100 مدرسة متنقلة ترافق البدو في ترحالهم
هناك وعلى بعد 200 كيلومتر عن مدينة الرقة شمال شرق سورية في منطقة تبعد عشرات الكيلومترات عن أقرب منطقة آهلة بالسكان تشمخ مدرسة أبو نيتولة المتنقلة (الكرافانة) وسط الصحراء الشاسعة شاهداً على قدرة تحدي أطفال بدو سورية لقوانين الصحراء وتلقي تعليمهم.
وعلى الرغم من حياتهم الصعبة وتنقلهم الدائم مع أسرهم للبحث عن عيشهم حيث توافر العشب والكلأ حيث لا يحصلون على أبسط احتياجاتهم إلا بعد جهد كبير يتابع 1972 تلميذا وتلميذة من البدو الرحل، تعليمهم في كرافانات وخيم صممتها لهم وزارة التربية وجهزتها بكامل مستلزمات العملية التربوية بدءا من القلم والدفتر وصولا إلى المقاعد والسبورة.
وعن فكرة هذه الكرافانات وبداياتها قال رئيس شعبة التعليم الإلزامي في تربية الرقة خالد الأحمد: قمنا بإجراء مسح إجرائي وسريع للعرب الرحل في باديتنا ضمن نطاق محافظة الرقة فتبين لنا أن هناك ضرورة ملحة لتعليم أبناء البدو المتنقلين في البادية وتم الاتفاق بعد نقاش على ضرورة تصنيع عربات وتوزيعها ضمن التجمعات البدوية وكانت التجربة الأولى تصنيع عربتين وزعتا على خيمتين، حمدان الهمشر و(العمالة المتنقلة) وبعد أن أثبتت الزيارات الميدانية التربوية والفنية نجاح هذه التجربة قامت مديرية التربية بتصنيع 7 كرافانات حتى وصلت إلى 23 كرافانة في مدينة الرقة. وأضاف الأحمد طول العربة عشرة أمتار وتقسم إلى ثلاثة أقسام الأول للطلاب والثاني غرفة مبيت للمعلم الذي يرافق البدو في تنقلهم والثالث قسم المنتفعات وتستوعب الكرافانة 30 تلميذا وتلميذة وتقطر بوساطة الجرار أو أي آلية متوافرة لدى البدو ويتم الإشراف عليها من قبل مديرية التربية ولها موجه تربوي مختص.
وبين مدير التخطيط في وزارة التربية عبد السلام سلامة أن عدد المدارس المتنقلة المنتشرة في البادية السورية وصل خلال العام الدراسي الحالي إلى 101 مدرسة منها 59 «كرافانة» تضم 1168 تلميذاً وتلميذة و42 خيمة تضم 804 تلاميذ مشيراً إلى أن هذه المدارس المتنقلة التي بدأت تجربتها الأولى العام الدراسي 2002-2003 ترافق البدو إلى مناطق رعيهم حيث يوجدون ربيعاً أو صيفاً أو شتاءً وعند استقرارهم في أماكن معينة بشكل نهائي تقريبا يتم استبدالها بغرف مسبقة الصنع.
وربط سلامة صعوبة المتابعة والإشراف على هذه المدارس ببعدها وقربها من مراكز المحافظات حسب الجفاف وجني المحاصيل ويزداد تناثرها في سنوات الجفاف وتقترب المسافة خلال موسم جني بعض المحاصيل حيث يعمل بعض البدو, وأثناء الربيع تقترب تلك المدارس مع القبيلة إلى بوادي المحافظات لكن الجفاف يسبب ابتعادهم بشكل أكبر طلباً للرعي ويتوجهون أحيانا باتجاه بوادي المحافظات.
المعلمة ياسمين دالي من مدرسة عرب البوعيسى قالت: واجهتنا في البداية صعوبة إقناع الوالد بذهاب ابنه إلى المدرسة الذي يعتمد عليه بشكل أساسي في رعي الغنم ولكن بعون الله بعد عدة محاولات التحق جميع من هم في سن التعليم بالمدرسة حتى وصل عدد تلاميذها إلى 28 تلميذا نصفهم من الإناث. وأضافت: هؤلاء الأطفال الرحل كانوا لا يعرفون ما القلم أو الدفتر ولا يعرفون ضوءاً إلا ضوء النهار, والكهرباء اسم غريب بالنسبة لهم وعملهم الوحيد التنقل والرعي بحثا عن لقمة عيشهم لكنهم استطاعوا خلال فترة أن ينتقلوا من حالة الأمية إلى أطفال يجيدون القراءة والكتابة. وشبه المعلم هيثم حسن من مدرسة رجم العاجوز أطفال البدو بالأرض البكر ذات التربة الخصبة التي ما إن يتوافر لها المناخ المناسب والمياه حتى تجود بأحسن الثمار وكذلك عقول أولئك الأطفال فهي جاهزة لتلقي جميع أنواع المعارف التي تعرض عليهم مضيفاً: بالعمل المخلص المنطلق من المسؤولية العالية يتحول الأطفال الأميون إلى متعلمين.
سامر جديد
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد