حبل التجارة الحرة... وعنق البحر الأبيض
تهلل أوروبا لقرب 2010، موعد دخولها موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، لإقامتها أكبر منطقة تجارة حرة في العالم تضمها ودول جنوب وشرق البحر الأبيض في سوق من 740 مليون مستهلك، رغم تتابع التحذيرات من تداعياتها السلبية على هذه الدول التي يعيش 30 في المائة من شعوبها على أقل من دولارين يوميا.
رحبت المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيرير، بتقدم محادثات تحرير التجارة بين الاتحاد الأوروبي وشركائه (الجزائر، المغرب، تونس، مصر، الأردن، سوريا، لبنان، السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى إسرائيل) وذلك في المؤتمر الوزاري لدول الشراكة، في لشبونة في الأسبوع الثاني من نوفمبر.
وحددت أن المباحثات الجارية في هذه الاتجاه، والتي بدأت في عام 1995 في إطار اتفاقية الشراكة الأوروبية المتوسطية، سوف تستمر لتشمل الخدمات بالإضافة للزراعة والأسماك.
بيد أن تفاؤل المفوضة يتناقض مع نتائج تقرير أعده معهد سياسة التنمية والإدارة بجامعة مانشتير، بتمويل من المفوضية الأوروبية، خلص إلى التجارة الحرة قد تزيد من تفاقم الأوضاع في العديد من دول شرق وجنوب البحر الأبيض المتوسط. فقد أشار التقرير أن عوائد الرسوم الجمركية على الواردات سوف تسجل انخفاضا هاما جراء تحرير التجارة.
وذكر أن لبنان والأراضي الفلسطينية ضمن الأكثر تضررا، حيث سوف تقل العوائد بنسبة 5 في المائة من ناتجها الوطني، مقابل زهاء 2 في المائة في تونس والمغرب.
وشدد على حتمية اتخاذ تدابير للتخفيف من وطأة هذه الخسارة، وإلا فستكون تداعيات التحرير "معاكسة جدا" على حالة الفقر وبرامج الصحة والتعليم.
ومن بين التوقعات الواردة في التقرير نتيجة لتحرير التجارة "زيادة هامة في البطالة"، مصحوبة بانخفاض مستوى الأجور، وتزايد التلوث في المناطق الحضرية جراء الهجرة الجماعية من الريف، إضافة إلى تعريض الأهالي الفقراء إلى خطر تذبذب أسعار الأغذية الأساسية في الأسواق العالمية.
وبدورها، أشارت منظمات غير حكومية إلى أن بيروقراطية المفوضية الأوروبية تتجاهل النتائج التي وصل إليها التقرير.
وقالت كندا محمدية، من شبكة المنظمات غير الحكومية العربية أن "وقع اتفاقية التجارة الحرة على (شرق وجنوب) البحر الأبيض المتوسط، سوف يكون سلبيا على المدين القصير والمتوسط".
وأضافت في حديث ل "آي بى اس"، "لا نقول ذلك نحن (المنظمات غير الحكومية) وحدنا، فبيانات الاتحاد الأوروبي تقوله أيضا. لكنه للأسف انتهى الأمر بهذا (التقرير) لكي يكون تقريرا آخر في أدراج أحد المكاتب".
وأعربت عن اعتقادها أن تكون النية الحقيقة وراء إصرار الاتحاد الأوروبي على التجارة الحرة في المنطقة هي ضمان تحكم الشركات في موارد هذه البلاد (الواقعة شرق وجنوب البحر الأبيض)، مضيفة أن "هناك سباق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتحكم في قطاعات بعينها والتوصل إلى اتفاقيات قبل الطرف الآخر".
المصدر: آي بي أس
إضافة تعليق جديد