الفوعة وكفريا: ألف قذيفة في يوم واحد و 700 شهيد في نبل بعد 60 محاولة هجوم عليها
تستقبل بلدتا نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي عام الحصار الثالث، الذي تفرضه جماعات متشددة، أبرزها «جبهة النصرة»، وسط ارتفاع كبير في وتيرة القذائف التي بدأت تنهال على السكان ابتداء من اليوم الأول لعيد الفطر، في محاولة لتدمير الحياة في القريتين، بعد أن عجزت الفصائل عن اختراقهما، في وقت تعيش فيه الفوعة وكفريا المحاصرتان في ريف إدلب أياماً دامية، وسط محاولات هي الأعنف لاختراق القريتين المحاصرتين منذ نحو أربعة أشهر.
المشهد بين قريتي ريف حلب وقريتي ريف إدلب، التي يقطنها مواطنون ينتمون إلى أقليات دينية، لا يختلف كثيراً: حصار خانق مطبق عليهما، وأهال يواجهون الموت في منازلهم، يدافع عنهم شبان ورجال من اللجان الأهلية ممن نذروا أنفسهم للوقوف في وجه الموت، في معركة مصيرية وجودية.
وعلى الرغم من ارتفاع وتيرة القذائف التي تطال بلدتي نبل والزهراء (20 كيلومتراً شمال حلب)، إلا أن إصرار الفصائل التكفيرية على اختراقهما لا يبدو ذاته في ريف إدلب، حيث شنت عدة فصائل متشددة، أبرزها «جبهة النصرة»، هجوماً عنيفاً على الفوعة وكفريا من محوري بنش ومعرتمصرين، بالتزامن مع إطلاق غزير ومكثف للقذائف المتفجرة، والتي تجاوز عددها، أمس الاول، الألف قذيفة، تسببت بدمار كبير، ومقتل تسعة مدنيين، وإصابة العشرات، في وقت تصدت فيه اللجان الشعبية للهجوم، الذي يبدو أنه فشل في تحقيق إي خرق في خريطة السيطرة، في حين نجحت القذائف في تدمير منازل المدنيين وخطف أرواحهم.
وأوضح مصدر أهلي، أن القريتين تعيشان وقائع حصار خانق جداً، بدأ مع سقوط مدينة إدلب قبل نحو أربعة أشهر، في حين تقوم طوافات الجيش السوري بإلقاء المؤن بشكل مستمر، إلا أن هذه المساعدات ليست كافية بسبب الازدحام السكاني الكبير فيهما، حيث يقطنهما أكثر من 40 ألف مدني، بعضهم هجر من القرى المجاورة بتهمة الموالاة للحكومة السورية.
ويعاني سكان القريتين من نقص حاد في الطحين، والمواد الطبية والمحروقات، حيث يعتمدون بشكل كلي في حياتهم على ما تنتجه الأرض، والتي لا تكفي من جهة، كما أن معظمها واقع تحت نيران الفصائل التكفيرية في محيط القريتين من جهة أخرى، الأمر الذي ينذر بأزمة إنسانية كبيرة، تضع من ينجو من القذائف والرصاص عرضة للموت جوعا أو مرضاً.
الجيش السوري الذي انسحب من معظم أنحاء محافظة إدلب، لا يجد سبيلا في الوقت الحالي في تقديم يد العون للمواطنين المهددين بمجزرة جماعية على خلفية طائفية سوى الطائرات الحربية والطوافات، حيث يؤازر سلاح الجو السوري اللجان الشعبية في عمليات التصدي للمسلحين مع كل هجوم.
وفي ريف حلب، لا يبدو الوضع مختلفاً، إلا أن وطأة الحصار أقل ضراوة، بسبب وجود حدود للقريتين المحاصرتين مع منطقة عفرين التي يسيطر عليها الأكراد، الذين يلعبون دوراً محايداً في تلك المنطقة، الأمر الذي يؤمن ممرات للأغذية والمؤن، لا تكون متوفرة بشكل مستمر إلا أنها تكفي السكان، يضاف إليها ما تلقيه طوافات الجيش السوري بشكل متواتر.
وفي هذا السياق، كشف مصدر طبي في قرية نبّل، أن «حصيلة سنوات الحصار الثلاث تجاوزت الـ 700 شهيد، ومئات الجرحى»، إضافة لأضرار مادية كبيرة، موضحا أن القريتين «تعرضتا لنحو 60 محاولة اختراق وهجوم، والقصف اليومي الذي يطالهما»، بالإضافة لقيام الفصائل باختطاف نحو 120 مواطناً معظمهم من النساء والأطفال، بعضهم قام المتشددون بقتلهم.
وأمام الحصار الخانق الذي تعيشه القرى الأربع، الواقعة في ريف مفتوح على الأراضي التركية والذي يؤمن خطوط إمداد دائمة للمسلحين، لا يبدو أن ثمة أملا بتوقف القصف أو محاولات الاختراق إلا بعمل عسكري واسع، كان قد وصل إلى محاذاة نبّل والزهراء بريف حلب قبل أن يتوقف، في وقت يعلل فيه سكان الفوعة وكفريا أنفسهم باقتراب بدء عمل عسكري في ريف إدلب يرفع عن السكان المهددين، لأسباب طائفية، شبح الموت، وقذائفه، وحصاره.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد