القوات الأمريكية تشتري أعدائها في العراق
تحت شجرة بجوار طريق اشتهر بأنه ساحة معارك في "مثلث الموت" بالعراق يلتقي اللفتنانت كولونيل روبرت بالكافيدج مع المجندين الجدد في قوته.
الرجال من العرب السنة العراقيين وهم سيتلقون راتبهم من الجيش الامريكي باعتبارهم أفراد ميليشيا محلية. طلبوا منه بنادق.
ولكن القائد الامريكي قال لهم "أنا لن أعطيكم بنادق أو ذخائر." وكان الرجال يصغون باهتمام بينما كان المترجم يؤدي عمله.
وأضاف "تعرضت لاطلاق الرصاص مرات كافية بالنسبة لي كي أعلم أن هناك الكثير من البنادق والذخيرة. أنا شخصيا. بعضكم أيها الرجال ربما يكون قد أطلق علي الرصاص عدة مرات."
وتسعى القوات الامريكية بشكل تدريجي ومتعمد الى تجنيد مجموعات من الرجال المسلحين وربما يكونون من المقاتلين السابقين ودفع رواتبهم في استراتيجية تقول انها أدت الى الحد من العنف بصورة كبيرة في بعض أكثر المناطق خطورة في العراق في غضون أسابيع فقط.
وهي أنباء طيبة نادرة خلال أربع سنوات من الحرب ومثل هذا النجاح من المرجح أن يلعب دورا بارزا عندما يقدم قائد القوات الامريكية في العراق ديفيد بتريوس تقريرا طال انتظاره في منتصف سبتمبر ايلول.
ويقول بالكافيدج "الناس يقولون.. ولكنكم تدفعون للعدو. وأنا أقول.. هل لديكم فكرة أفضل...تجنيدهم أسهل كثيرا من احتجازهم أو قتلهم."
ولكن القوات الامريكية تقول أيضا ان الميشيليا التي تم تشكيلها في اطار ما يطلق عليه "برنامج المواطنين المعنيين" هو اجراء مؤقت. واذا ما كتب الصمود لهذا السلام النسبي فعلى الحكومة الشيعية أن توفر للمقاتلين وظائف حقيقية في القوات المسلحة وقوة الشرطة.
شنت القوات الامريكية حملة أمنية ضد المسلحين من العرب السنة والميليشيات الشيعية بعد أن رفعت واشنطن من حجم القوات الامريكية الى 160 ألفا بهدف القضاء على العنف الطائفي.
ونجحت في ذلك جزئيا ولكن ما زال يجري قتل المئات من الناس كل شهر.
وتغطي المنطقة التي يتولى بالكافيدج المسؤولية عنها في وادي نهر الفرات الى الجنوب من بغداد الخط الفاصل بين السنة في غرب العراق والشيعة في الجنوب.
وكانت الاراضي التي تكثر بها أشجار النخيل في وادي نهر الفرات معقل المقاتلين من العرب السنة في حين أن بلدات مضطربة مثل الاسكندرية والمسيب أصبحت بوتقة للعنف الطائفي وقاعدة للميليشيات الشيعية.
ومنذ اكتوبر تشرين الاول الماضي قتل 23 فردا من كتيبة بالكافيدج المكونة من 800 من المظليين في المنطقة التي تطلق عليها القوات الامريكية اسم "مثلث الموت".
ولكن تقارير وحدته تظهر تحسنا مفاجئا غير متوقع في الامن خلال الاسابيع القليلة الماضية. ففي مرحلة من المراحل كانت الكتيبة تتعرض لانفجار 16 قنبلة على الطريق يوميا ولكن هذا العدد انخفض الى أربعة في الاسبوع الماضي. وتوقفت تقريبا الهجمات بقذائف المورتر التي كانت متواصلة دائما.
ويركز "برنامج المواطنين المعنيين" على الطريق القادم من البلدة. وهو طريق استراتيجي يمثل الشريان الذي يربط بين المنطقة وبغداد ووادي الفرات في محافظة الانبار الى الغرب وهو مغلق منذ نحو عام.
وكانت اخر مرة قررت فيها قوات بالكافيدج استخدام هذا الطريق في يناير كانون الثاني عندما انفجرت فيهم ست قنابل على الطريق ودمر لهم ثلاث سيارات همفي وتعين عليهم خوض قتال لشق طريقهم.
ولكن عندما لجأوا الى هذا الطريق هذا الاسبوع قابلهم الشيخ صباح الجنابي وهو من زعماء عشيرة محلية مرتديا ملابس بيضاء ومسلحا بمسدس لامع مطلي بالكروم يضعه حول وسطه.
وقال الشيخ للكولونيل الامريكي الذي استقبله بود راسما على وجهه ابتسامة عريضة "يسرنا مقابلتكم...سيحرس رجالنا الطريق. اذا حدث أي اطلاق رصاص دعونا نرد نحن لا أنتم. نحن ننفذ وعدنا لكم."
سكان هذا الوادي من عشيرة الجنابي وهي عشيرة للعرب السنة كان يغدق عليها صدام حسين الذي استعان بقوة خاصة مرهوبة الجانب في هذا المكان لحماية العاصمة من الشيعة المتمردين الى الجنوب.
وعندما قامت سلطات الاحتلال الامريكي بحل الجيش العراقي عام 2003 عاد الكثير من عشيرة الجنابي الى ديارهم مسلحين وعاطلين وغاضبين وخائفين فانضموا الى المقاتلين.
ولكن في الاسابيع الاخيرة اتصل زعماء عشيرة الجنابي بالامريكيين ليعرضوا عليهم السلام. أخذت قوات بالكافيدج بصمات أصابع وعيون نحو ألف رجل في المنطقة.
ويحصل كل فرد في هذه الميليشيا على 370 دولارا شهريا أي نحو 70 في المئة من راتب أي شرطي أو جندي عراقي. ويجري توقيع العقود مع الشيوخ في القرى ويمنح كل منهم سلطة تجنيد ما بين 150 و200 رجل.
والخطة التي رسمها بالكافيدج لاول مرة على منديل مائدة ثم أضافها الى أوراقه العادية تظهر أن العملية تنتهي بحلول أوائل عام 2008 بعد دمج أفراد الميليشيا داخل الجيش والشرطة العراقية.
توقف للتحدث الى بعض أفراد الميليشيا في الوقت الذي دخل فيه طابور المشاة الامريكيين وجنود عراقيون أغلبهم من الشيعة ما كان يعتبر سابقا أرضا للعدو. دون بالكافيدج اسمي اثنين من أفراد الجنابي اللذين كانا من الضباط قبل الغزو الامريكي ووعدهما بمحاولة الحصول لهما على فرص عمل في الجيش أو الشرطة.
وقال عبد الرزاق حميد مرتديا عباءة فضفاضة ومسلحا ببندقية كلاشنيكوف يضعها على كتفه "كان يجدر بكم القيام بذلك منذ فترة طويلة."
وأضاف "لقد سبب غزوكم للعراق مصاعب. لقد دمر كل شيء ولم يكن لدينا رواتب. كل هؤلاء الرجال عاطلون."
وسأل الكولونيل عن فتح وسط البلدة واعادة بناء المراكز الصحية واصلاح المدارس.
فأومأ بالكافيدج قائلا "سوف نفعل هذا. علينا أن نستمر في التفاهم لا القتال."
المصدر: رويترز
إضافة تعليق جديد