60% من سكان دير الزور غيروا أماكنهم نحو المناطق الآمنة
وصل تعداد سكان محافظة دير الزور حسب آخر إحصائية رسمية 1.4 مليون نسمة وذلك عام 2010 حين صدرت الإحصائية المذكورة في الربع الأول منه، وينتشر هؤلاء على مساحة جغرافية تبلغ 33.6 ألف كم مربع، بحيث بلغت الكثافة السكانية ما يعادل 27 نسمة لكل كيلو متر مربع واحد، يشكِّل أبناء الريف ما نسبته 75% من تعداد السكان، فيما تشكِّل النسبة المتبقية أي ما يقارب 400 ألف نسمة سكان المدينة.
ومع ذلك فإن نسبة كبيرة من أبناء الريف كانت مستقرة في المدينة (قبيل عام 2011) وهؤلاء شكَّلوا نسبة 35% من أبناء الريف ليضاف هذا الرقم إلى عدد المقيمين ضمن المدينة والتي بلغ عدد سكانها بين أبناء الريف والمدينة ما مجموعه 675 ألف نسمة وربما أكثر.
يقول الكتاب الصادر عن فرع الهلال الأحمر العربي السوري بدير الزور تاريخ 20 شباط: إن عدد العوائل المسجَّلة فيه لغاية تاريخه بلغ بالآلاف وذلك ضمن المناطق والأحياء الآمنة، ويضيف الكتاب باحتمالية وصول هذا الرقم إلى 60 ألف عائلة ليكون المجموع 300 ألف نسمة (متوسط عدد أفراد الأسرة الواحدة خمسة في دير الزور)، ما يعني أن نسبة 60% من سكان المدينة تركوها، غير أن هؤلاء وبحكم إقامتهم ضمن حدود جغرافية ضيقة غيَّروا من نسبة الكثافة السكانية والتي ربما وصلت إلى عشرات أضعافها بحكم التواجد ضمن المناطق الآمنة، حيث بلغت الكثافة السكانية في الريف أكثر من 50 نسمة في كل كيلو متر مربع.
إن العودة إلى تفاصيل الأرقام المذكورة يؤكد أن أكثر من نصف سكان المدينة تركوا منازلهم، ويؤكد أن النصف الآخر ترك المحافظة، وبالتالي فإن الأزمة غيَّرت من كل الأرقام بحيث خفَّضت من نسبة المقيمين داخل المدينة، ورفعت من نسبة المهجَّرين منها، كما كثَّفت من نسبة التواجد ضمن مناطق ضيقة جداً، بينما تنتشر مساحات كبيرة من المدينة دون وجود من يقطنها لتكون مجرد بقعة أرض خالية من الحياة.
عملياً فإن نسبة العاملين في الدولة من أبناء المدينة يشكلون 35% من القوة العاملة أي إن غير العاملين في الدولة من أهالي المدينة القادرين على العمل بلغ مجموعهم نحو 400 ألف (يتضح الرقم من خلال إسقاط نسبة العاملين على مجموع سكان المدينة)، وهذه النسبة كانت تعمل بالغالب في أعمال خاصة أو ضمن شركات القطاع الخاص التي توقفت تماماً، علماً أن آخر إحصائية لأرقام البطالة في دير الزور بلغ 14% وهو رقم غير دقيق نظراً لاعتماد معايير غير مناسبة حينها.
من كل ما تقدم نجد أن الأزمة وظروف الحصار الخانق أفرز أرقاماً جديدة خاصة بمدينة دير الزور أهمها ارتفاع عدد المسجلين لطلب المعونة إلى أكثر من 45500، وانخفاض عدد سكان المدينة إلى أقل من النصف وهؤلاء مهجَّرون وأغلبيتهم نازحون ضمن المدينة، ما يعني ارتفاع الكثافة السكانية ضمن مساحات ضيقة بشكل خطير، وانخفاضها ضمن مساحات واسعة، ولعل وصول عدد العوائل معدومة المصدر المعيشي إلى 8000 عائلة ساهم ببروز ظاهرة عمالة الأطفال في أعمال العتالة وبعض الأعمال الأخرى التي لم تعد خافية على أحد، يقابلها فقدان 150 ألف قادر على العمل لعمله بنتيجة الهجرة والنزوح، في الوقت الذي ساهم مشروع تشغيل الشباب بتعيينات لا بأس بها ضمن قطاع الدولة وهؤلاء باتوا يشكِّلون شكلاً جديداً من البطالة المقنعة ( في مدرسة عدنان المالكي 730 معلماً ومعلمة على 850 طالب).
بكل الأحوال هي أرقام نسعى لإيصالها إلى المعنيين أولاً، وإلى المنظمات الإنسانية التي نرى وجوب تحركها بشكل فاعل أكثر باتجاه مدينة دير الزور، علماً أن أغلبية النسب المذكورة أعلاه إنما تم استخراجها من أرقام رسمية سابقة، حيث خلت بيانات الجهات المعنية من أرقام جديدة ودقيقة، وهي إن لم تكن دقيقة فإنها تدعو المعنيين للتحري عن الدقة في تفاصيلها لتشكل مرتكزاً لخطة عمل يجب أن تكون عاجلة.
وائل حميدي
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد