وفاة ديكتاتور إندونيسيا
توفي امس الديكتاتور الاندونيسي السابق محمد سوهارتو عن 86 سنة، امضى 32 منها على رأس السلطة، واعتبر مهندس التطور في بلاده، قبل ان تطيحه تهم فساد من دون أن تطاله ذراع القضاء.
وفارق سوهارتو الحياة في المستشفى الذي نقل اليه في الرابع من الشهر الجاري، بعدما عانى مشاكل في القلب والرئتين والكليتين. وقال أطباؤه انه دخل في غيبوبة بعدما عانى فشلاً في أجهزة عدة في الجسم. وحكم سوهارتو إندونيسيا التي تضم نحو 17 الفاً و500 جزيرة بيد من حديد، قبل ان يتخلى عن السلطة عام 1998 تحت ضغط الشارع.
ولد في 8 حزيران (يونيو) 1921 في عائلة مزارعين في وسط جزيرة جاوا. وبعد تلقيه تدريباً عسكرياً، أصبح سارجنت في جيش الاستعمار الهولندي. ثم انخرط في الجيش القومي الذي كان يقاتل ضد القوات الهولندية الى كانون الاول (ديسمبر) 1949.
بعد استقلال اندونيسيا عام 1945، ترقى بسرعة في تراتبية الجيش ليصبح جنرالاً عام 1962. وفي 1965، وعلى رغم أنه كان غير معروف بين الشعب، تمكن من نزع السلطة من سوكارنو، مؤسس اندونيسيا، بعدما شهدت البلاد سلسلة أحداث، بدأت في 30 ايلول (سبتمبر) 1965 بمحاولة انقلاب نفذها، بحسب الرواية الرسمية آنذاك، الحزب الشيوعي الإندونيسي. وتولى سوهارتو، الذي كان قائداً لوحدة نخبة في حينه، السيطرة على جاكرتا، وأفشل مخطط الانقلابيين.
وبعدما أصبح قائداً للجيش، أطلق سوهارتو حملة قمع دامية ضد الحزب الشيوعي الإندونسي، انتهت بمقتل 500 الف إلى مليون شخص.
وفي موازاة ذلك، استغل منصبه لإقالة الرئيس سوكارنو الذي كان مريضاً، فأوكل مرغماً بحسب بعض الروايات، السلطة الى سوهارتو في 11 آذار (مارس) 1966.
وأصبح الجنرال في آذار 1967 رئيساً بالوكالة، ثم نصب نفسه عام 1968 رئيساً للدولة عبر انتخابه رئيساً للجمهورية أمام البرلمان الذي عين هو اعضاءه. وبعدما تولى السلطة في البلاد، استخدم سوهارتو ورقتي تهديد الشيوعيين والأصولية الإسلامية لتأمين دعم المجموعة الدولية له، لاسيما الولايات المتحدة.
وأتاحت حكومته لإندونيسيا تأمين الاكتفاء الذاتي من الرز، فيما أدى الاستقرار الاقتصادي في عهده إلى صادرات كبرى من المنتجات المصنعة في إندونيسيا، لاسيما الأنسجة.
وكان سوهارتو على قناعة بأن مهمته تقوم على الحفاظ على وحدة الأرخبيل وضمان الامن والتطور فيه. وغالباً ما تعرض لإدانات من منظمات الدفاع عن حقوق الانسان، وواجه انتقادات خصوصاً اثر التجاوزات التي ارتكبت في تيمور الشرقية (التي اجتاحتها إندونيسيا عام 1975).
وبعد اعادة انتخابه من دون اي منافس في آذار 1998 لولاية سابعة من خمس سنوات، أرغم سوهارتو على الاستقالة في 21 أيار (مايو) من العام ذاته، بعدما تخلى عنه الجيش على خلفية ازمة اقتصادية آسيوية واضطرابات دامية. وعاش منذ ذلك الحين في احد احياء جاكرتا السكنية، فيما تولى محامون مهمة الرد على الاتهامات بالفساد الموجهة اليه.
وبحسب منظمة الشفافية الدولية (ترانسبيرنسي انترناشونال)، جمع سوهارتو مع عائلته ثروة تقدر بـ 15 إلى 35 بليون دولار.
وفشلت محاولات ملاحقته قضائياً مرات، بعدما اكد المقربون منه على الدوام انه غير قادر على الكلام.
وسوهارتو أب لستة اولاد، بينهم هوتومو ماندالا بوترا الملقب بـ»تومي» والذي حكم عليه بتهمة تدبير اغتيال قاض وأفرج عنه قبل قضاء فترة عقوبته، في قرار اثار جدالاً.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد