تأييد واسع لدعوى المسيري ضد مبارك لاستهانته باللغة العربية
لقيت الدعوى القضائية ضد الرئيس المصري ورئيس وزرائه لاتهامهما بعدم القيام بواجباتهما الوظيفية لحماية اللغة العربية، ترحيبا كبيرا لدى النخبة المثقفة في البلاد والتي رأت فيها خطوة مهمة على طريق إحياء لغة الضاد ومواجهة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها
ورفع الكاتب عبد الوهاب المسيري ومجموعة من المثقفين والمهتمين بالهوية السياسية العربية قبل أسبوع هذه الدعوى
وقال د. المسيري "إن تبعية الأنظمة العربية والنخب السياسية بها للغرب قادت مجتمعاتنا نحو حالة من التغريب أصبحت معها اللغة العربية ضيفا غير مرحب به فى ثقافتنا وتراثنا الحديث".
كما أكد اللغة هي وعاء الثقافة والتراث والذاكرة التاريخية للشعوب، وأن الحملة الشرسة من الداخل والخارج ضد اللغة العربية "تهدد بسلب هوية المواطن العربي وتحويله إلى كائن استهلاكي طفيلي كما يريده النظام العالمي الجديد".
وحذر د. المسيري من أن ضياع اللغة وتفرق الشعوب العربية بين لهجات عامية ومحلية سيؤدي إلى تقطيع أواصر الوحدة بين تلك الشعوب وإفقادها ميزة تنفرد بها من بين دول العالم النامي جميعها، وهي وحدة اللغة وبالتالي وحدة الثقافة والتراث.
وهاجم "إهمال" الحكومة المصرية للغة "وتورطها" أحيانا فى المساهمة بتراجعها وتغريبها لدى قطاعات المجتمع خاصة مجالي الإعلام والتعليم، متهما القطاع الخاص بتحقير اللغة عبر اشتراطه تعيين موظفيين من خريجي الجامعات الأجنبية وإجبارهم أحيانا على التحدث بتلك اللغات في أوقات وأماكن العمل.
وقال د. عبد الوهاب "من يطالع لافتات المحلات بشوارع القاهرة ومراكزها التجارية ومن يقرأ إعلانات الجرائد التي يخلو بعضها من حرف واحد بالعربية، يعتقد أننا فى دولة أخرى لا ينص دستورها على أن العربية هي لغة الدولة الرسمية".
وحمل الكاتب أساتذة اللغة بالجامعات العربية مسؤولية مماثلة، وقال إنهم يتحدثون بالعامية وهم يدرسون العربية موضحا أن رفض تلك الجامعات تعريب بعض المواد العلمية مثل الطب والصيدلة والهندسة يزيد من "الغربة" التي تعيشها اللغة فى مجتمعاتنا العربية.
من جانبه، حذر رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة محمود حافظ من استمرار "العدوان" على اللغة، معتبرا أنه بعد جيل أو جيلين ستنشأ في مصر طبقة اجتماعية لا تنتمي إليها ولا إلى اللغة العربية بل تنتمي إلى لغات أجنبية وبلدان تلك اللغات
وقال حافظ إنه توجد بمصر حاليا 250 مدرسة أجنبية تدرس العلوم بغير العربية تماما، إضافة إلى جامعات أجنبية قائمة وأخرى في طور التأسيس مؤكدا أنه ليس ضد تعلم اللغات الأجنبية. لكنه حذر من "مؤامرات تحاك منذ سنوات للنيل من اللغة ظهرت حاليا على الساحة في صورة اعتداءات صارخة وهجمة شرسة للنيل منها".
من جهته أيد الكاتب والسيناريست أسامة أنور عكاشة كلام المسيري في أن المجتمعات العربية تتعرض لتشويه لغوي، يظهر بوضوح ليس فقط في لافتات المحلات وإعلانات الصحف ولغة التخاطب بين الشباب بل أيضا فى الفن والسينما "التي تشهد موجة من الإسفاف اللغوي مؤخرا سواء في أسماء الأفلام أو اللغة التي يتحدث بها الممثلون في هذه الأعمال".
وأشارعكاشة إلى أن اقتصار الفصحى على الأعمال الفنية التاريخية والدينية لا ينال من قيمتها ومكانتها "لكن تعميمها على باقي الأعمال الفنية يمنع التواصل الوجداني مع المشاهد، بعكس الأعمال التاريخية التى تتطلب الفصحى بما تحمله من شموخ وثراء لغوي".
وشدد الكاتب على أن الأرباح المادية التي تحققها "الأفلام المسفة" ليست دليلا على أنها انعكاس لثقافة المجتمع كله. وقال "هناك فترات ينحدر فيها الذوق العام لدى الناس، لكن علينا التيقظ وعدم ركوب موجة الإسفاف.. هذا يزيد الطين بلة".
يُذكر أن المسيري كان أعلن في مؤتمر صحفي أنه أقام دعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بصفتيهما "لإلزامهما بإصدار القرارات المنظمة والملزمة لمنع استخدام ألفاظ أو عبارات أجنبية للإعلان في وسائل الإعلام أو عناوين المحال التجارية وإلزام وسائل الإعلام المختلفة باستخدام اللغة العربية الفصحى".
وقال د. عبد الوهاب إن عددا كبيرا من جمعيات المحافظة على العربية إضافة إلى مفكرين وسياسيين وأدباء تضامنوا معه في رفع الدعوى التي اعتبرها شرارة الانطلاق، سيتبعها عدة فعاليات أخرى من بينها إطلاق موقع إلكتروني لجمع التوقيعات المتضامنة، ونشر بيان التضامن في الصحف ووسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية.
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد