عندي قيم.. و أرتدي (الجينز ) وضد الحرب على العراق
رغم ما حدث من خلط بين المقصود بالقيم والأخلاق العامة سألنا مجموعة من الشباب عن القيم إلا أنهم قالوا ما يمكن أن يعبر عنهم..
فإذا كانت القيم هي الأمور المادية والمعنوية التي تكون موضع طموح أبناء المجتمع وتقديرهم فيحرك هذا التقدير شعورهم وتفكيرهم ويوجه سلوكهم وسعيهم وإذا علمنا أن الاتجاه من أهم المصطلحات التي ترتبط بالقيم والذي يعبر عن استجابة الفرد إزاء موضوع معين غالبا موضوع اجتماعي جدلي كالاتجاهات إزاء التفرقة العنصرية وحرية المرأة وديمقراطية التعليم والمثل الأعلى المرتبط بالقيم من تصور الفرد لأحسن ما يمكن الوصول إليه من نشاط أو أمر أو موضوع بعينه, فالقيم الشاملة التي هي الحرية والعدالة وتتفرع عنها قيم مثل الولاء لجماعة معينة كالأسرة أو الوطن ما يوجه النشاط لخدمتها.
وحسب الدراسات تزداد الفروق بالقيم بين الجنسين في المجتمعات التي يقل فيها الاختلاط وهناك فروق مبررة بين أبناء المدينة والريف بسبب احتكار الأولى لفترة قريبة كل وسائل الاتصال والقوة والريف منعزل مستسلم لتقاليد من مئات السنين.
وتظهر حسب الدراسات فروق بين القيم حين يضم المجتمع طبقات تتأثر من حيث الثروة أو المكانة الاجتماعية أو النفوذ السياسي أو الثقافة وتقترن بهذه الفروق مشاعر استعلاء واحتقار من طرف وحقد وعداء من الطرف الآخر.
ولا ننسى الثقافة وارتباطها بالقيم إن تنوع القيم ضمن الثقافة الواحدة يتعلق بالموضوعات الأساسية كالهوية الوطنية أو القومية والنظام السياسي والاقتصادي والعلاقات الإنسانية والأسرة والمهنة.
توجهنا للشباب لنتعرف على مفهومهم للقيم وكيفية تعبيرهم عن أنفسهم وأهمية القيم الاستهلاكية في حياتهم:
تحدث المهندس جاسم الحميد 35 عاما عن مظهر الشباب الخارجي وطريقة لباسهم واهتماماتهم وأحاديثهم السطحية فهو عندما ينظر إلى غالبية الشباب اليوم ينزعج وهو مقتنع بأن المظهر يدل على المضمون أو يرتبط به عموما ويدل على تفكير الشباب ولكن ما يثيره ردة فعل الشباب تجاه الأحداث التي تجري بالعراق وفلسطين هذا يدل على أن الحس القومي موجود ولكن لا بد من أن يحركه شيء مثل حماس الشباب أمام حرب العراق والتفاهم بقلب واحد حبا بالعراق وحقدا على العدو واستعدادهم للتضحية بحياتهم لإنقاذ أرض العراق وشعبه من العدو ولكنه يجد أيضا أن الاعتياد والتكرار تجاه قضية دون نتائج إيجابية يجعل الشباب يشعرون بالإحباط .
تحدث الشاب تيسير محمد 37 عاما عن أهمية الانتماء للوطن ويرى أن المنتمي هو شخص غير فاسد وهو من لا يرمي ورقة بالطريق وهو من لا يؤذي جاره ومن لا يسكت على الخطأ ويرى أن 70% من الشباب يتجهون للقيم الاستهلاكية نتيجة الغزو الثقافي الذي لا يستطيع الشباب والمجتمع مقاومته وبات الارتباط بالأسرة ضعيفا وباتت الحرية تؤخذ بزاوية صغيرة جدا وهي التخلص من العادات والتقاليد دون وجود البدائل الأفضل وهنا مسؤولية الوزارات من تربية ووزارة ثقافة وشؤون اجتماعية لتلعب دورا إيجابيا بهذا المجال.
الشاب حسين.ص 35 عاما- جامعي يبدو أكثر تشاؤما من غيره فهو يقول إنه جاء اليوم الذي أعلن فيه العالم سفر المبادىء لغير رجعة في ظل التحول المادي الكبير في أذهانهم ففي الكفة الأخرى من الميزان يضع هؤلاء الشباب مجموعة من العوامل لإطلاق الأحكام على الآخرين حتى غدا الهاتف النقال وسلسال اليد وربطة العنق وموضة اللباس ونوع السجائر عناصر أساسية للتعامل مع الآخرين ولم يعد للصدق طريق بعد أن أغرقه الجميع بسيل جارف من الطمع والجشع.
(رنيم.و) طالبة جامعية عمرها 20 سنة تعشق الموضة قالت إن الموضة أهم الأولويات في الحياة لأن الشكل الخارجي مهم مثل الأخلاق والثقافة والتربية, واللباس لا ينم عن الأخلاق السيئة في حال كان شديد التعلق بالموضة ولكنها لا تحب الثياب غير المحتشمة ولا ترتاح لمنظر الفتيات غير المحتشمات ولكنها ترى أن الشكل الخارجي يعكس شخصية الفتاة, واهتمامي بالشكل الخارجي لأني أريد أن أكون فتاة عصرية ومواكبة لاحتياجات العصر من حيث نوعية العمل الذي يحتاج للأناقة والذهاب للجامعة الذي يجعل الشباب والفتيات يسخرون من الفتاة غير العصرية بلباسها لكن اهتمامها بالموضة والانترنت لا يعني أنها متناسية قضايا الوطن الكبرى.
التقينا د. كريم أبو حلاوة أستاذ علم اجتماع التنمية جامعة تشرين ومدير التأليف والنشر في وزارة الثقافة.
بدأ حديثه بتعريف القيم التي هي مجموعة المحددات الاجتماعية التي تؤثر على سلوك الفرد وتوجه أفعاله استنادا إلى المنظومة القيمية السائدة ومن هنا فمن الطبيعي أن تكون القيم جزءا من ثقافة أوسع وأحد مكوناتها الأساسية الثقافة بالمعنى الواسع هي مجموعة المعايير والقيم والعلوم والفلسفة والأدب والفن وكل ما يكتبه المرء بوصفه عنصرا بالجماعة, والقيم جزء تكويني من الثقافة وفي كل ثقافة هناك مجموعتان من القيم السلبية والقيم الإيجابية. واليوم مصادر القيم أصبحت من التنوع والاتساع من حيث يصعب السيطرة عليها فوسائل الاتصال الحديثة انترنت وفضائيات خصوصا وضخها المتواصل للرموز والأخبار والقيم والصور على مدار الساعة أصبح من المصادر الأساسية التي تؤثر في المنظومة القيمية عند الشباب وهذا ليس سلبيا بالمطلق بل ينطوي على جانب إيجابي يتجسد في نشر قيم الثقافة العقلانية واحترام الرأي الآخر والابتعاد عن التعصب والتقوقع الناجم عن التهديم الثقافي المعولم وينطوي على وجه سلبي من خلال طمس مكونا الخصوصية الثقافية والحضارية لشعوب العالم غير الغريبة والعولمة الثقافية هي محاولة لأمركة العالم ونشر القيم على الطريقة الأميركية وتقديمها للعالم على أنها عالمية.
لكن مع انتشار قيم الاستهلاك من موضة وخليوي وسيارات خلقت معاناة إضافية للشباب الأقل دخلا الذي دفع بعض الشباب للحصول على المال بأي طريقة ممكنة ولو كانت غير مشروعة ويفسر بدرجة أقل انتشار الانحراف والمخدرات والأنماط السلوكية غير السوية المنتشرة مع عدم التفريط بحقهم بالعمل والعمل واختيار الشريك.. إن سر التفوق والإبداع بالمجتمعات المعاصرة تلتزم بخيارات البشر التي تعبر عن وعيهم فلا يمكن التفوق بميدان في الحياة إذا لم نكن نحبه والنجاح على المستوى الشخصي هو الذي يحقق النجاح على المستوى العام مع ملاحظة أن مسؤولية المجتمع تجاه شبابه وتوفير البيئة والمناخ المناسبين للاستفادة من طاقاتهم وبالتالي معرفة أحوالهم اليوم يعني التعرف على المستقبل الذي ينتظرنا.
صبا يوسف
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد