تكلفة المولود الحديث تعادل راتب الموظف لخمسة أشهرٍ

لم تسلم حاجيات المولود الجديد في سورية من لهيب الأسعار، التي تقفز يومياً على سلم الأسعار الصعبة تارةً، وتارة أخرى بحجة غلاء المواد الأولية، ورغم أن وجود مولود جديد في أية عائلة يعتبر فرحةً كبيرةً، غير أن هذا الحدث السعيد لا يعكر صفوه إلا تفكير الوالدين بالأعباء الإضافية التي ستترتب على وجود شخص جديد بالأسرة، وما ستحمله من مصاريف جمّة، بداية بتكلفة الولادة، مروراً بتجهيزات المولود الجديد، وليس نهاية عند مصاريفه الشاقّة قريبة المدى، وبعيدته، حتى باتت جملة “رزقه على الله”، لا تضمن أن هذا الطفل سيأتي في ظروف اقتصادية مريحة، حيث باتت تكلفة استقباله تتراوح بين 75-130 ألف ليرة أي ما يعادل راتب موظف المتوسط في خمسة أشهر.

تكلفة الولادة في المشفى “خيالية”

ووفقاً لرصد  على المشافي الخاصة والحكومية في دمشق، تبيّن أن تكلفة الولادة تتراوح بين 9 آلاف ومئة ألف ليرة، تخضع تكلفة الولادة لمجموعة اعتبارات، أبرزها نوعية الولادة، ودرجة المشفى الذي تتم به، حيث بلغت كلفة الولادة القيصرية في مشفى الشامي بحدود 75 ألف ليرة، أما الطبيعية فوصلت إلى 35 ألف ليرة.

أما المشافي “الأقل درجة منه”، فتراوحت تكلفة الولادة فيها بين 50 ألف ليرة للقيصرية، و30 ألف للطبيعية، مع العلم أن هذا المبلغ لا يشمل المصاريف الجانبية والأدوية التي تلحق الحمل، والإكراميات التي تفرضها كلمة “مبارك ما أجاكم” من الموظفين في المشافي المختلفة.

 وفي “مشفى المواساة الخيري” للتوليد، فإن كلفة الولادة بلغت 9 آلاف ليرة فقط، وهو ما جعله مزدحماً، ومقصداً لعدد كبير من الحوامل أصحاب الدخل المحدود.

“الديارة” ضمن لائحة الغلاء

بعد الولادة مباشرة وداخل المشفى، يكون ذوي المولود قد جهزوا له ملابس خاصة تعرف محلّياً بـ”الديارة”، تتضمن عادة عدة قطع توضع بعلبة خاصة، تأخذها السيدة معها للمشفى ليلبسها الطفل لحظة ولادته، تتراوح تكلفتها بين 1000-2000 ليرة، وباقي المستلزمات من ألبسة داخلية ومناشف وأفرولات خارجية وجوارب ومعدات الاستحمام والحقيبة والحرام وأغطية للطفل ووسائد لا تقل كلفتها عن 7000 ليرة، وطبعاً الطفل يحتاج لسرير خاص به وهذا لا يقل سعره عن 5000 ليرة مع فرشها ووسادتها، يضاف إلى ذلك كرسي وحمّالة خاصة، ليتربع عليها الطفل في أشهره الأولى وثمنها بحدود 2500 ليرة.

كل ذلك مع الأخذ بالاعتبار، أن هذه الأسعار متّبعة في أسواق الحميدية والحريقة متوسطة الثمن، أما في الأسواق الراقية التي تتواجد فيها شركات الألبسة بكثرة كأسواق الحمراء والشعلان فتبلغ التكلفة حوالي الضعف في بعض الشركات.

مصاريف طويلة المدى

كل الأسعار السابقة تنطبق على فترة الولادة فقط، لذلك تعتبر مصاريف مرحليّة، أي أنها تنتهي في الشهر الأول من عمر الطفل، لكن هناك مصاريف ثابتة تلازم الأهل لفترات طويلة، وأبرزها الحليب الصناعي الذي جنحت لاستخدامه معظم السيدات، وبلغ ثمن عبوة الحليب من نوع “نان” بحدود 1400 ليرة، أما حليب “بي بي لي” فبلغ ثمنه 1300 ليرة، بينما كان ثمن عبوة حليب “نيدو” من وزن 400 غرام حوالي 1400 ليرة، والعبوة من وزن 900 غرام 2900 ليرة، وهذا الكلام ينطبق على حليب النيدو الخاص بالأطفال، أما النيدو العادي الذي يبدأ استخدامه بعد مرور السنة الأولى من حياة الطفل، فبلغ ثمنه 1150 ليرة للكيس من فئة 400 غرام، و2300 ليرة للكيس من وزن 900 غرام، ويحتاج الطفل إلى عبوة حليب صغيرة 400 غرام كل أربعة أيام.

هذه المصاريف لا تتوقف عند حدود الحليب فقط، بل تمتد أيضاً إلى الحفاضات، التي باتت تقصم ظهر آباء الأطفال حديثي الولادة هي الأخرى، مسجلةً أرقاماً قياسيةً، وبلغ ثمن الحفاضات من نوع “بيبي جوي” 750 ليرة، والـ “فاين بيبي” الكبير الحجم 2000 ليرة، البامبرز 2850 ليرة، وهي تكفي الطفل لمدة لا تتجاوز 5 -6 أيام في أحسن الحالات.

تذمر كبير

ومن خلال استطلاع، حول تكلفة الولادة وأثرها على اتخاذ القرار بموضوع الإنجاب، تضاربت آراء المواطنين، فبينما رأى عبد المعطي حداد، الذي يعمل في صناعة غرف النوم بمنطقة الفحامة، أن الطفل عندما يأتي تتيسر ظروفه الاقتصادية، واستند حداد في رأيه على مقولة “الولد بتجي رزقته معو”، هذا الرأي لم يعجب الطالب الجامعي رياض كنعان، الذي رأي أن الحد من عدد الأطفال يساعد في تأمين كافة مستلزماته، الحالة ذاتها تتبناها رانيا حمدان مدرّسة لغة فرنسية، حيث أكدت أنها ستعمد لإنجاب طفل واحد، إذا فُرضت عليها ظروف اقتصادية محدودة، مضيةً أن طفلاً واحداً ينمو في بيئة جيدة ويأخذ حقه في الملابس والمأكل والمشرب والصحة، أفضل من كثرة الإنجاب وعدم القدرة على تأمين احتياجات العدد الكبير من الأطفال.

أحمد حاج عبدو

المصدر: الاقتصادي