المعارضة اللبنانية توافق على ترشيح سليمان وتطالب باستقالة الحكومة
مع إحياء قوى المعارضة اللبنانية أمس ذكرى مرور عام على بدء اعتصام أنصارها في وسط بيروت، وإعلانها في احتفال بذلك شارك فيه المئات استعدادها لتسوية سياسية، لا يزال إجراء تعديل على إحدى مواد الدستور اللبناني يتيح انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية مسألة أخذ ورد بشأن كيفية إيجاد المخارج التي تتيح ذلك، في ظل الفراغ الرئاسي الحاصل، والانقسام حول دور الحكومة وشرعيتها ودستوريتها. وقالت مصادر في قوى “14 آذار” إنها ماضية في ترشيح قائد الجيش، وإن مجلس الوزراء في جلسته أول أمس برئاسة فؤاد السنيورة أعطى إشارات واضحة وثابتة للسير في هذا الخيار. ورفضت ما تشيعه المعارضة أن قوى الأكثرية النيابية تناور في المسألة، وردت الكرة إلى ملعب المعارضة، ودعتها إلى أن تقول كلمتها بوضوح في شأن تأييدها لترشيح قائد الجيش من دون لبس أو إبهام.
وأفادت المصادر بأن قوى “14 آذار” ستصدر اليوم أو غدا بياناً شاملاً بشأن تأييدها لترشيح العماد سليمان، وأنها أبلغت عدداً من السفراء بهذا الموقف الذي سيكون حسب وصف هذه المصادر “بياناً تاريخياً”. وأضافت أن العماد ميشال سليمان ليس الشخص الذي يطرح للمناورة، وخصوصاً في هذه المرحلة.
إلى ذلك، شدد مصدر وزاري بارز أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع تعديل دستوري يتيح انتخاب العماد سليمان، لكن الاقتراح الذي قدمته المعارضة بشأن استقالة الحكومة، لتصبح حكومة تصريف أعمال لن يحصل، لأن حكومة تصريف الأعمال يحصر عملها في أضيق نطاق، وبالتالي لا يحق لها تعديل الدستور بشأن انتخاب رئيس الجمهورية.
والتقى الرئيس الأسبق أمين الجميّل ورئيس الهيئة التنفيذية في “القوات اللبنانية” سمير جعجع معاً العماد ميشال سليمان في مكتبه في وزارة الدفاع في اليرزة، وعُلم أن البحث تناول التطورات الرئاسية واتفاق الأغلبية النيابية على دعم ترشيح سليمان كمرشح توافقي وحيد للرئاسة.
ويعكف خبراء قانونيون ودستوريون على درس المخارج لإجراء التعديل الدستوري اللازم حيث سيتم تحضير الأجواء اللازمة لإنجاز مهمة انتخاب الرئيس في الموعد الذي حدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم الجمعة المقبل، أو ربما قبل ذلك إذا توافق جميع الفرقاء على الآلية. ونقل مصدر مقرب من بري أمس ترحيبه بأي إجماع وتوافق لبناني وعلى أي موضوع، وأنه جاهز في أي لحظة ليبارك التوافق وإخراجه، لكنه يستغرب كل الحديث عن الإجماع مع غياب الآليات المطلوبة لذلك، بدءا من التعديل الدستوري ومرورا بالحكومة وشكلها وبيانها الوزاري إلى أمور أخرى من الملفات الساخنة والعالقة، والتي هي موضع خلاف بين اللبنانيين.
وقال بري بحسب المصادر إنه لا أحد بعد فاتحه في عملية تعديل الدستور أو جلسة الانتخاب يوم الجمعة المقبل، ونفى عزمه تشكيل لجنة رباعية أو خماسية لدرس التعديلات الدستورية المطلوبة. وقال إنه مستعد لذلك، ولكن بعد وضع القطار على السكة، معتبرا أن كل ما يقال عن تعديل وانتخاب لا آلية عملية له بعد.
في المقابل، قالت مصادر في المعارضة إن قوى الغالبية النيابية تناور في موضوع الاستحقاق الرئاسي وترشيح العماد سليمان، وسألت كيف تخلت الغالبية عن مواقفها السابقة وانقلبت عليها وعادت وقبلت بتعديل الدستور وبالعماد سليمان، بعدما كانت تعارض ترشحه. وتخوفت من أن تكون هناك خطة ما، ولذلك تتريث المعارضة في استعجال الخطوة وتفضل درسها بروية. ورأت المصادر نفسها أن الغالبية في تسريبها خبر القبول بتعديل الدستور لمصلحة ترشيح سليمان حاولت أن تحتفظ لنفسها بحق المبادرة في إعلان تأييد قائد الجيش، ولو كانت جدية لتريثت واتخذت موقفا موحدا باسم كل القوى فيها لإعلان ترشيح العماد سليمان وتأييد هذا الترشيح.
واحتفلت المعارضة اللبنانية أمس بمرور عام على اعتصامها في وسط بيروت، وألقيت كلمات شككت في نيات الأكثرية بترشيح للعماد سليمان. وقد تجمع مئات من الشبان والنساء في ساحة رياض الصلح المجاورة لمقر رئاسة الحكومة، حاملين الأعلام اللبنانية وأعلام حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه العماد ميشال عون، إضافة إلى أعلام الحزب السوري القومي الاجتماعي، واستهل التحرك بالنشيد الوطني اللبناني، ورفعت لافتتان كبيرتان، كتب عليهما “عام على الاعتصام لأجل الوحدة الوطنية”، و”عام على الاعتصام رفضا للاستئثار”.
وحضر ممثلون للأحزاب والتيارات المعارضة يتقدمهم نواب من حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، وألقى النائب من حزب الله حسن الحاج حسن كلمة قال فيها إن منطق المعارضة انتصر وغلب لأنه منطق السلم الأهلي، في حين أن قوى 14 آذار تخرج من مأزق إلى آخر، وخاطب أقطاب الأكثرية النيابية قائلا “أثبتوا لنا صدقيتكم في طروحاتكم، وكفاكم تضييعا للوقت، فلن يدوم الحكم لكم”، وأضاف “أن المعارضة جاهزة لتسوية سياسية عبر رئيس توافقي وحكومة شراكة وطنية، وهي جاهزة أيضا لاستكمال تحركها إذا أمعن الفريق الآخر في غيه، واختار سبيلا غير سبيل التوافق”.
ومن المنتظر أن يعلن رئيس “تكتل الإصلاح والتغيير” النائب المعارض العماد ميشال عون غدا وثيقة مهمة بعد لقاء واسع في دارته يجمع فيه كل الذين شاركوا في المشاورات التي أجراها، إضافة إلى أعضاء تكتّله النيابي. وأفيد بأن قائد الجيش أجرى أول أمس اتصالاً مع عون، وشكر موقفه من دعم ترشيحه والإشادة به وبمواصفاته، لكن سليمان سأل عون توضيح القسم الآخر من حديثه عن ربط الترشيح بمبادرة، موضحاً أن أمر تحديد الولاية بفترة زمنية ليس بين يديه، بل ملك القوى التي ستشكل الإجماع على التوافق، ما فسره عون بأن سليمان يطالبه بالتخلي عن مبادرته وعدم ربط موقفه من ترشيحه بالعمل وفق هذه المبادرة.
ودعا النائب غسان تويني إلى العمل للوفاق، وطالب بالخروج من “العصفورية” الدستورية إلى “استقامة” دستورية، بحسب تعبيره، وتخوف من أن تصبح بذلة الجيش هي بذلة الرؤساء الدائمة، وتصبح بالتالي رئاسة الجمهورية رتبة عسكرية، وقال “إن الدولة لا تساس كما يساس الجيش ولا الشعب يعامل كجيش”، وأفاد بأن الاجتماع السري الذي عقد ليلا بين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط والنائب سعد الحريري رشح العماد ميشال سليمان لسدة الرئاسة.
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد