طهران تدخل على خط الأزمة الفلسطينية من باب دمشق
دخلت طهران على خط الأزمة الفلسطينية من دمشق، وأجرى نائب وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والإفريقية محمد رضا باقري، اتصالات مع القيادة السورية وقادة الفصائل الفلسطينية في سوريا، في وقت ذكرت مصادر مطلعة على المحادثات ان طهران لا تمتلك «مبادرة واضحة بعد»، وانها تتشاور مع دمشق والفصائل الفلسطينية حول كيفية «منع الأطراف الأخرى» من الاستفادة من الظرف الذي وضعت حماس نفسها فيه، علما ان حركة فتح نفت اتهامها لايران بمساعدة حماس على السيطرة على غزة.
وقالت مصادر مطلعة على أجواء اللقاءات لـ«السفير»، ان إيران تحاول أن تستمع إلى اقتراحات بشأن سبل الخروج من الأزمة الفلسطينية، فيما نقلت مصادر أخرى عن مبعوث الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دمشق، عباس زكي، قوله ان حركة فتح لا تتهم طهران بالوقوف وراء أحداث غزة، خلافا لما جاء على لسان بعض قادة الحركة، مشيرا إلى أن فتح «لا تريد أن تكون هناك أي شائبة بينها وبين طهران».
وذكرت المصادر لـ«السفير» أن الإيرانيين «لا يمتلكون مبادرة واضحة بعد وأن تحركهم هو بهدف جمع الآراء المختلفة حول كيفية الحل ومنع الأطراف الأخرى من الاستفادة من الظرف» الذي وضعت حماس نفسها فيه، فيما كان الرأي السوري على حاله بضرورة «محاورة جميع الأطراف وإشراك الفصائل في كل القرارات المستقبلية وإنهاء حالة الثنائية الفتحاوية الحمساوية»، إضافة إلى «منع حصار أي طرف وإنهاء حصار الشعب الفلسطيني بشكل عام». كما استبعدت المصادر أن تتحقق أي «خطة في اتجاه عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين في الظرف الراهن».
كما قالت مصادر دبلوماسية ايرانية أنه من المتوقع أن يصدر من طهران مبـادرة ايرانية تتعلق «بالجهود الرامـية لإحلال التوافق بين كافـة الأشـقاء الفلسطينيين».
وقالت مصادر فلسطينية ان الفصائل قالت للموفد الإيراني ان «لا حل من دون الحوار بين كل الأطراف». ورأى ممثلو غالبية الفصائل ان «الحسم العسكري كان خاطئا وأدخل الوضع الفلسطيني في نفق مظلم وفتح الباب أمام تدخلات خارجية»، وان «حل حكومة الوحدة الوطنية كان خطأ أيضا».
وأضافت المصادر ان باقري طلب الاستماع الى آراء قادة الفصائل حيال كيفية الخروج من الأزمة، كما طلب «تفويت الفرصة على اسرائيل»، فيما دعا ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر الطاهر الى «تشكيل قيادة مؤقتة تدير الشؤون الفلسطينية حتى الخروج من الأزمة»، من دون ان يكون الشعور العام بإمكانية حدوث ذلك قريبا «كون فتح متوترة جدا الآن، لا ترد على اتصالات حماس». وقد اتفق الجميع على ان قمة شرم الشيخ «ستعمق الانقسام الفلسطيني أكثر».
وكانت وكالة الأنباء السورية «سانا» ذكرت ان المسؤول الايراني بحث مع نائب الرئيس السوري فاروق الشرع «المستجدات في المنطقة وأهمية استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين الصديقين بما يخدم الامن والاستقرار في المنطقة». كما بحث مع وزير الخارجية السورية وليد المعلم «العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها اضافة الى تطورات الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط ولاسيما في لبنان والعراق والوضع المتدهور في الاراضي الفلسطينية المحتلة».
وقد أكد المعلم «ضرورة العمل من اجل احتواء التدهور الحاصل في الاراضي الفلسطينية المحتلة والعودة الى الحوار لحل الخلافات القائمة بين الأشقاء الفلسطينيين». وعبر عن «حرص سوريا على استتباب الامن والاستقرار في لبنان»، مشددا على دعم سوريا «لما يتوافق عليه اللبنانيون في اطار احترام الدستور اللبناني وصيغة العيش المشترك وبمعزل عن التدخلات الخارجية».
وقال باقري عقب لقائه الشرع ان زيارته «تتم في اطار التشاور والتنسيق بين سوريا وايران حول القضايا المهمة في المنطقة وخاصة في فلسطين ولبنان»، معبرا عن أسفه «للصراع والتصادم الذي حصل بين الإخوة الفلسطينيين».
وأشار باقري الى انه اجرى مشاورات مع الفصائل الفلسطينية في سوريا، شملت كلا من زكي، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، والأمين العام للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة، والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة احمد جبريل، ومسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خارج الاراضي المحتلة ماهر الطاهر.
وخلال لقائه مع مشعل، أشار الجانبان «الى استغلال الكيان الصهيوني للصراع الدائر بين الفصائل الفلسطينية». وأكدا «ضرورة وقف إراقة الدماء بين الفلسطينيين بأسرع وقت».
من جهته، بحث زكي مع الشرع «المستجدات على الساحة الفلسطينية وسبل تجاوز الازمة الراهنة بما يحقق وحدة الصف الفلسطيني». وقال زكي عقب اللقاء ان «هناك تفهما واستقراء سوريا دقيقا للحالة الفلسطينية». وأشار الى انه أطلع نائب الرئيس السوري على قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، مؤكدا ان «المشروع الفلسطيني لن يتوقف الا بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الى وطنهم».
والتقى زكي ايضا المعلم الذي اكد على «ضرورة وقف التدهور الحاصل على الساحة الفلسطينية وتحريم الدم الفلسطيني والاقتتال بين الأشقاء وضرورة ان يعود الفلسطينيون الى لغة الحوار من اجل حل الخلافات القائمة بينهم والتمسك بوحدة الصف الفلسطيني».
كما شدد المعلم على «حرص سوريا على بذل كافة الجهود الممكنة لمساعدة الإخوة الفلسطينيين على تجاوز أزمتهم واحترام المؤسسات الدستورية القائمة وعدم السماح لأطراف خارجية في تأجيج الخلافات بين الفلسطينيين من اجل مصالح لا تخدم اهداف الشعب الفلسطيني وقضيته».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد