صاحب الأدراج المقفلة!
لا أعرف عبد النبي اصطيف شخصياً، ولا إبداعياً (وضع مقالات متفرقة على مدار عقدين،انتهت في كتاب مدرسي عن الأدب المقارن ، دشّن به مطبوعات الهيئة).
كان اسمه متداولاً داخل أسوار الجامعة بوصفه صاحب الأدراج المقفلة، فالبحث أو المشروع الذي يصله، مصيره الدرج. ويبدو أن سياسة الأدراج المقفلة صاحبته إلى الهيئة العامة للكتاب باعتباره أول رئيس لهذه الهيئة. قرأنا تصريحاته الأولى عن تطوير واقع الكتاب في وزارة الثقافة، وانتظرنا طويلاً نتائج هذه التصريحات ، وإذا به يطلع علينا أخيراً بأغرب خريطة ثقافية لتطوير كتاب وزارة الثقافة. سلاسل لا تليق إلا بتلاميذ المدارس الابتدائية، قبل اختراع الكمبيوتر والإنترنت، ولعل في عناوين مثل«كيف تعتني بجسمك»، و«وطننا العربي»،و«موسيقيو بلاد الشام»، و«فنانو بلاد الشام»، عينة عن آلية تفكير هذا الرجل، والتي تعيد القارئ في أحسن الأحوال إلى المربع الأول، في ثقافة ينبغي أن تتطلع إلى المنجز العالمي.
منذ قدومه إلى الهيئة، بدأت العراقيل الإدارية تواجه مديرية التأليف والترجمة، أو الهيئة العامة للكتاب ،خصوصاً بعد استقدامه ورشة من المستشارين الذين عرقلوا حركة النشر أكثر مما أفادوها باقتراحات وارتجالات تدير ظهرها لكل منجز النشر في العالم العربي، بإعادة تثقيف القارئ السوري،وكأنه قد تعلّم الأبجدية حديثاً. إلى أمد ليس بعيداً كان كتاب وزارة الثقافة أحد روافد المكتبة العربية، أما وقد أعادنا رئيس الهيئة إلى دروس الجغرافيا وخريطة الوطن العربي، وكيف تعتني بجسمك، فتلك إهانة للثقافة السورية التي طالما كانت منفتحة وعلمانية وحداثية.
المشكلات الإدارية في الهيئة لا تحصى،الأمر الذي أثّر على إيقاع العمل وخطط مديريتي التأليف والترجمة في مواكبة الإبداع الجديد والنهوض بحركة الكتاب، خصوصاً على صعيد الترجمة،فالمديريتان تعملان في جهة ، وعرقلات رئيس الهيئة تعمل في جهة أخرى، إذ تنتظر عشرات المخطوطات والقرارات توقيعه الذهبي.
إذا كان عبد النبي اصطيف قد فشل أكاديمياً وعلى مستوى رئاسة قسم اللغة العربية في جامعة دمشق، وهذه وجهة نظر طلابه وزملائه، فإن الكارثة أكبر على مستوى وزارة عريقة مثل وزارة الثقافة التي كانت بوصلة للكتاب العربي، في النوع على الأقل. أما إذا انتهى الأمر عند حدود الكتب المدرسية، فالأولى أن يتم ندبه إلى مديرية الكتاب المدرسي، لأن الثقافة السورية قد بلغت سن الرشد منذ أمد طويل.
بالمناسبة ، إن الدراسة في جامعة اكسفورد ليست مقياساً للجودة (لايغرنك السيرة المهولة التي يعرّف نفسه بها) ، فالعقل المستقر، كما يقول النفري، كالجهل المستقر.
خليل صويلح
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد