تجار استوردوا سلعاً بأسعار رخيصة وتباع بأضعاف كثيرة للمستهلك
أشارت وثائق تتضمن أسعار بعض السلع والمواد الأساسية المستوردة عام 2013، إلى أن تجار في القطاع الخاص استوردوا منذ بداية العام الحالي، عدة شحنات من الأرز من مصر وتايلاند والهند وإسبانيا وأستراليا والولايات المتحدة الأميركية وروسيا والباكستان، بأسعار راوحت بين 40 ليرة و57 ليرة للكيلو غرام الواحد، مضافاً إليها ليرة واحدة رسوماً جمركية، على حين يراوح سعر كيلو غرام الرز في السوق للمستهلك من 100 إلى 250 ليرة وأكثر من 400 ليرة لبعض الأنواع.
وبحسب صحيفة "الوطن" المحلية، فقد أشارت الوثائق إلى شحنات دقيق قمح، استوردها تجار في القطاع الخاص من لبنان، بسعر 31 ليرة للكيلو غرام الواحد و37 ليرة للكيلو غرام الواحد، مضافاً إليها ليرة واحدة للكيلو رسوماً جمركية، إضافة إلى شحنات مستوردة من مصر بسعر 39 ليرة للكيلو، مضافاً إليها ليرة واحدة لكل كيلو كرسوم جمركية، وأخرى مستوردة من الهند وأوكرانيا بسعر 39 ليرة، مضافاً إليها 5 ليرات للكيلو كرسوم جمركية، على حين يباع كيلو الدقيق المعلبفي السوق للمستهلك بسعر 170 ليرة، ونحو 150 ليرة بالشوال.
أما السكر الأبيض المكرر، فتشير الوثائق المذكورة إلى أن تجارنا في القطاع الخاص، يستوردونه من دول مختلفة بأسعار تراوح بين 48 و55 ليرة للكيلو غرام الواحد، مضافاً إليه ليرتان إلى 3 ليرات رسوماً جمركية، على حين يباع كيلو السكر الفرط للمستهلك بـ100 ليرة وبـ 120 ليرة للكيلو الـ مكيّس.
وتبيّن الوثائق أن تجاراً في القطاع الخاص استوردوا شحنات من التونة من دول مختلفة، بينها تايلاند، حيث بلغ سعر كيلو التونة 293 إلى 298 ليرة، مضافاً إليه 24 ليرة رسوماً جمركية، ليبلغ سعر علبة التونة بوزن 160 غراماً مع الرسوم الجمركية نحو 51 ليرة، على حين تباع العلبة نفسها للمستهلك بـ180 ليرة.
فهل يمكن تبرير هذه الهوة الشاسعة بين سعر الاستيراد وبين السعر للمستهلك، بارتفاع أجور النقل وغيرها من الحيثيات المكونة لسعر التكلفة؟
عضو "مجلس الشعب" عمار بكداش الأمين العام للحزب الشيوعي السوري قال: "حتى لو أضفنا أجور النقل والعمال وغيرها من التكاليف، تظل الهوة شاسعة بين سعر التكلفة وبين سعر المبيع للمستهلك، وهنا تضعف حجة التجار في رفع أسعارهم وتبرير ذلك بارتفاع سعر صرف الدولار".
وقال بكداش: "إذا كان التجار يصرحون بالأسعار الحقيقية في بياناتهم الجمركية، فهذا يعني ربحاً فاحشاً واحتكارياً ومضاربياً مقارنة مع سعر المبيع للمستهلك، أما إذا كانوا يصرّحون بأسعار أقل من الأسعار الحقيقية، فهذا يعني كذلك مضاربة وتلاعباً على حساب الشعب، لأنه يعني تهرباً ضريبياً من الاستحقاقات الواجب دفعها لخزينة الدولة، وفي الحالتين كلتيهما هناك إساءات تُرتكب بحق الوطن والمواطن، في سبيل الغنى الفاحش وتكوين ثروات هائلة عبر استغلال محنة الوطن والمواطن".
وأضاف بكداش: "ها نحن نقطف أشواك ما بذرته حكومة "عطري- دردري"، وهذا تأكيد لكل ما قلناه سابقاً من أن المحتكرين والمتلاعبين بقوت الشعب وتجار الأزمات، بفضل المبدأ الاقتصادي الذي اتخذته الحكومة منذ عام 2005 برفع يد الدولة عن التجارة الداخلية بشكل كبير وعن التجارة الخارجية بشكل مطلق، وهو ما أراده ونادى به جهابذة الليبرالية الاقتصادية، بحجة أن اليد الخفية للسوق هي التي ستسوي كل مشكلاته".
وتابع بكداش بالقول: "إلا أن الحكومة الحالية لم تتخذ أي إجراءات ميدانية أو إجرائية لحل هذه المشكلات، ولزيادة دور الدولة التدخلي الرقابي بحجة غياب القاعدة التشريعية، فهي من جهة تتذرع بعدم وجود قاعدة تشريعية تسمح بتولي الدولة هذا الدور، الذي سلبتها إياه السياسة الاقتصادية الليبرالية، ومن جهة أخرى لا تسعى لإعادة هذا الدور للدولة، والواضح هو عدم توافر الإرادة لدى الحكومة للعب الدولة هذا الدور، لأنها لم تبذل أي جهد لتعديل التشريعات المتعلقة، وعندما تُطالب بوضع القاعدة التشريعية المطلوبة تتذرع بأنها لا تمتلك الوقت، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تتخذ قراراً بالعودة مباشرة إلى القاعدة التشريعية التي كان معمولاً بها قبل عام 2005، وهذا أمر بالغ الضرورة في هذه الظروف التي يمر بها الوطن والتي هو أعوز ما يكون فيها إلى اقتصاد منيع وممركز ومستعد لأي عدوان.
ورأى بكداش، أن إعداد القاعدة التشريعية المطلوبة أو العودة إلى القاعدة التشريعية السابقة، سيمكن الدولة من ضبط السوق من خلال الرقابة الشديدة وقمع المحتكرين عبر بناء الجهاز الرقابي الذي تمنع التشريعات الليبرالية الحالية بناءه، ومن خلال زيادة دور الدولة التدخلي في التجارتين الداخلية والخارجية، واللذين قضت عليهما السياسة الليبرالية الاقتصادية، ومع أن الحكومة أجرت مؤخراً صفقات في مجال التجارة الخارجية لتأمين بعض المواد الأساسية، إلا أن المطلوب هو عودة دورها في هذا المجال بشكل مؤسساتي، عبر إحياء مؤسسات التجارة الخارجية التي أغلقتها حكومة "العطري- دردري".
إضافة تعليق جديد