فـادي عطية: الموسـيقا هي الخصـم التاريخي للتطرف
رئيس قسم الغناء في معهد صلحي الوادي للموسيقا 2006-2011م، وعضو الهيئة التدريسية للمعهد العالي للفنون المسرحية والمعهد العالي للموسيقا بدمشق، ومدرّس مادة الغناء منذ عام 2004م،
له عدد من الدراسات العلمية والبحوث الموسيقية وقام بإعداد مناهج مادة الغناء في كل من معهد صلحي الوادي للموسيقا والمعهد العالي للفنون المسرحية في وزارة الثقافة.
قدم العديد من الحفلات الموسيقية كمغن منفرد داخل سورية والعديد من الحفلات مع مغنين عالميين أمثال فابيو أندريوتي- سلفانا فرولّي- كلود ميلوني- فلاديمير مالو تشينكو، وشارك في العديد من لجان القبول في المعاهد العليا الموسيقية والمسرحية.
شارك في تمثيل الجمهورية العربية السورية في مؤتمر الموسيقا العربية في القاهرة منذ العام 2006 حتى العام 2010م. ومثل الجمهورية العربية السورية مغنياً ومؤلفاً موسيقياً في مؤتمر المؤلفين الشباب (اتجاهات عربية) في القاهرة في العام 2008م.
قام بالإشراف على العديد من الأعمال المسرحية في مادة الصوت والإلقاء مع عدد من المخرجين أمثال (فايز قزق، سمير عثمان،مانويل جيجي).
شارك في ورشات عمل غنائية مع العديد من المغنين العالميين أمثال (مغنية الأوبرا المصرية رتيبة الحفني، ومغنية الأوبرا البريطانية شونا بيزلي، ومغني الأوبرا الفرنسي كلود ميلوني.)
مع فادي عطية كان هذا اللقاء..
• إلى ماذا تحتاج الموسيقا السورية في هذا الوقت؟ وما رسالة الموسيقا اليوم؟
• • تعاني الموسيقا منذ سنوات من النظرة التقليدية التي تعدّها أسوة ببعض الفنون الراقية هوايات مسلية لبعض العائلات الميسورة، كما تعامل في المدارس على أنها الحصة الشاغرة التي يمكن ملؤها بأية مادة أخرى (مهمة)، فلا ينظر لها من باب العلم أو الأهمية وإنما من باب التسلية، كما إن قضية إيجاد كوادر تدريسية جيدة جاءت متأخرة جداً، في الحقيقة لم تتغير الأمور فما تحتاجه الموسيقا منذ سنوات طويلة لم يتغير، وإنما زاد عليه ما فرضه الواقع الذي يعيشه العالم العربي بشكل عام وسورية بشكل خاص، فالفنون هي أول ما يتأثر بالواقع المحيط أظن أن هذا الوضع كشف لنا أهمية وجود الموسيقا وانتشارها، فمن المعروف أن الأماكن التي تسودها الموسيقا لا تعرف العنف، كما إن الموسيقا هي الخصم التاريخي الذي يبطل مفعول التطرف ويحوّل كل طاقات الإنسان ومخزونه الداخلي إلى جمل موسيقية ومشاعر خلاقة، كما ينمي ويطور المشاعر الإنسانية ويصقل إنسانية الإنسان.
جهود وإبداعات
• أنت مؤسس أسبوع مار إليان ومؤسس قسم الغناء في معهد صلحي الوادي. هل تحدثنا عن هاتين التجربتين؟
• • هاتان التجربتان هما الأحب إلى قلبي، فأسبوع مار إليان الذي نفتقده منذ بداية الأزمة علامة فارقة في النشاطات الثقافية السورية وأتمنى أن نتمكن من معاودة إقامته بعد أن حقق سمعة كبيرة داخل وخارج سورية، وعندما نتذكره تعود بنا الذاكرة إلى محمود درويش، وأدونيس، ورتيبة الحفني، وصلحي الوادي، وقائمة طويلة جداً من الشخصيات والأماسي الرائعة ومعارض الرسم والأسبوع الطبي ونشاطات الأطفال التي لا يمكن أن تنساها مدينة حمص.
أما قسم الغناء في معهد صلحي الوادي فهو ما وجدت مع الأستاذ «جوان قره جولي» أهمية إنشائه لتأهيل مغنين محترفين أسوةً بالاختصاصات الأخرى في المعهد فأنشأنا صفين للغناء الكلاسيكي وصفين للغناء العربي مع عدد من الأساتذة المختصين أمثال معتز عويتي، هالة أرسلان، ميرنا قسيس، سومر نجار، وقد كان المعهد قبل أن آتي إليه كورالاً تناوب على إدارته الأستاذان فوزي الجيرودي وحسام بريمو.
• هل يؤمن فادي عطية بالموهبة أم بالتمرس؟
• • هناك أمثلة مختلفة في عالم عباقرة الموسيقيين، ونرى الأهمية في كلتا الحالتين فلو أخذنا «موتزارت» مثلاً فهو نموذج عن الموهبة الكاملة، فهذا العبقري الذي توفي في عقده الرابع، لا تقيم أوركسترا في العالم حفلاً حتى الآن إلا وتقدم بعضاً من أعماله، فهذا الموسيقي يرجح قيمة الموهبة.
أما إذا أخذنا باخ المؤلف الألماني العظيم الذي يعدّ جدّ الموسيقا العالمية، فهو رمز العمل والاجتهاد والتمرس، وقد كان شعاره في الحياة (لا وجود للموهبة إذا عملت بقدر عملي تصبح أفضل مني).
شخصياً أظن أن الموهبة شرط أما صور العبقرية فهي غير محددة بقالب أو صورة معينة.
محسوبيات موسيقية!!
• هل وجد فادي عطية نفسه في الموسيقا أم في الغناء الأوبرالي؟
• • لا أجد حداً فاصلاً بين الموسيقا والغناء فالغناء صورة من صور الموسيقا ربما تأخذ بعداً خاصاً في منطقتنا بحكم أن موسيقانا ذات طابع غنائي. حالياً أقوم بتدريس الغناء الكلاسيكي والعربي، كما أشرف على بعض الورش الموسيقية، وأكتب بعض الأعمال بين الفينة والأخرى، كما أقدم أو أشارك في بعض الحفلات الغنائية على فترات متباعدة، أما أن أعيش مغني أوبرا فهذا غير ممكن، ففي بلدنا هذه الثقافة الغنائية غير موجودة في عقلية الناس أو الإدارات، فمثلاً دار الأوبرا السورية لا يوجد فيها أي مغني أوبرا، كما إن الأوركسترا السيمفونية الوطنية والمعهد العالي للموسيقا مؤسستان محكومتان بالأشخاص و«المحسوبيات» ذاتها منذ عشرات السنين لذلك تعيشان على اجترار ما قدمه صلحي الوادي.
• ماذا قدمت دار الأوبرا للموسيقا السورية؟
• • لقد عاشت دار الأوبرا السورية فترة تألق كبير خصوصاً في فترة إدارة «د.نبيل اللو» وأظن أنها قدمت الكثير للموسيقا السورية فقد كانت منبراً للفرق السورية وقدمت الكثير من الأعمال الكبيرة وزارها عددٌ كبيرٌ من الموسيقيين العالميين ومن الفرق العالمية السورية على المستوى العالمي والمحلي كما قامت بطبع العديد من الأسطوانات الموسيقية المهمة على صعيد الموسيقا العربية، وتنظيم العديد من المؤتمرات الموسيقية.
• أنت أستاذ الغناء والصوت في المعهد العالي للفنون المسرحية حدثنا عن هذه التجربة؟
• • أعمل في المعهد العالي للفنون المسرحية منذ العام 2003 وهذا النوع من العمل يعطيني الكثير من المتعة إذ إن تعليم الغناء لغير المختصين عمل أكثر صعوبة من تعليمه لمغنين محترفين، فهنا تأخذ المادة أهدافاً مختلفة تتعلق بإيقاع الممثل الداخلي وقدرته على التصويت ومعرفة أماكن الرنين في الجسد وتطوير قدرته على السمع والأداء، وتكمن الصعوبة بأنك تتعامل مع مواهب ومشكلات مختلفة في الوقت نفسه، كون المادة تأخذ شكلا جماعياً.
أنموذج فريد
• فقدت الموسيقا قامة كبيرة من قاماتها وهي الدكتورة رتيبة الحفني تربطك بها علاقة وطيدة ماذا تحدثنا عنها؟
• • تعرفت إلى الدكتورة رتيبة الحفني في ورشة عمل كان قد دعاها إليها أستاذنا صلحي الوادي -رحمه الله- ومن ثم بدأت هذه العلاقة تتوطد مع مشاركاتي المتتالية في مؤتمر الموسيقا العربية، إذ شاركت في تمثيل الجمهورية العربية السورية مع الأستاذة «إلهام أبو السعود» مرات عديدة وتعرفت بشكل قريب إلى مغنية الأوبرا المصرية «رتيبة الحفني» عن كثب كونها صاحبة أولى التجارب العربية، فوالدها الشيخ «محمود الحفني» مؤسس المجمع العربي للموسيقا، ووالدتها مغنية أوبرا ألمانية الجنسية، وهي صاحبة تجربة طويلة من التألق والحضور الموسيقي التربوي والإعلامي، وأولى التجارب العربية التي حققت كل هذا النجاح والشهرة، فكانت عميدة المعهد العالي للموسيقا في القاهرة، ومن ثم مديرة لدار الأوبرا المصرية، ثم رئيسة للمجمع العربي للموسيقا، وقد كان لنا شرف تكريمها ضمن فعاليات أسبوع «مار إليان»، إذ شاركتنا بتقديم عدد من المحاضرات وأعطت أسبوعنا امتداداً عربياً. أردنا أن نكرس هذه الشخصية ضمن الشخصيات التي حملت درع «مار إليان» لأنها أعطت الكثير للموسيقا وقدمت نموذجاً فريداً للمرأة العربية نفتخر بهِ على مستوى مصر والوطن العربي والعالم.
ديما الخطيب
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد