سعدالله ونوس مسرحي لايعوض

15-06-2011

سعدالله ونوس مسرحي لايعوض

-1- عرفت سعد الله ونوس قبل ذهابه إلى فرنسا وبعده, كان حائراً في النوع الأدبي الذي سيختاره في مسيرة حياته, أعرف أنه بدأ بالقصة القصيرة .

وقرأت له قصة قصيرة في مجلة المعرفة السورية ذات منحى اجتماعي يجنح إلى اليسار, كان في القصة يتحدث عن الدماشقة الأغنياء كأول انطباع له عنهم, كان ودوداً, محباً لصداقاته القديمة والجديدة, وكنت واحداً ممن ارتبط معه بصداقة متينة. ‏

سافر ليدرس في باريس وحكى لي عند عودته عقب حرب الخامس من حزيران الجهد الذي بذله في فرنسا, ليتعلم اللغة الفرنسية تعلم مجيد لا تعلم سائح, وكيف كان يقرأ الصحيفة, ويلجأ إلى المعجم ليعرف معنى الكلمة التي تستغلق عليه. أتى تاركاً الدراسة لأن الوطن أكبر وأهم من أية دراسة, وكتب مسرحيته الأولى حفلة سمر من أجل 5 حزيران وأخرجها له الصديق علاء الدين كوكش, فترك بها بصمة على مسيرة المسرح السورية, وعلى النوع الأدبي الذي اختاره ليؤدي إبداعه من خلاله. واستمر فيما بعد يعطي المسرح السوري مسرحيات كتبت اسمه كواحد من الأدباء الكبار في هذا النوع من الأدب. ‏

-2- ‏

عين الصديق سعد الله في وزارة الثقافة, وجيء به إلى مجلة أسامة للأطفال رئيساً للتحرير, وأشهد أنه لم يكن يتدخل في شؤون المجلة التي كنت أسستها بمعرفة الأصدقاء زكريا تامر وممتاز البحرة وآخرين. كان يحمل عدد المجلة الجديد إلى وزير الثقافة, ويعود بالثناء على الجهد المبذول في إعداد المجلة ومواضيعها وقصصها وتبويبها, وكنت أنتظر عودته من مكتب الوزير لينقل لي ثناءه وثناء معاون الوزير الأستاذ أديب اللجمي الذي كان يترأس لجنة الإشراف على المجلة. وأخيراً ترك سعد الله المجلة وتفرغ للعمل المسرحي, فكان يملأ الساحة المسرحية وحده, أو يقود جوقة كتاب المسرح الذين مشوا على الوهج الذي مشى عليه في مسرحيته حفلة سمر أو مسرحياته الأخرى التي لاتزال أجود ما راج في الميدان المسرحي في سورية حتى الآن. ‏

-3- ‏

كنت ألاقي سعد الله في الطريق أو في المقهى, واستقبلته كزائر إلى مكتب المجلة, وكان, كما قلت ودوداً ذا لسان دافئ, لا يتعرض لأحد بكلمة سوء. ولا يستغيب أحداً, وكان صريحاً, محباً للحياة, أميل إلى اليسار منه إلى اليمين, وقد تعرض في أواخر أيامه لمرض خبيث واجهه بشجاعة ودونما وجل, وساعدته زوجته السيدة فايزة الشاويش فكانت الممرضة والزوجة المخلصة والحبيبة, كما التف حوله أصدقاؤه, وأبرزهم المخرج علاء الدين كوكش, ابن القيمرية, فكانوا يحرصون عليه, ولو قدروا لافتدوه بالغالي والثمين, لكن إرادة الله كانت أقوى من أماني كل هؤلاء فتوفي رحمه الله, تاركاً بصمة كبيرة في عالم المسرح, لا السوري, بل العربي, وأذكر أن عدداً من مسرحياته مثّل في القاهرة وتونس والمغرب والأردن والكويت, وعد شخصية سورية مسرحية أولى في ميدان المسرح العربي. ‏

-4- ‏

إنني ذاكر سعد الله ما حيت بلغته وجديته ومساره الطبيعي, وذاكره كأديب كبير كان يمكن أن يبز كبار كتاب المسرح العرب, لو لم يعاجله المرض الخبيث, فأنزله عن صهوة جواد المسرح العربي الذي يحتفظ بتراثه المسرحي كتراث مؤلف مسرحي, يعتبر ركيزة أساسية في أدب المسرح العربي المعاصر. ‏

إن سعد الله ونوس قيمة أدبية ومسرحية لا تعوض.

عادل أبو شنب 

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...