صحفي حلبي يجلس أربع ساعات على باب رئيس مجلس المدينة
الجمل: لم يعد خافيا على أحد هيمنة و تسلط بعض السادة من مدراء مكاتب و حجاب للمديرين في الدوائر والمؤسسات العامة ويكاد هؤلاء ان يسيطروا على صنع القرار في تلك الدوائر و أن يكونوا العقل المدبر و المفكر و حتى القلب الذي يحب و الذي يكره لمديريهم , بحيث تكون آراؤهم و مقترحاتهم المنارة التي يهتدي بها أولئك دون ان يشعر رؤسائهم ان هذه النوعية من البشر تسيء إليهم اكثر مما تنفعهم .
يعز علي أن أعترف باليأس و الفشل وأنا امني النفس بمقابلة السيد رئيس مجلس مدينة حلب لأستبين رأيه في مظلمة تعرض لها احد المواطنين وكان بصحبتي ساعتئذ.
مضى من الوقت أربع ساعات ونصف من العاشرة صباحا إلى الثانية والنصف بعد العصر وأنا وصاحبي مسمرين على الكرسي في بلاط مدير مكتبه وهو يعدنا كل بضعة دقائق بان نقابل السيد رئيس البلدية مستعملا ألفاظ ( بعد شوي – يالله هانت – بعد خمس دقائق - .. )ونحن نبادل جلستنا من جنب الى آخر وقد تنملت أطرافنا .
ومع مرور الوقت لاينفك السيد مدير المكتب يقوم بحركات بهلوانية في الرد على تلفونات الخلوي ( كل مرة نغمة شكل ) والرد على الهاتف الأرضي اللاسلكي وبصوت خافت كأنه لا يريد لأحدنا ان يسمع مايقوله وأحيانا يحمل الهاتف ويخرج إلى الباب.
وكم رجوته أن يبلغ رئيس البلدية أن هناك صحفيا يريد مقابلته وكان طموحي فقط خمس دقائق من وقته وفي نهاية المطاف غادر السيد رئيس البلدية ولم يبلغه مدير مكتبه بطلبي لمقابلته .. فجاء احد المستخدمين مبشرا إياي أن السيد رئيس البلدية غادر ومعه مدير مكتبه فما كان مني انا وصاحبي الى ان نخرج ونحن نجر خلفنا ذيول الخيبة .
بالطبع ليس علي بهين أن أقول هذه الكلمات ولكن مرارة الهزيمة حفرت عميقا في صدري في اكبر دائرة خدمية على تماس مباشر مع المواطنين ويراجعها مئات المواطنين يوميا ولكن دائما يحدوني الأمل بأن فاسدي و مفسدي وطننا سيتساقطون فرادى و مجتمعين و أنا أصر على القاعدة التي غرست في ذهني منذ الصغر بأننا محكومون بالأمل أنه لن يصح إلا الصحيح و بأن الباطل زائل و بأن الحق منتصر في النهاية...
اكرر شعوري بالإحباط ونحن الصحفيين في هذه الحالة لا نملك الى ان نفرغ شحناتنا و أفكارنا و آلامنا و آمالنا على صفحات الجرائد والانترنت وأنا أعرف الجواب سلفا.. و لكني لا أستطيع رغم الألم و اليأس الذي يعتصرني إلا أن أردد قول الشاعر العربي:
أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
حميدي هلال
الجمل
إضافة تعليق جديد