تنسيق سوري إيراني عراقي للمرحلة المقبلة
تزايد النشاط السياسي بين سوريا وكل من العراق وإيران خلال اليومين الماضيين، بهدف التنسيق بين الدول الثلاث لمواجهة تبعات تزايد قوة «الجهاديين» في سوريا وانتقالهم إلى دول الجوار، وذلك قبل الوصول إلى مؤتمر «جنيف 2» في 22 كانون الثاني المقبل.
وذكرت وكالة (سانا) أن الرئيس بشار الأسد بحث مع مستشار الأمن الوطني العراقي فالح فياض، في دمشق، «الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا وضرورة مكافحة الإرهاب في المنطقة. كما تم التشاور حول الإعداد لمؤتمر جنيف 2 وأهمية عمل الأطراف الإقليمية والدولية لتوفير ظروف نجاحه. وتناول اللقاء أهمية العمل لتحسين الوضع الإنساني في سوريا، إضافة لآخر التطورات الإقليمية». يذكر ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي سيزور طهران الاربعاء المقبل.
الحلقي في طهران
نصف ساعة مليئة باللقاءات والتصريحات، من طهران، أفسحها التلفزيون الرسمي السوري أمس الأول، لتأكيد رسالة تقليدية، مفادها أن سوريا ستبقى حليف إيران الأول في المنطقة، وأن هذا التحالف الذي تجسد مؤخراً بالدم والسلاح والمال، يصبح بعد توقيع الاتفاق النووي الأخير أقوى لا أضعف، ولا سيما في ضوء القناعة بأن إيران خرجت، ولو مؤقتاً، من «دائرة الشك» الدولي.
ورغم أن رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي سبق وزار طهران عدة مرات، إلا أن ثمة ما يميز الزيارة الأخيرة من نواح عديدة. أولها الوفد الكبير الذي رافق رئيس الوزراء، وضم نائبه وزير الخارجية وليد المعلم، ووزراء شؤون رئاسة الجمهورية والكهرباء والصحة والنفط، إضافة إلى أمين عام شؤون الوزراء ومعاون لوزير الخارجية. وثانيها، أنها تأتي بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إيران والمجموعة الدولية، وهو اتفاق تعتقد دمشق وفق معلومات أنه لن ينعكس عليها سياسياً فحسب، بل أيضاً من نواح اقتصادية.
والتقى الحلقي، خلال زيارته طهران التي استمرت ثلاثة أيام وانتهت أمس، الرئيس الإيراني حسن روحاني ونائبه الأول اسحق جهانكيري، ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني ووزراء، أبرزهم الخارجية والدفاع والطاقة.
وأكد روحاني، خلال لقائه الحلقي، أن حكومة بلاده «تبذل ما بوسعها لمنع استمرار الحرب على سوريا، وانتقالها إلى دول المنطقة»، معتبراً أن «أخطر إرهابيي العالم اجتمعوا اليوم في سوريا»، لافتاً إلى أن «الإرهاب والتطرف من أكبر المشاكل التي تعاني منها المنطقة، وعلى الجميع التصدي لهما». وشدد على «حرص القيادة في إيران على تعزيز صمود الشعب السوري في وجه الحرب الظالمة التي يتعرض لها، وتأمين احتياجات السوريين للتغلب على الحصار الاقتصادي».
وكان سبق للحلقي أن عقد جلسة محادثات رسمية مع جهانكيري، تركزت على مسائل تقنية، بين الحليفين، تتعلق أساساً بالاتفاقات التي تعرقل تنفيذها لأسباب متعددة، وتتعلق بكل نواحي الحياة في سوريا. وكان لافتاً في بيان الطرفين، تجديد دمشق تأكيد تطلعها «إلى المزيد من التكامل والتعاون والتنسيق على كل الصعد»، ورغبتها «بمساهمة الشركات الوطنية الإيرانية، إلى جانب الشركات الوطنية السورية، في مرحلة البناء والإعمار».
وذكر الحلقي، خلال لقائه جهانكيري، «بحرص الحكومة السورية وجديتها في حل مشكلات كل الشركات الإيرانية العاملة على الأراضي السورية، بما فيها حقوقها واستمراريتها في العمل».
وبحث الجانبان «آليات تعزيز التعاون الثنائي من خلال تبسيط الإجراءات وتذليل العقبات وتنشيط الخط الائتماني وتأمين المواد الأساسية للطاقة الكهربائية، وإمكانية عودة الشركات الإيرانية للعمل في سوريا، وخاصة بعد أن تحسنت الظروف الأمنية، والإسراع في تنفيذ البرنامج الزمني بخصوص توريد المشتقات النفطية إلى سوريا واستجرار المواد التموينية الضرورية للسوق السورية». كما تطرق البحث «إلى التعاون في مجال النقل واستكمال إنجاز خط الغاز الإستراتيجي الذي يربط إيران والعراق وسوريا».
سياسياً، اعتبر الحلقي أن الاتفاق النووي لإيران «سينعكس بشكل إيجابي على حل الأزمة في سوريا، من خلال إيمان الجميع بأن لا حل للأزمة فيها إلا بالطرق السلمية والحوار بين أبناء الوطن، وعلى الأرض السورية».
من جهته خاطب شمخاني الوفد السوري بالقول «كونوا على ثقة لن ندعكم وحدكم، وسنقف إلى جانبكم حتى تحقيق النصر الكبير»، فيما عبر لاريجاني عن التزام إيران «الثابت والراسخ بالوقوف إلى جانب سوريا على كل الصعد، وتقديم كل أشكال الدعم الذي يعزز صمودها ويحقق لها العزة والانتصار».
وبحث الحلقي مع وزير الدفاع الإيراني الجنرال حسين دهقان «السبل الكفيلة بتطوير التعاون المشترك على كل الصعد، بما فيها التعاون العسكري».
واتفق المعلم ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف «على أن نجاح مؤتمر جنيف 2 رهن بإيقاف الإرهاب وإلزام الدول الداعمة للمجموعات الإرهابية بمكافحته من خلال وقف التمويل والتسليح والإيواء وتهريب الإرهابيين عبر الحدود». وشددا على «ضرورة عدم وضع أي شروط مسبقة للمشاركة في المؤتمر».
زياد حيدر: السفير
إضافة تعليق جديد