سوق العقارات في سورية إلى أين؟
لا تختلف عمليات تداول أسعار العقارات في البورصات العالمية كثيراً عما هو عليه في السوق السورية التي يمكن تسميتها «البورصة» مجازاً إلا أن حساسيتها تجاه الأزمات، كما حدث مع أزمة «الرهن العقاري» العالمية، والإشاعات أقل حساسية وتأثراً لإقصاء النسبة العظمى من المساهمين في السوق من دائرة التأثير التي تقتصر على لاعبين كبار استحوذوا على الكرة بمهاراتهم وبملاءاتهم المالية.
وثمة علاقة مباشرة وطردية بين ارتفاع وانخفاض الأرباح التي تدرها السوق العقارية وسعر «الأسهم» والصكوك فيها، وغالباً ما يؤثر المستثمرون توجيه مدخراتهم نحو سوق السيارات بانخفاض أرباح العقارات التي حافظت لعقد من الزمن على معدل ارتفاع ربح فاق 10 بالمئة سنوياً، ولذلك فالاستثمار في السوق العقارية السورية مجد ومغر بامتياز وهو يخلو من أي مجازفة أو هزة قد تطيح بالرساميل المسالة في قطاع التشييد والبناء وشراء الشقق السكنية ومساحات واسعة من الأراضي.
وليس هناك خشية بعد من أن تنعكس تبعات عملية الاقتراض على تحديد سعر العقار ما دامت مؤسسات التمويل ومنها البنوك الخاصة، التي نشطت في السوق العقارية أخيراً تحت شعارات خلابة متعددة، عاجزة عن استقطاب شريحة كبيرة من الطبقتين المتوسطة والفقيرة الراغبتين بتملك العقارات لعجزهما عن الوفاء بمتطلبات القروض الأمر الذي سيحول مستقبلاً دون خلق تأثير قوي للرهن العقاري في سوق الأسهم السورية التقليدية ويقيها شر مخاطر الأزمة الدولية.
كما أنه من المستبعد ولادة شركات أو مؤسسات مالية متخصصة في الرهون إثر ولادة السوق مع أن عمر بعضها تجاوز المئة عام.
ولا بدّ من التمييز بين سندات شراء الشقق السكنية ومثيلتها للأراضي وإن خضع سعر أسهم كليهما لقانون العرض والطلب، إذ يرتبط سعر الأولى بنشاط وهمة الشركات العقارية ومنها العربية التي وفدت إلى السوق السورية في السنتين الأخيرتين ووفاء الحكومة بعهودها التي قطعتها بتوزيع أراض على جمعيات التعاون السكني التي انتظر مكتتبوها طويلاً لتحقيق آمالهم وليزيد العرض على الطلب الأمر الذي سينعكس على قيمة هذه السندات.
والأمر لا ينسحب على سندات تملك الأراضي حيث البقعة الجغرافية محددة ولا مجال للمناورة بزيادة العرض الذي تحدّ منه مصالح التجار وتمنع أصحاب الأراضي على بيع موروثهم ومصدر رزقهم الأساسي على الرغم من المنغصات والإغراءات، ولذلك تنتعش أسهم هذه البورصة وتجتذب أصحاب الرساميل بغض النظر عن خلفياتهم أكانت تجارية أم صناعية أم خدمية.
مما سبق، يمكن القول إن التصريحات التي تكهنت بانخفاض أسعار العقارات لعزم الحكومة على توزيع أراض سكنية جديدة وإعادة تفعيل بعض جوانب قانون الإصلاح الزراعي مثل تحديد سقف ملكية تملك الأراضي ثم العزوف عنه ذلك أدى إلى فتح السقف شريطة تشجيع الاستثمار، لن تؤثر في السوق العقارية التي راهن اللاعبون فيها على اشتداد ساعدها وصعود أسهمها بدليل إقبالهم على شراء سنداتها وتوقيع مزيد من صكوك التملك فيها.
خالد زنكلو
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد