المدرسة تقرع الجرس الحقائب ألوان زاهية وأسعار فاقعة
في سوق (الخجا) تجادل الأم من أجل أن يخفض لها البائع ثمن حقيبة المدرسة التي يعرض منها أنواعاً مختلفة بأسعار مختلفة أيضاً، ولكنه يصر على أنها لا تربح إلا القليل، وهي تطلب الرأفة بها لأن لديها 5 أطفال، هذا يعني أنها سترسلهم بلا حقائب إلى المدرسة، وأن هناك طلبات كثيرة لهم.
استمر الجدل ومضيت إلى بائع آخر وكانت الحوارات نفسها تتكرر عن أحوال الناس والغلاء، والمدهش أن الطرفين البائع والشاري معاً يقدمون الأعذار ذاتها عما وصلت إليه الأسعار كل من جانبه، والنتيجة أن مواطناً مهما كانت تسميته يدفع ضريبة ما وصلنا إليه. تعميم تربوي...مكرر كما في السنوات الماضية عممت وزارة التربية (عدم التشدد مع التلاميذ والطلاب في موضوع اللباس المدرسي، وقبول الموجود المناسب منه، والحرص على الدقة في تحديد المطلوب من اللوازم المدرسية)، وهذا يعني اللباس حصراً، ولكن ماذا عن اللوازم المدرسية الأخرى التي لا دور فيها لوزارة التربية.
حقائب منوعة... وأسعار ملونة من الحلبوني إلى سوق الخجا، وكذلك المكتبات المنتشرة في كل أسواقنا في المدينة والريف تصدرت الحقائب المدرسية الواجهات، وغلبت عليها الألوان الزاهية وصور الرسوم المتحركة التي تثير الطفل، وفي هذا بعض الحرفة بعد أن كانت الحقائب المدرسية طوال عقود بلون واحد لا حركة فيه ولا صورة، ولكن لهذا ضريبته التي يطالب بها التاجر. من 800 ليرة سورية إلى 2700 ليرة سورية سعر الحقيبة المدرسية الواحدة في سوق الخجا، ولا يختلف السعر كثيراً في باقي المحلات، ويبدو السوق المتخصص بالحقائب أرخص من سواه، ولكن هذا الفارق الكبير يحمل الريبة للمواطن الزبون، فالحقيبة بحسب البائع يمكن أن تبقى لشهر وهي غير مضمونة الجودة إذا كانت بـ700 ومضمونة لعام كامل بـ2700 ليرة سورية، ويمكن أن تحصل على حقيبة بـ1200 ليرة يمكن أن تصمد لفصل واحد...هذا هو المنطق الذي يتحدث فيه التاجر. حسبة المواطن مختلفة حسب عدد الأولاد، وحسب دخله، ويرى أنه سيدفع في كل الأحوال ثمن منطق التاجرالذي يقدم احتمالات كثيرة لكنها تفضي إلى نتيجة واحدة أن عليه أن يشتري بالسعر ألأعلى. وكحد وسطي إذا كان لدى لمواطن ثلاثة تلاميذ بمراحل دراسية مختلفة فعلية أن يدفع وسطياً ما يقرب من 7000 آلاف ليرة سورية فقط ثمن حقائب، وربما يصل المبلغ إلى 10000 ليرة سورية. قرطاسية (ستوك) أم...أورجينال القرطاسية متوفرة من قلم الرصاص إلى أفخر أنواع المساطر وعلب الهندسة... ألخ، وكما تشاء جيب المواطن، ولكنها محكومة بالجودة. أيضاً تقدم محلات الحلبوني عروضاً لأقلام برؤوس أبطال الكرتون يختلف سعرها حسب اللون والحجم والإثارة، وأما جودتها فتحتمل سعراً آخر، ولكن الأهالي يفضلون الأقلام العملية متوسطة السعر وهي مع ذلك التحفظ بين 50-100 ليرة سورية لأقلام الحبر الناشف، وبين 25-50 ليرة لقلم الرصاص. الدفاتر أيضاً خاضعة لنفس التسعير وبحسب الجودة والطباعة وعدد أوراقها، فسعر دفتر الخمسين طبق بين 50-100 ليرة سورية، وبشريط سعر الدفتر 100 طبق 175 ليرة وهكذا يتصاعد الرقم؟. مقابل هذه المكتبات ستجد أصنافاً أخرى تساعد على توسيع الخيارات فتقدم لك عرضاً أرخص بغض النظر عن الجودة، وليس من مجال لكي تناقش أو تترك مالا تريد، فالبيع هكذا حسب الحظ، ربما يمكنك الحصول على مجموعة أقلام جيدة بضربة حظ، أو أن تخسر ما دفعت، ومنطق صاحب البسطة هنا أن عليك أن تتحمل معه الخسارة لأنه يبيعك كما اشترى، وبالمحصلة الخسارة ليست كبيرة. هنا على البسطات تشتري الدفاتر والأقلام بأسعار أرخص من السوق بـ50 %، وهذا يعني أنه يمكنك الحصول على دفتر 50 طبقاً بخمسين ليرة، و100 طبق بـ100 ليرة سورية، وقلم الرصاص 20 ليرة ، والأزرق الناشف بألوانه المختلفة بين 35-40 ليرة. اللباس... أحد التجار يرى أن قرار وزارة التربية وجه لهم ضربة قاسية لأنه سيجعل المواطن يعزف عن الشراء، ولديهم الكثير من البضاعة التي لم تصرّف بعد. التجار أيضاً يدافعون عن سعر البدلة الغالي الذي يصل إلى 6000 ليرة سورية ويرون أنه منطقي قياساً للظروف الاقتصادية، والوضع الصعب الذي تعيشه الصناعة الوطنية من حصار، وغلاء المادة الخام. مواطن يتهكم على فكرة الخسارة التي يدعيها التجار بأنهم باعوا ما يفوق رأسمالهم وأن أرباحهم وصلت جيوبهم، وأن قرار التربية خدمهم فالمواطنون اشتروا مستلزمات أبنائهم، وأن قلة فقط هم من لم يشتروا حتى الآن فأيام قليلة متبقية على بدء العام الدراسي. سوق مفتوحة... كذلك المصائر كما خيارات السوق تبدو مفتوحة كذلك مصائر الطلبة التي تتنوع بحسب مكان الصراع، وإمكانية الأهل في تقديم ما يحتاجه الأبناء. في الجانب الآخر يعمل الكثيرون ممن هم في سن المدرسة في السوق ليعيلوا أسرهم التي اختلفت أيضاً مصائرها، وذهب استقرارها أدراج الحرب الدائرة، ولم يعودوا قادرين على العودة إلى صفوفهم ومقاعدهم. بعض التلاميذ تلقى تعليمه في عام واحد في أكثر من مدرسة، وكثيرون تسربوا إلى الشارع من أجل العمل، أو وقعوا ضحية لعصابات الخطف والجريمة المنتشرة في أماكن الصراع، وتحولوا إلى مشاريع جرائم مؤجلة ستنعكس على أجيال كاملة في المستقبل، وهذا أخطر ما في الأمر. قُرع الجرس... يحيا نشيد البلاد الأبدي لحين موسم أمان تحلم به العيون الصغيرة.... والقلوب الغافية على المقاعد الخشبية.
عبد الرزاق دياب
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد