العراق: «مفوّضيّة الانتخابات»: تفهّم متأخّر لغضب الشارع
على الرغم من استمرار التظاهرات المطلبية، مع دخولها شهرها الثاني، ورفع المتظاهرين سقف مطالبهم، فإن البرلمان العراقي أقرّ، ليل أوّل من أمس، مشروع قانون «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، الذي أكّدت «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) على ضرورة «تمريره» (إلى جانب قانون الانتخابات التشريعية) سريعاً مرّاتٍ عدّة خلال بياناتها الماضية.
الحوارات التي تجريها الأحزاب والقوى السياسية شدّدت، بدورها، على ضرورة «تمرير» القانونين، في مسعى لاحتواء الغضب الشعبي المطالب بالدرجة الأولى بإصلاحات تطاول واقعه المعيشي، تليها مكافحة الفساد والفاسدين في الدرجة الثانية، أما ممارسة «الحقوق السياسية» فتحل ثالثة ضمن سلّم أولويات المتظاهرين.قانون «المفوضية» الجديد يتكوّن من 28 مادة، قُسّمت على فقرات فرعية، تنظّم آليات العمل الانتخابي تماشياً مع الحزم الإصلاحيّة التي تبنّتها السلطة التشريعية. ورغم مباركة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وزعماء الكتل، خطوة إقرار القانون، والتمني ببدء مرحلة جديدة من الحياة السياسية، غير أن «التشكيك» ببعض مواده ظلّ سيد الموقف بالنسبة الى بعض الأطراف.
وتتألف هيكلية «المفوضية» الجديدة من 7 قضاة مستقلين، بينهم 2 من «المكوّن الكردي»، يديرون العمل لـ 4 سنوات غير قابلة للتمديد، ويتم اختيارهم وفق نظام «القرعة»، وبتكليف من «مجلس القضاء الأعلى العراقي»، الذي سيكون مشرفاً على آلية الاختيار، فضلاً عن مستشارين اثنين يختارهما «مجلس شورى الدولة»، يعملان إلى جانب القضاة في إدارة العملية الانتخابية، وفق المادة الثالثة منه.
و تقول مصادر نيابية إن «استبشار الكتل السياسية بأعضاء المفوضية الجديدة، لم يخف علامات الخوف من اختيار القضاة وفق المحاصصة رغم اعتماد نظام القرعة»، مرجّحة أن يكون أعضاء «مجلس المفوضين» على الشكل الآتي: 2 من «المكوّن الشيعي»، و2 من «المكوّن السُنّي»، و2 من «المكوّن الكردي»، إضافة إلى قاض يمثّل «الأقلّيات». وفي السياق، تكشف مصادر نيابية أخرى عن «كواليس جلسة التصويت على القانون»، مشيرة إلى أن «الحزبين الكرديين (الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني لأبناء الراحل جلال الطالباني) قدّما اسمين، وطلبا اعتمادهما في «المفوضية» الجديدة، إلا أن بقية الكتل اعترضت اعتراضاً شديداً، ليدرج القانون على جدول أعمال الجلسة دون موافقة «الكردية».
وبانتظار الأسبوع المقبل والمتوقّع أن يشهد إقراراً لقانون الانتخابات التشريعية، على اعتبار أن تلك الخطوة تتماشى مع مطالب المحتجين والبرنامج الإصلاحي الذي وضعه البرلمان لاحتواء الأزمة المفتوحة، تبرز مشكلة «المفوضية» الجديدة في التكيّف مع طبيعة إدارة عملية الاقتراع. إذ إن القضاة المنتدبين بحاجة إلى فترة لفهم طبيعة عمل «المفوضية»، مع العلم بأن المدة القصوى لإجراء الانتخابات هي عام واحد، 6 أشهر منها تحديث لسجل الناخبين. غير أن مصادر سياسية تقول في حديثها إلى «الأخبار» إن «الكتل السياسية حدّدت سنة تحضيرية للمفوضين الجدد، بغية الاستعداد التام للبدء بأوّل إجراء انتخابي»، في إشارة مبطّنة إلى إمكانية تمديد عمر الحكومة المقبلة لأكثر من عام.
وبعد تصويت البرلمان على إحالة أعضاء «المفوضية» السابقة إلى التقاعد، حذّرت بعض الأطراف النيابية من تكرار سيناريو التدخل السياسي في عمل «مجلس المفوضين» الجدد. إذ إن المادة الـ 5 من القانون الحالي تمنح صلاحية إرسال أسماء القضاة المنتدبين لرئيس الجمهورية لمصلحة «جهات» لم تسمّها، ما يفتح باب التدخلات أو «تبنّي بعض القضاة» من قبل قوى وأحزاب، لأن مفردة «جهات» فضفاضة ولم تحدّد بجهة معيّنة. ثغرة يعتبر القانونيون أن من شأنها أن تفتح باب فرض الإرادة على عمل القضاة المنتدبين، رغم الاستبشار بإقرار «المفوضية» الجديدة.
الأخبار
إضافة تعليق جديد