النظام السوري ما له وما عليه من المنظار الاوروبي
من يستمع إلى اي من قادة دول الاتحاد الاوروبي يدلي بمطالعته حول الاوضاع في سوريا ولبنان يخال له بان نظام الرئيس بشار الاسد سقط منذ اسابيع اذا لم يكن منذ اشهر، ولم يبق سوى الاعلان عن ذلك والبحث في البدائل القادرة على اعادة تشكيل نظام ديمقراطي حقيقي بحسب التعبير. ووفقا لهذه المطالعات، فان لبنان الواقع في مدار الازمة السورية سيتحول حكما إلى حديقة خلفية للنظام الجديد من خلال اعادة تركيب موازين قوى جديدة قادرة على محاكاة الخريطة السياسية والجيوسياسية المرسومة للمنطقة.
غير ان هذا الحديث العلني لا يلقى قبولا لدى بعض القادة الاكثر اعتدالا، بحيث يعتبر هؤلاء ان الخطأ الذي ترتكبه بعض دول الاتحاد التي ذهبت في لعبة اسقاط الاسد إلى نهايتها، وهي قد تكون نهاية غير سعيدة بالنسبة لهم، يعود بالاساس إلى الوثوق بتقارير وزارات الخارجية لديها وهي غالبا ما تعتمد في قراءاتها على مصادر اعلامية او استخبارية منحازة لا تصف الوضع على حقيقته والا لكان الاسد ونظامه اصبحا في خبر كان.
وفي هذا هذا السياق، دار حوار بين مسؤولين اوروبيين يختلفان في الرأي والنظرة حول مستقبل سوريا والدول المحيطة بها. فبعد ان عرض الاول (وهو الاكثر تشددا) للوقائع الميدانية التي تشير إلى تقدم المعارضة السورية على جيش النظام بحسب التعبير من حيث قدرتها على اقحامه في حرب استنزاف قاتلة ومدمرة ستنتهي إلى مزيد من الانكشافات والانشقاقات من شأنها ان تطيح بالاسد ونظامه المستمر منذ اكثر من اربعة عقود، عاجله الثاني بسؤال مباشر وصريح عبر عن الاختلافات في الرؤية، حول ما اذا كانت بلاده تتوقع النتائج ذاتها التي خرجت بها حرب اسرائيل على "حزب الله" صيف العام 2006، وتاليا لماذا تستبعد الدول الاوروبية المتشددة مثل هذه النتائج على صعيد المسار السوري، ولماذا تغفل هذه الفرضية في ظل حقائق لا يمكن تجاهلها. ولفت إلى أنّ سوريا لم تعد وحيدة في معركتها ضد الغرب بعد ان انضم اليها روسيا والصين وايران، فموقف الاولى استراتيجي بامتياز وهو غير قابل للنقاش حتى هذه اللحظة، فهي دخلت إلى المتوسط عبر البوابة السورية ولا ترغب بالخروج منه حتى لو ادى ذلك إلى حرب اقليمية جديدة، مع الاشارة إلى ان قاعدة طرطوس طالما شكلت حلما روسيا منذ ان تولى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئاسة روسيا للمرة الاولى، فلماذا الاستعجال في تركها بعد ان حقق هدفه الاستراتيجي. اما الثانية فللحقيقة انها واحدة من الدول المؤثرة اقتصاديا وسياسيا في مسار الازمات الدولية فضلا عن موقعها الذي لا يمكن تجاهله في مجلس الامن، وبالتالي فانها في طور قبض الثمن الاقتصادي المطلوب لموقفها هذا، فهي من جهة تؤسس إلى الاستئثار بمشاريع اعادة الاعمار من جهة، ولانشاء محطة لتوليد الطاقة في جبال سوريا تعتمد على الطاقة الشمسية البديلة من جهة ثانية، فضلا عن استثمارات اخرى في مجال الطاقة وتكرير النفط والغاز. اما بالنسبة لايران، اضاف الثاني، فانها لم تتخل يوما عن دعم الاسد، ولا يمكن نكران حقيقة واقعة وهي ان طهران دخلت نادي الدول النووية، وباتت لاعبة رئيسية في الخليجين العربي والفارسي وهي قادرة على تقديم شتى انواع الدعم المطلوب لصمود الاسد حتى لو تخلى عنه الجميع.
إزاء ذلك، اعتبر الأول أنّ الوقائع الميدانية التي تصل إلى خارجية بلاده عبر قنواتها السياسية والدبلوماسية تحتم معركة طويلة الامد لا يمكن لجيش نظامي ان يحتملها، والا تحول بدوره إلى ميليشيات تغذي مشروع الحرب الطائفية، لتبقى الأيام المقبلة كفيلة بتظهير الصورة مهما كانت ناصعة او قاتمة بالنسبة للنظام.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبناينة
إضافة تعليق جديد