برنامج أمريكي لتسليح عشائر العراق
توقع قادة عسكريون أميركيون استمرار المعارك ضد تنظيم «القاعدة» في محافظة ديالى بين 45 و60 يوماً، مؤكدين تعاون بعض العشائر معهم. وأعربوا عن عزمهم تعميم هذه التجربة على بقية المحافظات، من خلال برنامج حذر لتسليح وتدريب وحدات «الشرطة العشائرية». لكن المسؤول العسكري الثاني في الجيش الأميركي في العراق الجنرال رايموند اوديرنو أكد أن واشنطن لا تزود المتمردين أسلحة «على رغم اقامتنا اتصالات مع بعض منهم».
ويبدو أن هناك سباقاً بين الحكومة العراقية والقوات الأميركية على خطب ود العشائر، فبعدما استنكر رئيس الوزراء نوري المالكي تسليحها واعتبره عملاً خطيراً «يؤدي الى تعميم الفوضى وظهور ميليشيات جديدة»، أعلن في بيان أمس تشكيل لجنة مركزية عليا للاشراف على عملية التسليح «بطريقة مدروسة».
وكشف جنرال أميركي أمس، أن مئات من عناصر تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين» محاصرون في غرب بعقوبة حيث يشن آلاف الجنود الأميركيين عملية واسعة النطاق ضد هذا التنظيم منذ الثلثاء الماضي وقتل أمس 17 عنصراً من التنظيم بينهم قائد من أصل ليبي. إلا أن البريغادير - جنرال ميك بدناريك نائب قائد عام العمليات في الفرقة 25 مشاة أقر بأن جنوده يواجهون مقاومة شرسة، لافتاً الى أن القتال يدور «من منزل الى منزل ومن مبنى الى مبنى ومن شارع الى شارع». كما أن عناصر «القاعدة» تستخدم ممرات الصرف الصحي والسيارات والشاحنات. وتابع أن العملية «تتواصل ليلاً نهاراً بالنسبة إلينا ولأعدائنا على حد سواء». لكن قائد القوات البرية في الجيش الأميركي اللفتنانت - جنرال رايموند أوديرنو قال إن ثلاثة أرباع قياديي «القاعدة» فروا من بعقوبة بعدما علموا عبر الاستخبارات المحترفة للتنظيم بأن هناك عملية أميركية وشيكة. وأعرب عن اعتقاده بأن «80 في المئة من قياديي الصف الأول في القاعدة فروا من المدينة، إلا أننا سنجدهم لأن ثمانين في المئة من القادة الصغار ما زالوا فيها».
وقال بدناريك إن مئات من متشددي «القاعدة» يتمركزون حول مدينة بعقوبة، مضيفاً أن المهمة ستكون طويلة وخطيرة لطردهم من هناك لأن «بعضهم... بالتأكيد سيقاتل حتى الموت». وأكد أن «هناك بعض المنازل التي كانت تستخدمها القاعدة مقرات آمنة... كل بنيتها محشوة بكميات هائلة من المتفجرات».
يذكر أن بعقوبة هي عاصمة محافظة ديالى، وكانت معقلاً لـ «القاعدة»، لكن الهجمات ضد القوات الأميركية والعراقية زادت منذ الحملة الأمنية التي بدأت قبل أربعة أشهر بقيادة الولايات المتحدة في بغداد وعمليات في أماكن أخرى دفعت كثيراً من متشددي «القاعدة» ومسلحين آخرين الى البحث عن ملاذ آمن في ديالى.
وقال بدناريك إن القوات الأميركية توصلت الى بعض الاكتشافات المروعة وهي تجوب بعقوبة. وأضاف أن السكان قادوا الجنود الى منزل في الجزء الغربي من المدينة كان يستخدم في ما يبدو لاحتجاز الرهائن وتعذيبهم وقتلهم، لافتاً الى أن الجنود دمروه. وأوضح بدناريك: «عندما تدخل إلى غرفة، وترى آثار دماء ومناشير ومثاقب وأسلحة، فهذا شيء غير عادي».
وأضاف أن عرباً سنة من السكان يشاركون في عملية ديالى، مقراً بأنهم يعارضون وجود القوات الأميركية، إلا أنهم يرغبون في الوقت ذاته في إنهاء هيمنة تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين» على مجتمعاتهم. وأضاف هذا المسؤول الأميركي أن هذه المشاركة تشمل أيضاً مقاتلين من «كتائب ثورة العشرين» وهي جماعة مسلحة سنية انشقت عن «القاعدة» بسبب أعمال القتل التي ترتكبها الأخيرة من دون تمييز في حق المدنيين العراقيين. وأكد بدناريك أن قواته تقدم الدعم في النقل والعتاد. وكان القادة العسكريون الأميركيون بدأوا وبدرجة متزايدة تسليح وتجهيز عشائر سنية للقتال ضد «القاعدة»، وفقاً لنموذج استخدم للمرة الأولى في محافظة الأنبار.
وكان المالكي صرح السبت الماضي بأن الجيش الأميركي يمكن ان يكون السبب في ظهور ميليشيات جديدة بتقديمه أسلحة الى عشائر عراقية، مشدداً على ضرورة ترك قرارات من هذا النوع لحكومته.
وقال في مقابلة مع مجلة «نيوزويك» الاميركية ان «عدداً من ضباط الميدان يرتكبون أخطاء (...) بتسليحهم بعض العشائر احياناً. هذا يشكل خطراً لأنه سيؤدي الى قيام ميليشيات جديدة. اعتقد ان قوات التحالف لا تعرف خلفيات العشائر».
وأكد بيان للحكومة العراقية أمس تشكيل لجنة مركزية عليا لتسليح العشائر و «تفويت الفرصة على الارهابيين وعدم السماح لهم بتحقيق مآربهم الخبيثة خصوصاً مع وجود معلومات متضافرة لدى الاجهزة الأمنية عن تخطيط هؤلاء للتسلل عبر هذا المجهود لبلوغ أهدافهم». وتابع ان «الحكومة لا تخشى تسليح العشائر بل تخشى الفوضى وعدم الانضباط وظهور ميليشيا جديدة ولا بد ان يتم كل نشاط تحت السيادة العراقية وبإشراف من الحكومة».
وأضاف أن المالكي «ينتهز هذه الفرصة ليؤكد مرة أخرى أهمية دور العشائر في مساعدة الحكومة على تحقيق الاستقرار وسيادة القانون وإلحاق الهزيمة بكل المحاولات الرامية الى شق الصف الوطني». وختم البيان بأن «النجاحات التي تحققت في محافظة الانبار أصبحت مثالاً يحتذى (...) وكذلك دعم عشائر ديالى في مقاومة الجماعات التي عاثت فساداً».
يشار الى ان عدداً من عشائر العرب السنة في الانبار (غرب) شكلوا منتصف ايلول (سبتمبر) 2006 مؤتمر «صحوة الانبار» وذراعه العسكرية «مجلس انقاذ الانبار» لمحاربة «القاعدة» والتنظيمات المتشددة التي تدور في فلكها إثر خلافات بين الطرفين. وبدأ بعض العشائر في محافظة ديالى محاولة لتشكيل تجمع مماثل.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد