فتح وحماس تبحثان عن مخرج ينقذ الحوار
في أعقاب إخفاق وفدي حماس وفتح في التوصل في القاهرة إلى اتفاق ينهي الصراع الداخلي الفلسطيني ويفسح المجال أمام تسهيل إعادة إعمار قطاع غزة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تشهد التيارات الفلسطينية نقاشا موسعا بحثا عن سبل الخروج من الأزمة. وتدور هذه النقاشات في مراكز مختلفة داخل كل فصيل وبين الفصائل في الضفة والقطاع والخارج على حد سواء. وفي الأيام الأخيرة عقدت جلسات موسعة في كل من رام الله لفصائل منظمة التحرير، وفي دمشق للفصائل المعارضة. وبدت الحيرة وكأنها عنوان الفترة الانتظارية في المرحلة المقبلة والتي باتت تشهد تراجع منطق الهدنة الإعلامية بين الأطراف المتصارعة والعودة إلى منـطق الاتـهامات المتـبادلة.
وتبحث قيادات كل من فتح وحماس مع حلفاء كل منهما عن سبل الخروج من مأزق انعدام الحل بعد الاجتماع الأخير لوفدي الحركتين في القاهرة. وعلمت «السفير» أن النقاش بين الوفدين برعاية المخابرات المصرية لم يفلح في كسر حائط الجمود الذي بني حول قضايا الخلاف في مواضيع «الجملة السياسية» والحكومة والانتخابات والأجهزة الأمنية. وحاولت حماس التوضيح بأنها وصلت للقاهرة بقصد التوصل لاتفاق حل وسط وأنها مستعدة للقبول بصفقة رزمة. غير أن ممثلي فتح شددوا على أنهم ليسوا في وارد الاتفاق على رزمة وإنما كل قضية على حدة. وأوضحوا أن ما يعنيهم هو الاتفاق على حكومة تكون مقبولة من العالم وتعيد إعمار غزة وتوحد الأراضي الفلسطينية.
وأشار ممثلو فتح إلى أن الخلاف معهم حول «الجملة السياسية» لا معنى له لأنهم على استعداد للقبول بما تقبل به مصر والدول العربية بشأن الالتزام أو احترام الاتفاقات المبرمة مع منظمة التحرير. وقد أوضح المسؤولون المصريون, وفق إحدى الروايات, أن أمام الفلسطينيين بشأن الحكومة خيارين لا ثالث لهما وهما: حكومة مستقلين أو حكومة فصائلية ببرنامج يقبل شروط الرباعية الدولية. وشددوا على أن محاولات رئيس المخابرات العامة المصرية في العاصمة الأميركية وعلى الصعيد الإقليمي لم تفلح في زحزحة المواقف عن القبول بشروط الرباعية.
ونقل فلسطينيون عن شروحات قادة المخابرات المصرية أن الانطباع هو أن الإدارة الأميركية ليست في وارد التحرك فلسطينيا قبل مرور ستة شهور. وهذا هو الوقت المطلوب لبلورة خطط العمل وتنظيم سبل التفاعل مع الأطراف المحلية والإقليمية بهذا الشأن. ولذلك فإن مصر بحاجة إلى موقف فلسطيني جدي لتشجيع أميركا على التحرك السريع لإيجاد مخارج لإعادة الإعمار أو لإحياء العملية السياسية.
ونظرا لجمود مواقف الطرفين طلب رئيس المخابرات العامة المصرية من الطرفين العودة إلى قيادتهما للتشاور من دون تحديد موعد للعودة للحوار. وفهم الطرفان أن الحوار في جولته الراهنة قد انتهى عمليا إلى طريق مسدود رغم أن تفاهمات جزئية عديدة تحققت في إطاره. ولكن السؤال الذي كان يطرح طوال الوقت ومن الجانبين على القياديين المصريين هو, ما العمل من الآن وحتى التوصل لاتفاق؟ وكان الرد المصري شبه الجاهز هو أن العالم يعترف بشرعية الحكومة في رام الله وليس بالحكومة المقالة في غزة التي يمكن اعتبارها حكومة أمر واقع. ويمكن الاستناد إلى ذلك بتشكيل لجنة فصائلية تعمل على التنسيق بين حكومة رام الله وحكومة الأمر الواقع في غزة إلى أن تنتهي الأزمة.
وفهم الكثيرون من هذا الموقف أن الأمور على الصعيد الفلسطيني ستبقى على حالها وأن ذلك يعني استمرار إلقاء مشكلة غزة في وجه حكومة حماس كنوع من الضغط عليها لتغيير مواقفها. وربما أن هذا ما دفع البعض في رام الله إلى إعلان أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يسعه الانتظار طويلا لذلك فإنه قريبا سيعمد إلى تشكيل حكومة جديدة. وفيما تشير التقديرات إلى أن سلام فياض نفسه سيرأس الحكومة الجديدة هناك مطالبات من بعض القوى الفلسطينية بتكليف شخصية مستقلة بل وإنشاء حكومة فصائلية في رام الله. وليس من المستبعد أن تقود أية خطوات جديدة إلى إعادة التوتــر إلى الوــضع الداخـلي الفلسطيني.
في غضون ذلك، يبدأ قيــاديان بارزان من حركة فتح زيارة إلى قطاع غزة اليــوم بتكــليف من الرئيس الفلسطيني، في ما بدا أنه مؤشر إلى الحــراك الذي يسود العلاقة مع حركة حماس منذ بدء الحوار الوطنــي في القاهرة. وقال مفوّض العلاقات الخارجــية في حــركة فتح عبد الله الإفرنجي إنه سيتوجه برفقة عضو المــجلس الثوري للحركة مروان عبد الحميد، وهو مستشار الرئيس الفلسطيني لشؤون التنمية والإعمار، إلى غزة للاطّلاع عن قرب على الأوضاع.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد