موسكو تدعو لوقف العنف وطهران تؤكد حق السوريين في الدفاع عن أنفسهم
أكّد المرشد الاعلى للثورة الإسلامية في ايران آية الله علي خامنئي أمس، رؤية طهران للواقع السوري، ومقاربتها السياسية للأزمة، متهماً أطرافاً خارجية على رأسها أميركا واسرائيل بالوقوف وراء تحريض جزء من الداخل السوري وتسليحه، ما يعطي الحق لسوريا بـ«الدفاع عن نفسها»، وداعياً دمشق إلى «فضح المؤامرة».
روسيا من جهتها، اكتفت بالدعوة إلى وقف «فوري» لأعمال العنف «مهما كان مصدرها»، بعد مشهد اجتماع وزراء مجلس الامن مساء أمس الأول، الذي أظهر تحييداً فعلياً للمنظمة الدولية عن المسار السياسي الدولي حول سوريا، خفّف الضغط الديبلوماسي عن موسكو، وأفسح المجال أمام الإدارة الأميركية للتركيز على معركتها الانتخابية الداخلية.
وضمن هذا التموضع السياســـي الدولي حول الأزمة السورية، تركّز الخطاب السياسي التركي على حثّ «المجتمع الدولي» نحو الانخراط المباشر في إقامة «مناطق عازلة»، فيما فضّلت باريس المحـــافظة على وتيرة ضغطها الكلامي عبر التلويح بـ«رد صاعق» على أي استخدام مفترض لأسلحة كيميائية من قبــل دمشق، والتـــحذير من وصول «أصــوليين» إلى السلطة في حال سقوط النظام السوري.
وأكد خامنئي، خلال لقائه رئيس الحكومة السورية وائل الحلقي والوفد السوري المرافق له على هامش قمة دول عدم الانحياز في طهران، «وقوف الولايات المتحدة وإسرائيل، ومن يدور في فلكهما، وراء الأزمة التي تشهدها سوريا لضرب المقاومة في المنطقة». وشدد «على حق سوريا في الدفاع عن نفسها والتصدي للعمليات الإرهابية التي تقوم بها المجموعات الإرهابية المسلحة»، مكرراً «دعم إيران لسوريا في التصدي للإرهاب الذي تتعرض له».
وقال خامنئي إن «بعض الدول حرضت جزءاً من الشعب السوري على العنف، وهذا الموقف لا يمكن القبول به، ولا توجد دولة في العالم تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أعمال عنف ترتكبها مجموعات مسلحة ممولة ومدعومة من الخارج»، وأكد خامنئي أن «حركة عدم الانحياز، لها الحق بالخوض في القضايا السياسية في سوريا قبل أميركا والناتو وبعض الدول الأوروبية».
واعتبر خامنئي أن «المسبب الرئيسي للأزمة في سوريا أولئك الذين يرسلون السلاح إلى داخل سوريا ويقدمون الدعم المالي للمجموعات غير المسؤولة». كما اعتبر ان «تزويد المجموعات المعارضة في أي بلد بالسلاح، وتقديم الدعم المالي والإعلامي لها، سيمهد لحدوث أوضاع كما يحدث حالياً في سوريا». وقال «لو تمّ في الوقت الحاضر تزويد المعارضين للحكومات الأوروبية الذين يتظاهرون ضد حكوماتهم بالمال والسلاح، لكنا بالتأكيد نشاهد ظروفاً في تلك الدول مشابهة لما يجري حالياً في سوريا».
وقال المرشد الاعلى للجمهورية الإسلامية إن «علي الحكومة السورية أن توضح وتكشف للرأي العام العربي حقائق الأوضاع وخفايا المؤامرة ضد سوريا، فضلاً عن استمرار الإصلاحات لسحب أي ذريعة من المعارضين ومختلقي الذرائع».
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان «ينبغي وضع حد فوري لأعمال العنف في سوريا مهما كان مصدرها والبدء بعملية تسوية سياسية بهدف إنهاء معاناة السكان المدنيين».
من جانب آخر، قال ديبلوماسي تركي إن أنقرة ستواصل جهودها من أجل إقامة مناطق عازلة في سوريا للاجئين السوريين، بالرغم من التحفظات التي وردت بشأن هذا الموضوع في مجلس الامن الدولي. وقال الديبلوماسي «سنواصل حض الاسرة الدولية على التحرك. ليس هذا وضع يمكن لتركيا معالجته بمفردها، بل فقط بدعم الاسرة الدولية».
وطلب وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو أمس الاول، في نيويورك من مجلس الامن الدولي أن يقيم «بدون إبطاء مخيمات للنازحين داخل سوريا». وقال داود اوغلو «حتماً هذه المخيمات يجب ان تتمتع بحماية كاملة»، مشيراً الى ان بلاده التي خصصت حتى الآن أكثر من 300 مليون دولار لاستقبال 80 الف لاجئ سوري «لا يمكنها مواجهة الدفق الراهن من اللاجئين». وقوبل الطلب التركي بكثير من التحفظ من جانب مسؤولي الامم المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
وفي ختام الاجتماع اعرب وزير الخارجية التركي للصحافيين عن أسفه «لإفساد فرصة تاريخية» وقال «لم يعد الوقت للكلام بل للتحرك»، مضيفا «لا يمكن ان ننتظر من تركيا ان تتحمل وحدها كل المسؤوليات التي يجدر بالامم المتحدة توليها»، الا ان الديبلوماسي التركي اكد عزم تركيا على مواصلة استقبال اللاجئين الذين يحتشدون بأعداد متزايدة على حدودها هربا من المعارك. وقال «لن نقول لا لأي سوري يدخل تركيا. انه واجب انساني واننا نتخذ التدابير لتنفيذه».
أما وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، فقال إنه في حال اقدام نظام الرئيس السوري بشار الاسد على استخدام الاسلحة الكيميائية فإن الرد الدولي سيكون «فورياً وصاعقاً». وأضاف لإذاعة «اوروبا ـ 1» إنه «من المؤكد اننا نعتبر بشار الاسد مسؤولاً عن استخدام هذه الاسلحة وانه في حال جرت أدنى محاولة لاستخدامها سواء مباشرة او غير مباشرة، فان الرد سيكون فوريا وصاعقا».
واشار الوزير الفرنسي الى أن «على الصعيد الانساني، هناك امور يمكن دفعها قدماً، لكن على الصعيد السياسي علينا أن نقر بان مجلس الامن الدولي منقسم بسبب موقف الروس والصينيين»، مضيفا ان «فرنسا هي البلد الاكثر تقدماً في دعمها للمعارضة ضد الاسد.. اننا نعمل كثيراً على توحيد المعارضة من اجل ضمان قيام حكومة سورية في المستقبل تكون «ذات صفة تمثيلية» وتحترم كل المجموعات». واكد فابيوس انه «ليس المطلوب التخلص من بشار الاسد ليكون هناك أصوليون او نظام» مماثل للنظام الحالي في السلطة.
ويجدر ذكر أن «مجموعة اصدقاء سوريا» تعقد اجتماعها المقبل في المغرب في تشرين الاول المقبل وليس في أيلول كما اعلن في وقت سابق.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد