أحد حواراته الصحافية في شهر أيلول الماضي: «عموما، إنهم يقولون شيئاً خلال الحملة الانتخابية ويفعلون عكسه بعد الحملة، كما نرى المسؤولين الأميركيين الآن فإنهم يقولون شيئاً في الصباح ويفعلون عكسه في المساء، وبالتالي لا تستطيع الحكم على أولئك الأشخاص طبقاً لما يقولونه، بصراحة لا تستطيع أن تثق بكلامهم، إننا لا نصغي إلى تصريحاتهم ولا نكترث لها ولا نصدقها، علينا أن ننتظر إلى أن يصبح المرشح رئيساً وأن نراقب سياسته وأفعاله وسلوكه، ليس لدينا الكثير من التوقعات، ولم يكن لدينا مثل هذه التوقعات في أي وقت من الأوقات، نأمل أن نتمكن من رؤية رؤساء أميركيين عقلانيين ومنصفين وملتزمين بالقانون الدولي ويتعاملون مع البلدان الأخرى على أساس الاحترام المتبادل والندية الخ، لكننا جميعاً نعرف أن هذا تفكير حالم وضرب من ضروب الوهم».
بالرغم من ذلك، فإنه من منافاة الحقيقة القول إن دمشق رسميا، وحتى شعبياً، لا تفضل فوز رجل الأعمال المثير للجدل ترامب، على منافسته عن الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون.
الأسباب ليست في تصريحات الرجل التي، برغم سلبيتها، تبدو أكثر قبولا لسياسة التعاطي مع حكومة الرئيس الأسد مستقبلاً.
ترامب وصف الرئيس السوري مراراً بـ«السيئ»، لكنه قال دوماً أيضاً إنه «أفضل من تنظيم الدولة الإسلامية»، كما أثنى على الحرب التي يقودها (مع الروس) ضد مقاتلي التنظيم في سوريا. بل وصل به الامر للقول أيضاً إن الاسد «أقوى من (الرئيس الاأميركي الحالي باراك) أوباما وأذكى من كلينتون».
هذه التصريحات تُريح مَن في دمشق. فهي مناقضة للخط الرسمي الشائع في السياسة الأميركية ضدها، وفي عموم الشرق الاوسط، وهي سياسة مؤسساتية، ستتبعها كلينتون كما اتبعها من سبقها، وستخضع المؤثرات الداخلية والخارجية ذاتها.
المرشحة الديموقراطية مخيفة أكثر، لأنها «قابلة للابتزاز» و «جزء من منظومة الفساد السياسي الأميركية»، وفق ما يقولونه هنا.
ينظر السوريون إلى كلينتون ويشاهدون وجه رئيس وزراء بريطانيا الأسبق طوني بلير، ووجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وغيرهما.
ترامب «ليس محصناً كرجل أعمال، من الصفقات، بل هي حياته». لكن الرجل يبدو مختلفاً، وقادراً على الاختلاف أكثر، إضافة «لكونه يمشي ويترك من يعارضه خلفه».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد