معهد السلام الأمريكي يبحث التحالف السوري- الإيراني خلال ربع قرن
الجمل: نشر معهد السلام الأمريكي دراسة مختصرة حملت عنوان(تحالف سورية مع إيران).. ويقول المعهد بأن هذه الدراسة قد استندت إلى المناقشات التي دارت في أحد سمنارات المعهد مؤخراً.
تقول مقدمة الدراسة:
على خلفية عدم الاستقرار المتزايد في الشرق الأوسط، وبرغم الضغوط من جانب الغرب، فقد ظل تحالف سورية مع إيران قوياً وعميقاً. وقد انتقدت الولايات المتحدة بقوة كل من إيران وسورية بسبب إسهامهما في حالة عدم الاستقرار، وعلى وجه الخصوص دورهما في القيام بدور تخريبي في ثلاثة صراعات هي: العراق، لبنان، وفلسطين. وقد أدت عروض الولايات المتحدة لكل من سوريا وإيران إلى إثارة التساؤل حول ما إذا كان البلدان يمكن أن يتخليا عن تحالفهما الطويل، ويتبنيا القيام بدور بناء في المنطقة.
تناولت الدراسة الموضوع ضمن أربعة مفاصل، هي:
• النقاط العامة: وتم تحديدها في الآتي:
- على مدى أكثر من ربع قرن، أثبت تحالف سوريا- إيران أنه مستمر ودائم، وليس مجرد علاقة ثنائية تتقارب أحياناً، وتتباعد في أحيان أخرى، بل هناك روابط عميقة: استراتيجية، سياسية، اقتصادية، وثقافية، وغير ذلك.
- المصالح الثنائية للبلدين تتباعد في بعض الجوانب الرئيسية، فالأغلبية السنية السورية ليست متحمسة الى التحالف مع إيران الشيعية، والشيء نفسه بالنسبة للأغلبية الشيعية في إيران. ومن ثم فإن كل واحد من البلدين يعرف ويدرك تماماً أنه من الممكن أن يُستخدم كورقة مساومة ضد الآخر.
- في الوقت الذي تتباعد فيه مصالح البلدين على المدى الطويل الأجل، فإن دمشق وطهران تؤكدان أن التحالف سوف يبقى قائماً خلال الأعوام القادمة، خاصة وأن البلدين يتشاركان في معارضة الولايات المتحدة.
- الجهود لخلق صدع وتناحر بين سورية وإيران على الأرجح لن تتكلل بالنجاح تحت الظروف السائدة حالياً. وطالما أن البلدين يتفاوضان مع الغرب حول العراق والمسائل الإقليمية الأخرى، فإنهما سوف لن يتخليا عن تحالفهما الطويل، على الأقل على المدى القصير الأجل.
• تحالف دائم:
استطاعت سورية وإيران بناء تحالف دائم على أساس روابط المصالح المتقاطعة والمتداخلة في الشرق الأوسط، ومعارضتهما للولايات المتحدة. وقد استطاع تحالفهما أن يتجاوز الفروقات الأساسية التي تميز كل واحد منهما عن الآخر، ومن أبرزها ثنائيات (العرب مقابل الفرس، العلمانية مقابل الدينية، الأغلبية السنية مقابل الأغلبية الشيعية).
تحالف سورية- إيران يعود إلى مطلع حقبة سبعينيات القرن الماضي، ولكنه تعزز بشكل ملحوظ خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وذلك بسبب مواجهة سورية وإيران لمحاولات العزل بواسطة الغرب، إضافة إلى أن سورية وإيران تعارضان دور الولايات المتحدة في العراق، وترغبان في وجود شرق أوسط رافض لنفوذ وهيمنة الولايات المتحدة.
تزايد التعاون بين البلدين في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية والسياسية، إضافة إلى المجالات الثقافية والدينية.
• مصادر التوتر المحتملة:
توجد العديد من مصادر التوتر التي يمكن أن تضعف العلاقات السورية- الإيرانية منها الانقسام السني- الشيعي، كذلك وما هو واضح أن سكان سورية وسكان إيران ليسوا مندمجين في هذا التحالف، وما هو مشترك بينهم فقط هو إدراكهم للغرب باعتباره مصدراً للخطر والتهديد الرئيسي، ولكنهم ينظرون لضرورة الانفتاح على الغرب والتعامل معه، على الأقل تفادياً للعزلة والعقوبات.
هناك حالتان يمكن أن تؤديا لتهديد تحالف سورية- إيران، هما:
- أن تدخل إيران في صفقة مع الغرب حول برنامجها النووي مقابل التخلي عن علاقاتها مع سورية.
- أن تدخل سورية في صفقة مع الغرب حول ملفاتها في المنطقة مقابل التخلي عن علاقاتها مع إيران.
وفي كلتا الحالتين سوف تبرز مشكلة حزب الله اللبناني، ولما كانت لا سوريا ولا إيران راغبة في التخلي عن حزب الله، فإن سيناريو أي من الحالتين لا يمكن توقع حدوثه.
• لا (صدع) في الوقت الحالي:
برغم وجود مصادر التوتر بين البلدين، فإن تحالف سوريا- إيران سوف يظل قوياً على الأقل بالنسبة للمدى القصير والمتوسط الأجل. وبرغم أن إيران يمكن أن تكون بمثابة الشريك الأكبر في هذا التحالف، فإن دمشق وطهران سوف تتمسكان بموقفهما المعارض للولايات المتحدة.
إن محاولة إبعاد أي طرف عن الآخر في تحالف سورية- إيران، هي محاولة غير ممكنة الجدوى، وذلك للأسباب الآتية:
- بذلت إيران جهوداً كبيرة في بناء هذا التحالف، ومن الصعب أن تتجاوز ذلك وتتخلى عنه.
- الروابط الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية التي تداخلت بين البلدين أصبح من الصعب حلها وتفكيكها.
- القيادات في دمشق وطهران تتميزان بالثبات والحزم وعدم المساومة.
- يتعاون البلدان في مجال معارضة النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، وبالتالي لا مجال أن يتخلى أحدهما عن الآخر.
وآخر ما أشارت إليه دراسة معهد السلام الأمريكي هو أن كلاً من سورية وإيران على ما يبدو سوف تستمران بقدر متزايد في معارضة السياسية الأمريكية في المنطقة. وتقول الدراسة: إن استخدام الدبلوماسية والمال يمكن أن يكون ضرورياً لخلق الصدع والتناحر بين البلدين، وبرغم ذلك تقول الدراسة بأنه مهما كانت نقاط الخلاف التي يمكن أن تحقق التباعد في تحالف سورية- إيران، فإن نقاط التوافق التي تحقق الترابط بينهما سوف تظل أقوى من نقاط التباعد.
وعموماً، العلاقات بين كل الكيانات الموجودة في العالم، هي إما علاقة تعاون أو علاقة صراع، والتعاون يقوم على تكامل المصالح وتجاوز الخلافات، أما الصراع فيقوم على تضارب المصالح وتعميق الخلافات، وبالتالي كلما كانت المصالح متوازية، كان الوضع ملائماً لبناء العلاقات التعاونية، وكلما كان الوضع ملائماً لبناء العلاقات التعاونية، كلما كانت فرصة تجاوز الخلافات أكبر، أما في حالة المصالح غير المتوازنة فإن الوضع يكون غير ملائم إلا للصراع وتعميق الصراعات، وتأسيساً على ذلك، فقد ظلت الولايات المتحدة تحاول دائماً الاستناد على قوتها العسكرية وصولاً لبناء علاقات لا تتوازن فيها المصالح، وهو ما تحاول أن تفعله حالياً ليس مع سورية وإيران وحسب، بل ومع كل دول المنطقة.. ولكن إذا كانت بعض الدول العربية والشرق أوسطية قد قبلت بالدخول في علاقات غير متوازنة مع الولايات المتحدة، فإن سورية وإيران، وغيرهما من الدول الرافضة، لن تقبل أبداً بهذه الشروط، لأنها، وباختصار شديد غير مناسبة لها.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد