المصارف: إلغاء الحسابات المشتركة سلبي على حجم الودائع
بدأ قرار مجلس النقد والتسليف الخاص بإلغاء الحسابات المشتركة للمودعين لدى المصارف يؤتي أكله، في تأثير في الودائع والسيولة وحجم الودائع في حسابات التوفير الموجودة لدى المصارف نسبياً.
وحسب مصادر مصرفية مطلعة، فإن الودائع لدى المصارف العامة، ومعاملاتها بالليرة السورية قد تأثرت بقرار مجلس النقد والتسليف القاضي باعتبار الحساب المشترك حساباً فردياً لكل المشتركين به، مشيرة إلى أن هذا التأثير تجلى بقيام عدد من المودعين سحب أموالهم من هذه الحسابات، في حين أن الظرف الحالي يتطلب مد الجسور مع المودعين واستقطابهم لإيداع المزيد من الأموال لدى المصارف، وصولاً إلى تعزيز الثقة وزيادتها بين المودعين والقطاع المصرفي السوري، في حين أن القرار آنف الذكر أفرز ابتعاداً لشريحة من المودعين عن صناديق المصارف.
وتتابع المصادر المصرفية بأن هذا النوع من القرارات التنظيمية يكون ممكناً بل مثمراً في الظروف العادية التي تشهد استقراراً، بما يحفظ حقوق المصارف وتلافي استفادة المودع من فوائد متعددة عبر حسابات متعددة مشتركة أو فردية، ولا يكون في فترة أزمة مثل التي تمر بها سورية حالياً، لأن ظروف الأزمة تتطلب المزيد من الودائع واستقطاب المودعين وأموالهم، لتعزيز الثقة أكثر، في وقت يشهد فيه القطاع المصرفي وسوق العملات إقبالاً على القطع الأجنبي، معتبرة في الوقت نفسه أن إصدار مثل هذا النوع من القرارات يستوجب استشارة المصارف العاملة، واستمزاج رأيها لكونها هي الموجودة في العمل التنفيذي اليومي، وتعرف مزاج المودع المكون بتعدده لمزاج السوق المصرفي، كما أنها تعيش يومياً متغيرات السوق المصرفية، إضافة إلى ضرورة التعاون مع المصارف العاملة قبل الإقدام على اتخاذ مثل هذه القرارات، لمعرفة حجم الحسابات المشتركة وكتلة أموالها وما تشكله من سيولة لدى المصارف ناهيك عن وضع أصحابها، بالنظر إلى العلاقة التي تمد المصارف جسورها مع مختلف شرائح زبائنها، وبالأخص كبار المودعين منهم، لجهة أن المصارف العاملة هي الأكثر معرفة بالنتائج المتوقعة لكل قرار وآثاره على المودعين والودائع.
وتضيف المصادر المصرفية، بأن عدم استمزاج رأي المصارف العاملة في هذا القرار، وإصداره قبل معرفة رأيها فيه، أفرز عدداً من سحوبات لودائع التوفير، كانت موجودة في صناديق المصارف، في وقت تهدف فيه المصارف إلى تشجيع الإيداع وفتح الحسابات وبالأخص من أصحاب الملايين وكبار المودعين، ممن استهدفهم القرار.
ووفقاً للمصادر المصرفية، فإن هذا القرار واجب التعديل إن لم يكن واجب الإلغاء من خلال اعتبار الملايين المودعة بكاملها مستفيدة من الفائدة التي يمنحها حساب التوفير، أو على أقل تقدير اعتبار الملايين الخمسة الأولى مستفيدة من معدل فائدة حساب التوفير الممنوحة، وليس المليون الأول فقط حسبما نصت عليه القرارات الصادرة في هذا الشأن، مضيفة بوجوب تعديل نسبة الملايين المستحقة لفائدة حساب التوفير على أساس الارتفاعات التي أصابت سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية، حيث يستفيد المليونان الأولان من الليرات السورية من معدل الفائدة هذه لكون سعر الصرف قد ازداد بمقدار يقارب الضعف، وبالتالي من حق المودع أن يستفيد من هذه الفائدة على أساس القيمة وليس على أساس عدد الليرات السورية التي حددتها القرارات الناظمة لمجلس النقد والتسليف بخصوص الفائدة على معدلات التوفير، مع الأخذ بالحسبان أن الفائدة التي تجنيها المصارف العاملة من ازدياد حجم الودائع وتعددها لديها، أكبر بمراحل وأكثر إنتاجية من معدل الفائدة الذي يجنيه المودع على أمواله المودعة في حساباته، من حيث السيولة ونسبتها والثقة بالمصارف السورية.
وكان القرار الصادر عن مجلس النقد والتسليف قد قضى باعتبار الحسابات المشتركة للمودعين حساباً فردياً لكل منهم، حيث لا يمكن لمن أودع في حساب توفير بالاشتراك مع شخص آخر، أن يفتح لنفسه حساباً آخر فردياً أو مشتركاً، لأنه والحال كذلك يكون قادراً على الاستفادة من الفائدة التي يمنحها حساب التوفير على الوديعة في كل حساب من حسابات التوفير، وتحقيقاً للهدف الحقيقي الذي نظمت لأجله حسابات التوفير وهو منح معدل الفائدة هذا البالغ 9% لصغار المودعين وليس أصحاب الملايين أو كبار المودعين الذين يمكن لهم الاستفادة من معدلات فائدة مناسبة لهم في الحسابات ذات الوديعة لأجل، مع الفائدة التي يجنيها المصرف من الودائع لأجل بعد ضمان بقائها في صناديقه فترة محددة، في الوقت الذي يمكن فيه لصاحب حساب التوفير كسر الوديعة وسحب ما يشاء من ماله، لتكون أمواله والحال كذلك مصنفة ضمن شريحة وديعة تحت الطلب، تبقى جاهزة ولا يمكن للمصرف الاستفادة منها، أي وديعة مجمدة.
مازن جلال خير بك
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد