روسيا تطالب بوقف الهجمات الإرهابية على دور العبادة ورجال الدين في سورية
طالبت موسكو أمس بوقف الهجمات الإرهابية على دور العبادة ورجال الدين في سورية، بينما دعا بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس البطريرك يوحنا العاشر يازجي المجتمع الدولي إلى المساهمة في الإفراج السريع عن راهبات دير مار تقلا ببلدة معلولا، في حين أعلن السفير البابوي في دمشق ماريو زيناري أن المسلحين نقلوا الراهبات من الدير إلى منطقة يبرود القريبة منها.
وفي تعليقها على سلسلة الهجمات الأخيرة على أماكن العبادة ورجال الدين في سورية، أعلنت الخارجية الروسية وفقاً لموقع «روسيا اليوم»: «نعتقد أنه من الضروري أن نلفت من جديد اهتمام الشركاء الدوليين والإقليميين في جهود التسوية بسورية، وإدارة المنظمات الإنسانية الدولية، إلى هذه الجوانب من الوضع في البلاد». وأضافت الخارجية الروسية: «يجب وقف الأعمال الإجرامية العدوانية للإرهابيين التي تستهدف دور العبادة ورجال الدين»، مشيرة إلى أن «ذلك يتسم بأهمية أيضاً فيما يتعلق بتهيئة الأجواء المناسبة لعقد المؤتمر الدولي حول سورية بجنيف يوم 22 كانون الثاني المقبل».
وفي هذا السياق أعلن مفوض وزارة الخارجية الروسية لشؤون حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون قسطنطين دولغوف أن موسكو تدعو مكتب مفوضة حقوق الإنسان للأمم المتحدة إلى التحرك إزاء الهجمات ضد رجال الدين في سورية.
وقال دولغوف: «من اللافت للانتباه أنه تتعرض لهجمات المسلحين ليس فقط الأماكن المقدسة المسيحية، بل والإسلامية أيضاً، بالإضافة إلى رجال الدين المسيحيين والمسلمين، وخاصة أولئك الذين يدعون إلى نبذ العنف».
وتابع دولغوف قائلاً: «نحن ندعو كل الهيئات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان ومكتب المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إلى أن تتحرك بالشكل المطلوب إزاء المحاولات المتكررة لإشعال الفتنة الطائفية».
وشدد المسؤول الروسي على ضرورة «أن تستخدم الجهات القادرة على التأثير على المسلحين نفوذها من أجل وضع حد لأعمالهم ضد رجال الدين والأماكن المقدسة».
بدوره، أعرب يازجي عن قلقه الجدي إزاء مصير 12 راهبة ورئيسة الدير الأم بيلاجيا سياف اللاتي اختطفهن مسلحون متطرفون أول من أمس من دير «مار تقلا» بمعلولا في ريف دمشق، ودعا «الأمم المتحدة وجميع الحكومات إلى رفع أصواتهم لحماية مسيحيي سورية واتخاذ خطوات طارئة لفك أسر الراهبات».
وأكد يازجي في بيان وفقاً لوكالة «سانا» أن احتجازهن حتى الآن رغم كل الاتصالات الجارية هو «تعد صارخ على كرامة الناس وعلى صوت السلام والصلاة في ربوع سورية والمشرق كله».
ووجه البطريرك يازجي نداء «للضمير البشري كله وكل ذوي النيات الحسنة للعمل من أجل إطلاق سراح الراهبات واليتامى المحتجزين»، وقال «نناشد بذرة الضمير التي زرعها اللـه في كل البشر بمن فيهم الخاطفون لإطلاق أخواتنا سالمات.. نداؤنا إلى المجتمع الدولي وسائر حكومات العالم لإطلاق راهبات مار تقلا واليتامى المحتجزين».
من جانبه، استنكر المطران عطا اللـه حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بشدة ما تعرض له دير مار تقلا، وقال المطران حنا في بيان له: «ندين ونستنكر بشدة ما تعرض له هذا الدير الأرثوذكسي العريق الذي يرعى الأيتام والفقراء والمحتاجين دون تمييز ديني أو مذهبي ويقدم خدمات إنسانية واجتماعية من خلال رعاية هذه الشريحة من المجتمع السوري».
وطالب المطران حنا العالم الحر بضرورة الإسراع في اتخاذ الخطوات العملية لإنقاذ حياة الراهبات وغيرهن من المخطوفين معتبراً «عملية اختطاف الراهبات من قبل مجموعات إرهابية حاقدة عملا غير إنساني».
وحمل المطران الدول الداعمة للإرهاب والإرهابيين في سورية والتي تمدهم بالمال والسلاح مسؤولية هذا الاختطاف وغيره من الأعمال الإرهابية فيها وقال: «إن الإرهاب المنظم الذي يستهدف جميع فئات الشعب العربي السوري إنما تتحمل مسؤوليته دول غربية وعربية معروفة تمد هؤلاء الإرهابيين بكل ما من شأنه تدمير وتخريب الدولة السورية والإساءة إلى وحدة شعبها».
واعتبر المطران «أن بعضاً من الدول الغربية التي تدعي حرصها على الحضور المسيحي في هذا الشرق هي التي تتحمل مسؤولية تهجير المسيحيين لأنها تدعم هذه المجموعات المتطرفة التي هدفها طرد المسيحيين من بلادهم وتدمير الإخاء الديني الذي تتميز به منطقتنا».
وأضاف: «آن للعالم أن يكتشف بأن ما يحدث في سورية ليس ربيعاً عربياً أو عملاً هادفاً إلى تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية وإنما هو مخطط استعماري عنصري قديم حديث يهدف إلى إفراغ المنطقة العربية من مسيحييها»، مشدداً على «أن منطقتنا العربية تميزت بوحدة أبنائها مسلمين ومسيحيين وأن هذه الهجمة الإرهابية العنصرية المتطرفة إنما تستهدفنا جميعاً وعلينا أن نتصدى لها بوعي وحكمة ومسؤولية».
بدوره، قال السفير البابوي في دمشق لوكالة الأنباء الفرنسية: إن «الراهبات الـ12 أرغمتهن مجموعة مسلحة على ترك الدير بالقوة، واللحاق بهذه المجموعة على الطريق إلى يبرود»، البلدة التي يسيطر عليها المسلحون وتقع على مسافة 20 كلم إلى الشمال من معلولا.
وأضاف زيناري: «أعتقد أن الراهبات موجودات في يبرود»، ولفت إلى أن الراهبات هن فقط اللواتي اقتدن إلى خارج الدير، وأن الميتم التابع له كان خالياً من الأطفال، وأوضح: «الأيتام أجلوا من الدير منذ زمن طويل لأن الوضع كان سيئاً جداً»، مضيفاً: إنه «حالياً ثمة معركة شرسة في معلولا، ومن الصعب الحصول على معلومات دقيقة».
وقال لـ«رويترز»: «أجبروا الراهبات على إخلاء المكان وعلى أن يتبعهم إلى يبرود. في الوقت الراهن لا يمكننا القول إن كان هذا خطفاً أم إجلاء»، مضيفاً «سمعت أنه يجري قتال بالغ الشراسة في معلولا».
وفي اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الفرنسية، قالت رئيسة دير صيدنايا سيفرونيا نبهان: إنها تحادثت إلى رئيسة دير مار تقلا الأم بيلاجيا سياف الساعة 23:30 مساء الإثنين (21:30 تغ).
وتابع زيناري: إن «كل الاحتمالات واردة. نجهل الأسباب التي حدت بإرغام الراهبات على المغادرة وما هو الهدف من هذه الخطوة».
وكانت مجموعة إرهابية مسلحة هاجمت أول من أمس دير مار تقلا واحتجزت رئيسة الدير بلاجيا سياف وعدداً من الراهبات فيه وقامت بارتكاب أعمال قتل وتخريب في البلدة.
وأول من أمس، ووجهت وزارة الخارجية والمغتربين رسالتين متطابقتين إلى رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة حول قيام المجموعات الإرهابية التكفيرية صباح أول من أمس بمهاجمة بلدة معلولا وتنفيذها أعمالاً تخريبية طالت الكنائس وبيوت المدنيين الآمنين.
إلى ذلك، وصف مسؤول في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية كمال اللبوانى، موقف الأقليات من جرائم النظام بـ«الضعيف»، فيما بدا تبريراً لما جرى لبلدة معلولا ولراهبات دير مار تقلا.
وقال اللبواني في تصريح خاص لراديو «سوا» الأميركي: «على الأقليات في سورية أن تحدد موقفها من جرائم النظام لأنه حتى الآن غير واضح، وضعيف، لذلك لا تستطيع الدفاع عن نفسها، ولا تبرئة نفسها من جرائم النظام السوري».
وكالات
إضافة تعليق جديد