قمة «أبيك» في غياب أوباما: الصين وروسيا تخطفان الأضواء
خطفت الصين وروسيا الأضواء لدى افتتاح منتدى «قمة آسيا ــ المحيط الهادئ ــ ابيك» في جزيرة بالي الاندونيسية، أمس، في ظل غياب الرئيس الأميركي باراك اوباما الذي اضطر لإلغاء مشاركته بسبب استمرار أزمة الميزانية في الولايات المتحدة.
وكان الرئيس الأميركي الغائب الأكبر عن هذه القمة المهمة لقادة منتدى التعاون لآسيا ـ المحيط الهادئ، الهيئة التي تأسست في العام 1989 وتمثل أكثر من نصف الثروة العالمية وتضم 21 دولة تطل على المحيط الهادئ وتسعى إلى تشجيع التجارة الحرة والتعاون الاقتصادي في المنطقة. يذكر أنّ مجموع الدول الأعضاء يمثل الكتلة الاقتصادية الأكثر ديناميكية في العالم. ويبلغ عدد سكان هذه الدول 2,7 مليار نسمة، أي ما يوازي نسبة 40 في المئة من سكان العالم، بينما تحصل الكتلة في مجموع التبادل التجاري العالمي على مبلغ يصل إلى 16,8 تريليون دولار أميركي، أي أكثر من نسبة 40 في المئة من المجموع العام.
وقد أثار غياب اوباما القلق لدى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وشكوكا في قدرته على تنفيذ وعوده بجعل آسيا ــ المحيط الهادئ «محور» سياسته الخارجية. كما بدا أن غيابه أطلق يد الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي بدأ جولة مهمة في جنوب شرق آسيا تبدو بمثابة حملة لاستمالة دول المنطقة.
وفي خطاب كان مرتقبا باهتمام بالغ، مدّ الرئيس الصيني مرة جديدة يده إلى جيرانه. وقال إن «الصين لا يمكنها أن تتطور بشكل معزول عن منطقة آسيا ـــ المحيط الهادئ، وآسيا ـــ المحيط الهادئ لا يمكنها الازدهار بدون الصين»، مضيفاً ان «الصين ستحافظ بحزم على السلام والاستقرار الإقليميين... نحن الصينيين نقول غالبا إن العائلة المنسجمة تزدهر. وبصفتها عضوا في عائلة آسيا - المحيط الهادئ، فإن الصين مستعدة للعيش بصداقة تامة مع بقية الدول الأعضاء ومساعدة بعضنا البعض».
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي اضطر لأن يحل مكان اوباما، أن غياب الرئيس «لا يؤثر البتة» في التزام الولايات المتحدة في آسيا.
بدوره، قال رئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونغ: «لا احد يمكن أن يحل مكان الولايات المتحدة. لا الصين ولا اليابان ولا أي قوة أخرى». واعتبر رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق، الذي ألغى اوباما أيضا زيارة إلى بلاده، أن المشاركة في «ابيك» كان من الممكن أن تكون «فرصة ذهبية لأميركا وللرئيس اوباما نفسه لإظهار زعامته والتركيز على آسيا».
في غضون ذلك، كان الحضور الروسي بارزاً أيضاً خلال القمة، حيث ألقى الرئيس فلاديمير بوتين كلمة تناول فيها موضوع مصادر التنمية الاقتصادية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ على المدى البعيد. كما كان له لقاء مع نظيره الصيني أشاد خلاله بمستوى التعاون السياسي بين البلدين في معالجة عدد من القضايا الدولية الملحة.
واستبعد الرئيس الروسي، في كلمته، تعافي الاقتصاد العالمي بشكل سريع، لافتا إلى أنه خلال العام الماضي طرأت مجموعة من التغييرات في العالم، وان المرحلة الحادة من الأزمة الاقتصادية العالمية يتم التغلب عليها.
وأضاف ان «مصاعب النظام الاقتصادي الحالية تحمل طابعا هيكليا وطويل الأمد»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه «لسوء الحظ فإن وتيرة النمو تباطأت وتمر بمرحلة من الركود، بما في ذلك في دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ»، التي كانت حتى وقت قريب القوة الدافعة للتنمية العالمية.
أما على صعيد أزمة الميزانية الأميركية الحالية، فأعرب بوتين عن أمله بأن تتمكن القوى السياسية في الولايات المتحدة على وجه السرعة من التغلب على الأزمة، مؤكدا أن جميع قادة الدول المشاركة في القمة «يراقبون تطور الأوضاع ويأملون بأن تتوصل السلطات هناك إلى حل سريع لهذه الأزمة».
وبالإشارة إلى غياب باراك أوباما عن القمة، قال: «عندما يستحيل تمرير الميزانية، وحين ما يأخذ أعضاء الحكومة ما يمكن وصفه بالإجازة الطارئة، لا يمكن الحديث عن جولات دولية».
وتابع: «أريد أن أقول إن كل الزعماء المجتمعين في قمة بالي يتمنون النجاح للرئيس أوباما. كلنا مهتمون في تذليل الأزمة التي نراها حاليا في الولايات المتحدة بأسرع وقت، لأن الاقتصاد الأميركي هو أكبر اقتصاد في العالم، ويتوقف حال اقتصاد العالم كله على استقرار الاقتصاد الأميركي. إضافة إلى ذلك، لا يزال الدولار هو العملة الاحتياطية العالمية الأكثر أهمية».
وخلال لقاء مع نظيره الصيني، أشاد الرئيس الروسي بمستوى التعاون السياسي بين البلدين في معالجة عدد من القضايا الدولية الملحة.
وقال إن «مواقفنا المتفق عليها على الصعيد الدولي تأتي بثمارها، إذ نستطيع إيجاد حلول لكبرى القضايا الدولية، والمثال الأفضل لذلك القضية السورية».
من جانبه، لفت الرئيس الصيني إلى أن الطرفين يتعاونان بفعالية في حل القضايا الحادة والملحة. وقال: «أفضل دليل على ذلك هو التعاون الوثيق في حل القضية السورية والمشكلة النووية في شبه الجزيرة الكورية. أعتقد أن مواقفنا في هذه القضايا قريبة أو مشتركة».
وتابع إن «دور روسيا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ يزداد أهمية، ومن مصلحة الصين أن تعزز روسيا دورها في تطوير هذه المنطقة «، مضيفا: «نحن مستعدون لتعزيز تعاوننا».
وبحسب مسودة البيان الختامي للقمة التي تنهي أعمالها اليوم، يتوقع أن يدعو القادة إلى «سلسلة إصلاحات بنيوية ترمي إلى زيادة الإنتاجية ومشاركة اليد العاملة وإنشاء الوظائف ورفع العلاقات التجارية بين البلدان».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد