ضبط إيقاع إيراني ـ روسي للمسار السوري: وقف العنف وإصلاحات ورفض مقاربة الغرب
شددت ايران وروسيا، في مواجهة دعوات تسليح المعارضة السورية، على المبادئ العامة لسياستيهما ازاء ملف الازمة السورية تحت شعار «لا للعنف... نعم للديموقراطية والإرادة الشعبية»، حيث أكدتا رفضهما مقاربة بعض الدول الغربية الهادفة الى تعزيز عسكرة الصراع السوري وقطع فرص الحوار بين النظام والمعارضة، مع تمسكهما بضرورة إجراء إصلاحات سـياسية يقوم بها السوريون انفسهم من دون تدخل خارجي.
في هذا الوقت، تواصلت الاشتباكات بين القوات السورية والمسلحين على أكثر من جبهة، خصوصاً في قرى في ريف دمشق وبلداته، فيما واصل المسلحون إطلاق القذائف على أحياء في العاصمة السورية.
وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أعلن، أمس الأول، أن بلاده ستستقبل في باريس «سفيراً للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية». وأضاف إن «عمل الإقناع لدى دول غربية والاتحاد الأوروبي سيتواصل»، في إشارة إلى التحفظات الأميركية والأوروبية على الاعتراف الكامل «بالائتلاف».
وكانت باريس أعلنت، الخميس الماضي، أنها ستقترح على شركائها الأوروبيين، الذين سيلتقون في بروكسل اليوم، رفع الحظر على «الأسلحة الدفاعية» لمساعدة المعارضة السورية. وتعارض دول غربية عدة أبرزها الولايات المتحدة، تزويد المعارضة بأسلحة نوعية خوفاً من وصولها إلى أيدي المتشددين.
وأعلن وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر أن قرار فرنسا استقبال «سفير» للمعارضة السورية يشكل عملاً «عدائياً» تجاه سوريا، مضيفاً إن فرنسا «تريد أن تتحدث باسم الشعب السوري، غير أن الشعب لا يوليها أي أهمية».
وبحث وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل مع رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا، في الرياض أمس الأول، «آخر تطورات» الأوضاع في سوريا، وذلك فيما كان المسلحون يعقدون اجتماعات في الرياض في محاولة «لتوحيدهم تحت قيادة واحدة».
وعقد اجتماع «الحوار الوطني السوري» في طهران تحت شعار «لا للعنف... نعم للديموقراطية والإرادة الشعبية»، بحضور نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل ووزير المصالحة الوطنية السورية علي حيدر إلي جانب 200 من ممثلي المعارضة والعشائر والحكومة السورية، بالإضافة إلى عدد من السفراء الأجانب.
وأعلن وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي، في مؤتمر صحافي في ختام اليوم الأول من المؤتمر، أنه «تم الاتفاق على تشكيل لجنة للمتابعة بإجماع الأطياف المختلفة في سوريا». وقال صالحي إن «بعض (الدول) تنوي إرسال أسلحة ثقيلة ونصف ثقيلة إلى المعارضة»، محذراً من أن «مثل هذه القرارات ستشكل سابقة في العلاقات الدولية، وستساهم في انتشار انعدام الأمن وخطر الإرهاب والعنف المنظم في المنطقة». وأضاف إن هذه الدول «تبحث عن إضفاء الشرعية رسمياً عما سبق أن فعلته في الخفاء»، مندداً «بتدخل واضح في شؤون بلد مستقل».
وأكد صالحي أن بلاده تريد تشجيع المعارضين والحكومة من اجل التوصل إلى حل سوري - سوري للأزمة وعبر الطرق السلمية، مضيفاً «لدى إيران اقتراحات ديموقراطية بشأن سوريا، وأن الشعب السوري بإمكانه أن يحدد مصيره من خلال إجراء الانتخابات، كما أن على النظام السوري أن يلبي المطالب الشعبية».
وحذرت موسكو، في رسالة لوزير خارجيتها سيرغي لافروف تليت في الاجتماع، الدول التي تساند «الائتلاف» من أنها ترتكب «انتهاكاً فاضحاً» للقانون الدولي إذا زودت المعارضة بالأسلحة. وندّد «بالمقاربة العسكرية» للغربيين، محذراً من خطر رؤية «تنظيم القاعدة ومجموعات متطرفة تستولي على الحكم في سوريا» بفضل هذه الأسلحة.
ونقلت وكالة «مهر» عن لافروف قوله، في الرسالة، إن «سوريا هي من ضمن الدول التي لا بدّ أن تكون إلى جانب أصدقائها الإيرانيين، وينبغي للجماعات المعارضة في سوريا، ونظراً لما أعلن في اجتماع جنيف، أن تدخل في حوار مع النظام، وان تقف بوجه المؤامرات الإرهابية التي تحاك ضد البلد».
وأضاف «إننا نبذل جهوداً للمصالحة، ونسعى لتعزيز هذه المسيرة». وتابع «لقد شهدنا ماذا فعلت الجماعات المتطرفة ضد النظام السوري، حيث أنشأت تنظيمات مستقلة. إننا نسعى لنجمع هؤلاء حول طاولة واحدة، إلا أن منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن لم يدعما الحوار الوطني السوري وشاهدنا أنهما في المقابل قدما المساعدات التقنية والأسلحة إلى المعارضة».
وكتب مراسل «السفير» في دمشق زياد حيدر إن معارضين سوريين يعكفون على الإعداد لمؤتمر آخر في القاهرة، ليكون بمثابة «قاهرة 2»، ويهدف لإرساء أسس حل للأزمة عبر وسائل عدة، من ضمنها اتفاق المعارضة بكل أطيافها على جدول أعمال واضح. وتحظى هذه المبادرة بدعم روسي وصيني وفق معلومات خاصة.
المؤتمر الذي يرغب في تعويض ما توقف عنده مؤتمر القاهرة الأول من فشل في تضييق هوة الاختلاف بين القوى المعارضة، تسعى إليه هيئة التنسيق الوطنية المعارضة، ولكن ضمن مبادرة «وضعتها لحل الأزمة»، وفق تصور كوادرها، كما يقول أمين سر الهيئة رجاء الناصر .
(«السفير»، ا ف ب، ا ب، رويترز)
إضافة تعليق جديد