لنتحدث عن كومبيوتر «كمومي»
في سياق التطوّر الذي تُدخِله النانوتكنولوجيا الى المعلوماتية والاتصالات، أعلن باحثون في جامعة ميشيغن أخيراً عن خطوة اخرى باتجاه صنع كومبيوتر كمومي Quantum Computer، بالاعتماد على رقاقات كمومية.
وقد استطاع علماء ميشيغن التعامل مع الذرّة المفردة في عملية صنع الرقاقات، وتحكّموا بكل ذرّة كمومياً بواسطة إشاراتٍ كهربائية لاسلكية.
وحول هذا الإنجاز، تـحدث البروفســور كريـستوفر مونرو من جامعة ميشيغن إلى وسائل الإعلام أخـيراً، فأوضح أن هـذا الـنـوع من الإمـساك بـذرّة وحـيـدة لـم يـسـبـق أن جـرى استخدامه في صنع ثنايا رقـاقـة مدمجة. وتشبه الرقاقة الكمومية طابع البريد في المساحة والسمك، لكنها تفوق ملايين الرقاقات الإلكترونية التقليدية في القدرات.
وقد جُهّزت بعدد من الأقطاب الكهربائية تتغذى من مصادر مختلفة، كي تستطيع التحكم بكل ذرّة على حدّة، فتحرّكها في الاتجاهات كافة. وذكّر مونرو بأنّ الحواسيب الكمومية واعدة جداً نظراً لسرعة تنفيذها للعمليات الحسابية في شكلٍ يفوق نظيراتها التقليدية المستعملة حاضراً، بأضعاف لا تحصى.
والأرجح أن التصميم الأكثر طموحاً للكومبيوتر الكمومي يكمن في إمكان استخدام الذرّات المفردة في الرقاقات، بحيث تعمل كل ذرّة باعتبارها وحدات ذاكرة كمومية («كيوبت» Q-Bit) لحفظ المعلومات في اللغة الثنائية الرقمية للكومبيوتر. ويشار إلى عملية تخزين ذرّات الـ «كيوبت» في رقاقات الكومبيوتر الكمومي، باسم «أسر الإيونات» Ion Capture. والمعلوم أن الـ «أيون» هو ذرّة تحمل شحنة كهرباء.
ولذلك، تبذل جهود ضخمة حاضراً للتركيز على إنجاح عمليات الأسر الإيوني في رقاقات قابلة للإنتاج في شكل صناعي موسّع، كي تصبح جزءاً من صناعة الكومبيوتر وأسواقه.
وإضافة إلى غناها الكبير بوحدات الذاكرة الكمومية «كيوبت»، تستهلك الرقاقات الكمومية كميات ضئيلة تماماً من الطاقة، كما تعمل عبر جهد كهربائي («فولتاج» Voltage) متدنٍ. وتؤدي هذه الأمور إلى رقاقة لا يصدر عنها الكثير من الحرارة. والمعلوم أن الحرارة هي من أهم المشاكل التي يعاني منها الكومبيوتر والخليوي والأدوات الرقمية كافة. وتالياً، يفتح الكومبيوتر الكمومي آفاقاً واسعة أمام تطبيقات متنوعة، مثل التصوير المتقدّم لأعضاء الجسم وأنسجته وتراكيبه، وصنع أجهزة تُمكّن من الرؤية عبر المطر والثلج والضباب والعواصف الرملية والظلام الحالك وغيره.
وفي إطار متصل، يعكف العلماء على تطوير جزيئات نانوية Nano Particles لاستخدامها في عالم الطب، خصوصاً في التعديل الجيني للنباتات وأنواع من المحاصيل الزراعية، إضافة إلى استخدامها في تطبيقات أخرى في الكيمياء والصيدلة.
وحاضراً، يستخدم الأطباء سوائل تحتوي على جزيئات نانوية، ما يتيح امتصاصها بسهولة، كي تصل إلى مناطق محددة في الجسم وتتجمّع فيها. وبذا، يصبح من السهل تصويرها أو ربطها مع مركّبات من نوع مختلف لتساهم في علاج بعض الأمراض.
لكن، بمقدار ما تحمل ثورة النانوتكنولوجيا المعاصرة من إمكانات واعدة لخير البشرية، هنالك إمكانات لتطبيقات ربما حملت الشر والدمار للبشرية. وفي المقابل، تفيد الخبرة العلمية بأن حضارة الإنسان استطاعت التعايش مع الطاقة النووية، على رغم اكتشاف القنبلة النووية واستعمالها، ما يبشّر أيضاً بالإفادة من خير العلوم النانوية على رغم التطبيقات السلبية الهائلة المحتملة.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد