طيب تيزيني يؤسس مجلس حكماء سورية
كشف المفكر السوري طيب تيزيني أنه يعمل حاليا على تأسيس "مجلس حكماء" في دمشق قد يتحول لاحقا إلى حالة سياسية تؤسس لتشكيل منظومة سياسية في سورية، داعيا إلى تنحية السلاح جانبا والإطاحة بالأفكار الإطلاقية التي يراد لها أن تكون حكماً في المسائل السياسية.
وقال طيب تيزيني في حوار صحفي أمس: " نحن ما زلنا نسير على الدرب ذاته ولم يحدث حتى الآن تحول جديد بالمعنى النوعي، مازال الأمر غير قابل للحسم وهناك إصرار على أن طرفا واحدا هو الذي يضع برنامج العمل ويحدد النتائج ويؤسس لما بعدها، الإشكال هو في الخروج من هذه الدائرة المغلقة المطلقة التي تحاصر كل شيء، فلا بد من التخلي عن هذه الرؤية الذاتية التي تقول "نحن كل شيء!"، ولذلك هناك دعوة لمجلس حكماء وعقلاء وقد دعيت إليه، بل إني كلفت بتأسيسه من أصدقاء كثر ومنهم من له علاقة بالسلطة، فقلت هذا أمر جميل ويجب أن يبدأ أولا في السلاح، فلا أحد يملك الحق برفع السلاح على سورية من كل الأطرف، ويجب في سياق ذلك أن يحاكم من يقود هذا الأمر وأن يحاكم من قتل الناس الذين وصلت أعدادهم إلى 12 ألفا، هناك خطوات تأسيسية لابد من حسمها، وهذا ما يجب أن يحدث إذا ما أريد للأمر أن يسير خطوة واحدة ، وإلا فالموت سيبقى مهيمنا"، حسب تأكيد تيزيني.
وتمنى المفكر السوري على من وصفهم بـ" أصحاب الرؤس الحامية الذين يعتقدون أنهم جاؤوا لكي يبقوا إلى الأبد أن يدركوا أن هذا التفكير هو تفكير إطلاقي، والمطلق مغلق، والمغلق يدمر، وبالتالي نكتشف هنا أن ثمة علاقة طريفة وخطيرة بين الفكر السياسي من هذا النمط المغلق والفكر الأصولي الديني الذي ينطلق من القداسة التي تعني هنا بالنسبة إليهم أن ننطلق من أفكار لا تناقش وإنما تملى على الآخرين، كلاهما يسير بالنسق نفسه."
ودعا تيزيني إلى" الخروج من دائرة الإطلاق والمُطْلقات والأبديات والاشتغال بالسياسة كما هي، لأنها فن الممكن وهذا ما قصده أرسطو حينما أسس لكتابه "السياسة" لكي يبحث فيما هو متحرك وبالتالي هذا يوصلنا إلى فكرة العلمانية، والحيادة التي تحدث عنها فرح أنطون قبل أكثر من قرن. لابد من الإطاحة بمنظمة الأفكار الإطلاقية هذه التي يراد لها أن تكون حكما في المسائل السياسية".
وانتقد طيب تيزيني جملة القوانين الإصلاحية التي صدرت في سورية في ظل الأزمة وقال:" الانتخابات البرلمانية والرئاسية والدستور خطوات لا يمكن أن تنجز بمنأى عن تشكيل لجنة وطنية كبرى بمساعدة لجنة دولية موثوقة تؤسس قانونيا لهذه الخطوات". وأضاف: "هناك خطوة يراد لها أن تتم في السابع من الشهر الحالي فكيف لها أن تتم ؟ من وضع أسسها؟، هل الأطراف المعنية موجودة كلها أم لا؟، لذلك نجد أنفسنا ندور في الحلقة نفسها، لا يجوز ذلك، علينا أن نعترف أن الوطن ليس فريقا واحدا"، حسب قوله.
ولم يستبعد تيزيني أن يحقق "مجلس الحكماء" شروط تكوين حالة سياسية "لأننا إذا وصلنا إلى مثل هذا المجلس الحكيم ستكون المناسبة العظمى للانطلاق منه لتشكيل منظومة سياسية جديدة بعد أن أُخرجت السياسة من المجتمع السوري منذ قيام الوحدة السورية المصرية"، موضحا أن هذه الوحدة قد أسس لها عام 1958 بعد شرط واحد حاسم وهو إلغاء المجتمع السياسي، وإلغاء الحراك السياسي، وإلغاء ما كان عليه أن يحمي الوحدة بين سورية ومصر، هذه مفارقة خطيرة لهذا الحلم العربي العظيم"، على حد تعبيره.
وحول ردود الفعل المحتملة للسلطات السورية من مسألة قيام هذا المجلس أكد تيزيني أن هذا الأمر يعول على الحكماء الآخرين، أنا أعتقد أن سورية مفعمة بالحكماء ولذلك أنا وأصدقاء حاولنا أن نقطف الثمار اليانعة التي تسمح لنا أن ننطلق باتجاه إيجابي أي أن هذا المجلس سيؤسس لمجالس لن تنتهي إلا بتأسيس عمومي هو التأسيس لمنظومة جديدة في سورية"، وأضاف:" أنا وبعض الأصدقاء فكرنا أن السياسة المحترفة بدأت تسقط وبالتالي بدأنا نفكر بما هو أعلى من السياسة أي الحكمة وكلتاهما، السياسة والحكمة، مارستا دورا كبيرا في التاريخ العالمي منذ العصر اليوناني العريق حتى أيامنا هذه ، إذا غابت السياسة الحكيمة فهناك علماء سيؤسسون لحكمة سياسية مقبولة، حسب المفكر السوري طيب تيزيني.
منذر البوش
المصدر: أنباء موسكو
إضافة تعليق جديد