الغرب بين خدعة الكيماوي و جنون داعش
الجمل ـ فيكتور ميكهين ترجمة: رنده القاسم: انتهت المرحلة الأخيرة من تدمير الأسلحة الكيماوية القادمة من سوريه ببساطه و بشكل عادي جدا. و كم من الخطب اللاذعة و التهديدات و التحذيرات أطلقت ذاك الوقت بشكل رسمي ضد سوريه، و تمت مناقشه هذه القضية بشكل شخصي من قبل الرئيس الأميركي باراك أوباما مع زملائه الغربيين. غير ان الحكومة السوريه الحاليه وافقت منذ البداية على ازالة و تدمير الأسلحة الكيماوية التي في حوزتها، و لم تكن مسؤولة عن التأخير في توقيت النقل ، لأن عدة مجموعات مقاتله،مسلحة من قبل الغرب ذاته و مموله من أنظمة عربيه في الخليج الفارسي، حاولت مهاجمة قوافل العربات التي تحمل الأسلحة الكيماوية بهدف وضع يدها على هذه الأسلحة القاتله.
و الآن بعد أن تم هذا العمل المهم جدا و المتمثل بعدم السماح بوجود هذه الأسلحة القاتله ضمن سوريه، يبدو أن الغرب لم يعد معنيا بالقضية، ما يخلق الانطباع بأن الذريعة الوحيدة وراء تدمير هذه الأسلحة الكيماوية هي سعي الغرب لاسقاط حكومة الرئيس بشار الأسد و احلال تابع لها مكانها. و هو الأمر الذي ذكر، و لكن بطريقة غير مباشرة و دون تصريحات رسميه، من قبل أمين عام الأمم المتحده بان كيمون. و حسب كلام ستيفن دوجاريك، موظف رسمي في الهيئة الدوليه، فان بان كيمون يعتبر تدمير قدرة سوريه على صناعة الأسلحة الكيماوية "نجاحا هاما للمجتمع الدولي" و يشجع السلطات السورية على تدمير ما تبقى من مواد مرتبطة ببرنامج السلاح الكيماوي.
و بنفس الوقت، قال متحدث البنتاغون، جون كيربي، و كأنه يتحدث عن مسأله عادية جدا: "هذا الصباح كلف وزير الدفاع ،تشاك هاغيل، قبطان السفينه ، كيب راي، بتهنئة الطاقم بانتهاء عملية في البحر ،لم يسبق لها مثيل، تهدف الى ابطال مفعول أكثر الأسلحة الكيماوية خطورة في الترسانه السوريه". و اعتبر هاغيل عملهم مساهمة هامة في الأمن العالمي.
و بلغة ناريه تحدث وزير الدفاع عن الأمن العالمي، بينما كل أفعال واشنطن تهدف الى اسقاط نظام بشار الأسد على يد مقاتلين و مجرمين أثبتت عدة حقائق أنهم سلحوا و دربوا في معسكرات من قبل الأميركيين على الأراضي التركية و من ثم أرسلوا الى سوريه. و حول هذا الموضوع وجه نائب وزير الخارجية السوري، فيصل مقداد، اللوم للولايات المتحدة و فرنسا و المملكة المتحده، في معرض تعبيره عن عدم ثقته في الغرب، و حملهم مسؤولية نشر الارهابيين في المنطقة الذين يهددون أمن الدول الغربية مثلما يهددون دول الشرق الأوسط. و قال: "لقد تجاهل مجلس الأمن في الأمم المتحده مئات الرسائل التي أرسلتها الحكومة السوريه حول الخطر الذي تشكله المجموعات الارهابيه" . و أكد على استعداد دمشق للتعاون في محاربة المتطرفين بالتوافق مع قرارات المنظمة الدوليه.
و الجدير ذكره ان وسائل الاعلام العالمية أشارت الى أن الائتلاف الوطني و القوى المتمردة المعارضة للحكومة السوريه، قد طبت من الولايات المتحدة ضربة جوية على مواقع ميليشيات داعش التي تقاتل ضد الجيش الحر حول مدينة حلب. و في هذا السياق قال فيصل مقداد :"سيعتبر أي عمل أحادي الجانب يتجاوز قرار مجلس الأمن 2170 اعتداءا على دولة مستقله".
و هنا تظهر صورة مثيرة للاهتمام. فمن جهة يعمل الغرب بشكل فعال على دعم مقاتلي المعارضة ، بتزويدهم بالسلاح و الأموال العربية، و لكن من جهة أخرى و بناء على طلب احدى مجموعات المعارضة، يتم التخطيط لتوجيه هجمات في العراق ضد قوى معارضة كانت بالأمس حلفاء مخلصين لأميركا . هل هذا ممكن؟ لما لا؟ في الواقع تبين أن فريق القوى الأميركية الخاصة أرسل سرا الى سوريه، دون اذن رسمي من دمشق، في محاولة فاشلة لانقاذ رهائن أميركيين أسروا هناك.
و قال متحدث البنتاغون جون كيربي :" حاولت الولايات المتحدة القيام بعملية تحرير عدد من الرهائن الأميركيين الذين أسرتهم الدولة الاسلامية في سوريه". و ذكر بأن العملية كانت جوا و برا و استهدفت مجموعة محددة من الميليشيات و أضاف : "لسوء الحظ لم تنجح العلمية لأن الرهائن لم يكونوا في المكان الذي يعتقد أنهم أسروا فيه ... غير أن الحكومة تستخدم كل استخباراتها العسكرية و امكانياتها الدبلوماسيه لضمان عودة المواطنين الأميركيين".
و بدورها ذكرت واشنطن بوست على لسان عدد من أعضاء الادارة الأميركية ،لم يذكر اسمهم، بأن العملية قامت بها قوات خاصة من كل الفروع العسكرية و هدفت لضمان تحرير الأسرى و من بينهم الصحفي جيمس فولي.
و لكن وفقا لتقارير الاعلام العالمي يوجد أكثر من ألفي أوروبي يقاتلون الى جانب ميليشيات داعش في العراق و سوريه، و من بينهم أعداد كبيرة من الولايات المتحدة و المملكة المتحده. هل هذا يعني أن بعض الأشخاص من دول غربية، يقاتلون الى جانب الميليشيات ،يقومون بأسر و اعدام مواطنين آخرين من الغرب؟
صحيفة الفرات السوريه طرحت و بجدية التساؤل حول المسؤولية التي يتحملها الغرب بسبب مشاركته في الأحداث السورية. فنحن نتعامل مع مجموعة ارهابية دوليه اتحدت تحت راية الدين و السؤال هو : لماذا تورط الكثير من المواطنين الغربيين بالأمر؟ و لا عجب أن الحكام الغربيين بدأوا بالحديث بقلق عن الخطر الذي سيواجهوه مع عودة مواطنيهم ، الذين يقاتلون الآن الى جانب الميليشيات، الى أوطانهم.
و من الواضح أن الوقت قد حان ليقوم الغرب و عدد من مملكات الخليج الفارسي بجلب المعارضه السوريه، التي دعموها بالمال و السلاح، الى طاولة المفاوضات مع دمشق لوضع نهاية لهذا الصراع.
*صحفي الروسي
عن مجلة New Eastern Outlook الالكترونيه
إضافة تعليق جديد