الكويت تدخل أزمة استثنائية: القضاء يحل «مجلس الأمة» ويسترجع البرلمان المنحل
دخلت الكويت في أزمة سياسية استثنائية أمس، بعد أن قضت المحكمة الدستورية الكويتية، التي تعد أحكامها نهائية، في حكم غير مسبوق، ببطلان انتخابات مجلس الأمة (البرلمان) الحالي الذي تسيطر عليه المعارضة الإسلامية والقبلية، وإعادة المجلس السابق الذي حله الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح في كانون الأول الماضي.
ويبدو أن الوضع يتجه إلى إجراء انتخابات نيابية جديدة، بعد أن أعلنت الكتلة النيابية المعارضة في البرلمان السابق، والتي تضم 16 نائبا، استقالتها منه. وكان الأمير حل البرلمان السابق بعد أن شنت المعارضة حملة لعزل رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد الصباح، إثر فضيحة فساد تورط فيها نحو 15 نائبا. وقام متظاهرون ونواب باقتحام المجلس مطالبين بالإصلاح. وأسفرت الانتخابات التي جرت في شباط الماضي عن فوز ساحق للمعارضة بقيادة الإسلاميين والقبليين.
ويأتي حكم المحكمة بعد تعليق أمير الكويت الاثنين الماضي اجتماعات البرلمان لمدة شهر بهدف تهدئة التوترات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وكان عدد من النواب هددوا باستجواب وزراء بارزين، كما تطالب المعارضة النيابية بالحصول على 9 مقاعد وزارية من أصل 15.
وذكرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن المحكمة التي لا يمكن الطعن بأحكامها «تقضي ببطلان مرسوم الدعوة إلى انتخابات مجلس الأمة العام 2012 وعودة المجلس المنحل» الذي كان يشكل فيه الموالون للحكومة غالبية.
وقررت المحكمة «إبطال عملية الانتخاب برمتها التي أجريت في شباط العام 2012 في الدوائر الانتخابية الخمس، وعدم صحة من أعلن فوزهم بتلك الانتخابات لبطلان حل مجلس الأمة (المنتخب في العام 2009) وبطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة (2012) والتي تمت على أساسها هذه الانتخابات»، وان «يستعيد المجلس المنحل بقوة الدستور سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن». وأضافت أن «القوانين التي صدرت خلال فترة المجلس الذي قضي بإبطاله تظل سارية ونافذة إلى أن يتم إلغاؤها أو يقضى بعدم دستوريتها».
ورد نواب المعارضة بغضب على قرار المحكمة. ووصف النائب الإسلامي مسلم البراك قرار المحكمة بأنه «انقلاب على الدستور»، ودعا المعارضة إلى اتخاذ موقف جماعي. وقدم 16 نائبا معارضا على الأقل من نواب المجلس السابق الذي يضم 50 عضوا، استقالتهم من المجلس مؤكدين أنه «لا يشرفهم البقاء في مجلس رفضه الشعب». ودعا مناصرون للنواب المعارضين، على المواقع الاجتماعية على الانترنت، الى التظاهر أمام البرلمان. وأعلن رئيس اللجنة الدستورية البرلمانية محمد الدلال أن النواب سيلتزمون بالقرار. وقال «نحن نحترم أحكام القضاء».
وفي توضيح للحكم، قال المحامي يعقوب الصانع، الذي قدم الطعن ضد شرعية الانتخابات والبرلمان الحالي أمام المحكمة الدستورية، إن «المحكمة قضت بان المرسوم الأميري الذي حل البرلمان السابق والمرسوم الذي دعا إلى انتخابات 2012، غير دستوريين».
وأوضح ان الامير عين رئيسا جديدا للوزراء بموجب مرسوم اميري في نهاية تشرين الثاني الماضي هو الشيخ جابر المبارك الصباح، وانما «ابقى على نفس اعضاء الحكومة، وهو امر غير قانوني»، ما يجعل الحكومة غير قانونية، وبما ان تلك الحكومة هي التي اقرت المرسوم الاميري الخاص بحل البرلمان والمرسوم الخاص بالدعوة الى الانتخابات الجديدة بحسب التدابير التي ينص عليها الدستور، فبالتالي تكون الاجراءات الخاصة بالانتخابات برمتها غير قانونية بسبب وضع الحكومة السابقة.
وقال محللون إن الناخبين، الذين دعموا وصول الإسلاميين إلى البرلمان، لن يرحبوا بقرار المحكمة، لان عددا من النواب في البرلمان السابق، متهمون بالفساد. وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبد الله الشايجي إن «لا شعبية للبرلمان السابق، وهو لا يملك دعم غالبية الكويتيين الذين صوتوا ضد عودة النواب السابقين الذين صدرت إشاعات حول تورطهم بفضائح» فساد.
وتوقع المحللون ان تتم الدعوة، بعد عقد البرلمان السابق جلسته الأولى، إلى انتخابات جديدة تجرى بعد 60 يوما. وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت غانم النجار «لقد ادى القرار إلى فوضى، لكن لا يمكن استئناف حكم المحكمة الدستورية». واستبعد الإبقاء على البرلمان السابق، موضحا انه «اذا تم هذا الامر، فانه قد يعتبر تحديا لارادة الناس، ولا يمكن للحكومة تحمل هذا الامر».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد