ثورة مصر تحشد ضد الفلول والعسكر يلوّحون بدستور الـ71
بدا أمس أن قوى الثورة في مصر قررت المضي قدماً في معركة «عزل الفلول»، حيث احتشد عشرات الآلاف في ميدان التحرير في القاهرة وفي غيرها من المدن استجابة للدعوة الى «مليونية العدالة» المطالبة بإعادة محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك ورموز نظامه، وإيقاف الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة الى حين تطبيق «قانون العزل» لاستبعاد آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، احمد شفيق، الذي شكك في المقابل في شرعية الميدان، داعياً إلى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع.
في هذا الوقت، أمهل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الأحزاب والقوى السياسية 48 ساعة للموافقة على إصدار إعلان دستوري مكمّل، والتوافق على معايير تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، فيما تردد أنه وجّه رسالة صارمة للقوى كافة، بأنه في حال انقضاء هذه المدّة من دون التوصل إلى نتيجة ملموسة فإنه قد يلجأ إلى إعادة العمل بدستور العام 1971، فيما حذر رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني، المنتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، من مغبة الاعتداء على سلطات البرلمان.
وتوافد عشرات الآلاف على ميدان التحرير فيما انطلقت تظاهرات أخرى في الإسكندرية (شمال) وفي مدن القناة (السويس وبور سعيد والإسماعيلية)، وأيضاً في أسيوط في جنوبي البلاد.
ووجهت الحركات الشبابية التي أطلقت الثورة ضد مبارك الدعوة الى التظاهر ابتداءً من اليوم وحتى يوم الجمعة المقبل. كذلك أكدت جماعة «الإخوان المسلمين» أنها ستشارك في التظاهرات.
والتفّت القوى الشبابية الثورية حول ثلاثة مرشحين خرجوا من الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة، وهم حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح وخالد علي، الذين توجهوا إلى ميدان التحرير فجر أمس، إثر اتفاقهم على توحيد الصفوف بهدف الضغط باتجاه تشكيل مجلس رئاسي مدني وتطبيق قانون «العزل السياسي»، بما يؤدي إلى استبعاد أحمد شفيق من سباق الرئاسة، وإعادة محاكمة مبارك ورموز نظامه.
في المقابل، قال شفيق، خلال مقابلة مطوّلة مع قناة «سي بي سي»، «مع احترامي لكل الأطراف... ما هي الصفة التي يقررون بها قانون العزل أو يلغون بها نتيجة الانتخابات». وأضاف إن «الجموع المحيطة» بمن يتبنون هذه المطالب «لا تقلقني، لأنهم لا يعبرون بصفة عامة عن الشعب المصري الذي يبلغ تعداده 90 مليوناً».
وتابع «على الجميع الاحتكام لشرعية صندوق الانتخابات»، معتبراً انه «ليس هناك علاقة بين 25 يناير 2011 وقدسيته وشرعيته وما يحدث الآن». وأشار إلى أن «ثورة 25 يناير شهدت مساندة شعبية للأعداد الغفيرة التي قامت بها في ميدان التحرير سواء كانوا مليوناً أو مليونين أو ثلاثة أو خمسة ملايين».
وحول الضمانات التي تطالب بها القوى السياسية، قال شفيق إن «لكل مواطن الحق في الاجتهاد وإبداء الرأي وصياغته في شكل طلبات ومقترحات، ولكن ليس من حق مجموعة ما أن تضع رأياً وتضعه لرئيس دولة مقترح كشرط، وتقول وافق عليه حتى أوافق عليك... يجب أن نقرأ سوياً الوثيقة التي تضعها ونناقشها حتى يمكن أن نصل فيها إلى حل».
وأضاف «من غير اللائق علمياً وديموقراطياً أن تكون الموافقة على الوثيقة هي شرط الاختيار والمساندة في الانتخابات»، معللاً ذلك بأن الوثيقة التي يجب أن يمضي عليها هي الدستور الذي يجب أن يلتزم به.
في هذا الوقت، أمهل المجلس العسكري الأحزاب السياسية 48 ساعة للاتفاق على معايير تشكيل لجنة تأسيسية لكتابة دستور جديد للبلاد وإلا فإنه سيتولى بنفسه تحديد تلك المعايير.
وعقد المجلس العسكري اجتماعاً مع ممثلي 18 حزباً سياسياً، قاطعته جماعة «الإخوان المسلمين» وحزبها «الحرية والعدالة»، لبحث سبل كسر الجمود في كتابة الدستور الجديد وسط خلافات بشأن تشكيلة الجمعية التأسيسية.
وقال رئيس «حزب الجبهة الديموقراطية» السعيد كامل، الذي حضر الاجتماع إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة اتفق مع الحضور من ممثلي الأحزاب على عقد اجتماع خلال يومين لإصدار قرار نهائي حول معايير تشكيل الجمعية التأسيسية، أو أن يعاد العمل بدستور العام 1971 مؤقتاً.
وأضاف إن الاجتماع قرر تشكيل لجنة من ثلاثة من الحضور للاتصال مع الأحزاب التي قاطعت الاجتماع وهي، إلى جانب «الحرية والعدالة»، «حزب الوسط» الإسلامي المعتدل، و«حزب غد الثورة» الليبرالي، و«الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي».
وقال إن اللجنة ستدعو الأحزاب السياسية للاجتماع يوم غد مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة «لاتخاذ ما يلزم من إجراءات تفضي إلى تشكيل الجمعية التأسيسية».
ونقلت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» عن النائب مصطفى بكري، وهو أحد المقربين من المجلس العسكري، إن يوم غد هو الموعد النهائي والأخير في ما يتعلق بالتوافق على معايير الجمعية التأسيسية، موضحاً انه إذا لم يحدث توافق في ذلك الاجتماع فسيتصدّى المجلس العسكري للأمر، ويضع إعلاناً دستورياً مكملاً يحدد تلك المعايير، والمدى الزمني لإعداد الدستور.
ونقل مشاركون في الاجتماع عن المشير حسين طنطاوي قوله «لن نسلم السلطة إلا لرئيس منتخب وجمعية تأسيسية تمثل طوائف الشعب كافة»، فيما نقلوا عن رئيس الأركان سامي عنان تأكيده أن «هناك ثوابت ليست مطروحة للنقاش، وهي أن الانتخابات في موعدها وليس هناك مجال للحديث عن تأجيل الانتخابات»، رافضاً فكرة المجلس الرئاسي.
في المقابل، قال رئيس مجلس الشعب محمد سعد الكتاتني، الذي ينتمي لـ«حزب الحرية والعدالة»، إن التشريع صار حقا للمجلس دون منازع، مشدداً على أنه «لا يمكن لأحد أن ينازعه (مجلس الشعب) هذه السلطة لا بإصدار تشريعات ولا مراسيم بقوانين ولا بإعلانات دستورية مكملة».
وشدد على أن «مجلس الشعب سوف يحافظ على هذا الحق الأصيل ولن يتهاون فيه ولن يفرط فيه مهما كانت الأسباب».
وتزامن ذلك مع عودة المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووكيل مؤسسي «حزب الدستور»، محمد البرادعي إلى القاهرة قادماً من فيينا.
وقال البرادعي، الذي تردد اسمه خلال اليومين الماضيين كأحد أعضاء المجلس الرئاسي المدني الذي تطالب القوى الثورية بتشكيله، إن «مصر غير جاهزة لإجراء الانتخابات». وأضاف إن «الوضع في مصر بات متردياً وبات الشعب منقسماً على نفسه مما وصفه بسوء الإدارة».
وأضاف البرادعي إنه «قد حان الوقت لكل الأطراف في مصر كي تجلس مع بعضها - وهم أربعة أطراف: نظام الدولة، والجيش، والثورة، وما يطلق على نفسه التيار الإسلامي - لوضع الحلول للأزمة التي نمر بها ويجـب أن يحكموا ضمائرهم».
وأشار البرادعي الى انه «بعد عام ونصف لم ننجح في أن نشكل لجنة لوضع الدستور ونحتاج الى حكومة إنقاذ وطني، ومطلوب أن تكون هناك حكومة قائمة على الكفاءة، وتوفر ما طالبت به الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية».
وفي سجن طرة، الذي نقل إليه بعد الحكم، أصيب مبارك (84 عاما) بانهيار عصبي، كما أفاد مصدر أمني، مؤكداً أن «صحة مبارك تدهورت منذ دخوله السجن خصوصاً بعدما زارته زوجته مع زوجتي ابنيه» جمال وعلاء. وأضاف المصدر إن جمال مبارك، الموجود أيضاً في سجن طرة في جنوب القاهرة، نقل ليصبح على مقربة من والده.
وأكد ياســر بحر، وهو أحد محامي مبارك، إن الرئيس المخــلوع «مصاب بانهيار عصبي اثر على صحته بشكل عام».
البورصة
وفي ظل هذه الأجواء المتشنجة واصلت البورصة المصرية خسائرها للجلسة الثامنة على التوالي لدى إغلاق تعاملات يوم أمس. وهبط مؤشر البورصة الرئيسي «إيجي إكس - 30» بنسبة 2.3 في المئة، مسجلاً أدنى مستوياته في 5 أشهر. كما هبط مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة «إيجي إكس – 70» بنسبة 2.09 في المئة، في حين فقط مؤشر «إيجي إكس – 100» الأوسع نطاقاً سجل ما نسبته 1.9 في المئة.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد