لجم الدولار يكون عبر مسارين.. نفسي وآخر كمي نوعي
سجلت الليرة السورية خلال الأيام القليلة الماضية تحسناً أمام الدولار بعد تأكيد رئيس الحكومة الدكتور وائل الحلقي أن من يراهن على انهيار الليرة السورية واهم، مع العلم أنه سعر صرف الدولار في السوداء لامس قبل أيام حاجز 123 ليرة سورية ليسجل أمس السبت حاجز 106 ليرات.
وفي هذا السياق قال الباحث الاقتصادي الدكتور قيس خضر: إنه لا بد حالياً من تدخل حقيقي لإعادة سعر الصرف إلى الحد المقبول بما يتماشى مع حجم الأزمة من جهة، ومع طبيعة الاقتصاد السوري من جهة ثانية.
وأشار الباحث خضر إلى أنه قد يجمع الكثير من المحللين على أن الليرة السورية في وضع جيد مقارنة مع الأزمة، «ولكن لا يعني هذا أن تصل إلى الحدود التي وصلتها قبل أيام مقابل الدولار».
ولفت خضر إلى أن سعر الصرف التوازني في ظل الأزمة مع أخذ المعطيات الأخرى بعين الاعتبار يجب أن يكون أقل من 100 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، «وبالتحديد يجب أن يكون أقل من 90 ليرة سورية في مثل هذه الفترة من عمر الأزمة».
وحول ما هو منتظر من الحكومة في الأيام القريبة، حسب وعودها، أكد خضر ضرورة تدخل حقيقي في إدارة الأزمة مبيناً أن هذا التدخل يجب أن يكون في مسريين اثنين، «أي إننا ننتظر من صانعي القرار في السلطة النقدية المضي في مسريين الأول نفسي، والثاني عبر تدخل نوعي وكمي حقيقي».
وفي الحديث عن المسرى الأول اعتبر الدكتور خضر أن ظهور صانع القرار في السياسة النقدية في مثل هذه الظروف هو ضرورة لأنه لا يمكن إغفال أن جانباً من ارتفاع سعر الصرف هو في أحد جوانبه نفسي المنبع والمنشأ، وبالتالي لا بد من أن يظهر أحد ليقول: «نحن لسنا غائبين عن السوق وإن الليرة ليست متروكة معومة لقوى العرض والطلب الطفيلية التجارية الموجودة في السوق».
أما الناحية الثانية، وهي الأهم وأقرب ما تكون إلى التدخل الملموس والمؤثر، تتمثل بالتدخل الكمي والنوعي، وهذا التدخل يجب أن يكون أقرب ما يمكن وصفه «بحل أمني لليرة السورية»، مؤكداً أن الليرة السورية بقيت حتى الآن لعبة بأيدي مجموعة من التجار الطفيليين المضاربين الذين لم يترددوا للحظة واحدة عن استخدام مبدأ الانتهازية بأقصى أشكاله السلبية من أجل بناء مصالحهم الشخصية.
لذلك - أضاف خضر- يجب ألا يقبل المواطن السوري أن يقوم هؤلاء بالتلاعب مرات متكررة ولن يكون مقبولاً من حاكم المركزي ومسؤولي السلطة النقدية من الآن فصاعداً أن يأتوا ليفسروا لنا ما يجري وأن يقولوا لنا من جديد: هناك تجار مضاربون وتجار أزمة، لأن هذا الكلام مقبول فقط من المواطن البسيط الذي ليست لديه سلطة للحفاظ على السياسة النقدية في البلد.
وعن المنتظر من السلطة النقدية قال خضر: ننتظر من هذه السلطة أن تقول «أوعزنا إلى السلطات المختصة لاعتقال الشخص الفلاني والفلاني لأن أيديهم تلطخت بدماء الشعب السوري، ويجب أن يُلاحقوا، باعتبار أن جزءاً مهماً من المشكلة هو نتيجة تلاعب التجار ومضاربتهم وليست عوامل العرض والطلب التي تحدد هذا الارتفاع في الليرة».
واقترح خضر الدخول على المسرى الكمي عبر لجم هؤلاء أولاً، ثم الدخول بما يمتلكه صانع القرار من أذرع السياسة النقدية، وتتمثل بالتدخل الكمي والنوعي وعبر المزادات، وإن كان هناك من اعترض عليها لكنها قد تكون مطروحة في مثل هذه الفترة للوقوف على مستويات الطلب والعرض الحقيقية في مثل هذه الفترة.
وحول الحديث عن إمكانية اللجوء لربط الليرة بسلة عملات أجنبية غير الدولار واليورو، اعتبر خضر أن هذا الإجراء لا يمكن أن يقود إلى شيء، «لأن المشكلة الحالية ليست في تذبذب عملتنا أمام الدولار وإنما هي أيضاً مشكلة في الليرة السورية بسبب الأزمة».
وأضاف: قد يكون ربط العملة أحد هذه الإجراءات ولكنه لن يكون كافياً أو حلاً جذرياً للأزمة، وهذه فكرة نظرية تتحدث عن أقوم «بتثبيت العامل المتحرك بمجموعة إلى رابط أقوى، كأن تكون السفينة تهتز أمام مربط يتأرجح فأقوم بتثبيتها إلى مجموعة مرابط أقوى».
وخشي خضر أن يقوم البعض بالتجريب استناداً إلى أفكار نظرية بعيدة عن أرض الواقع، لأنهم إن لم يذهبوا إلى الأيادي السوداء التي تتلاعب بالليرة السورية، وإلى العوامل النفسية التي تؤثر فلن تنفع الحلول الأخرى كثيراً.
وختم بالقول: إن الإدارة النفسية للأزمة هي مطلب له ضرورته وأصوله، ولا ننسى أن العلوم المالية النفسية جاءت من أزمات العالم لتضع نفسها تحت خدمة صانع القرار فلماذا لا يستخدمونها وهي علم قائم بحد ذاته؟
حسان هاشم
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد