انفراج متوقع في حمص القديمة
أعلنت السلطات السورية، امس، موافقتها على خروج النساء والأطفال من المناطق المحاصرة في حمص، وتحديداً مدينتها القديمة، وهو ما قد يتم اليوم، في إطار احدى نتائج المفاوضات الجارية في مدينة جنيف، فيما كان محافظ حمص طلال البرازي يؤكد، الاستعداد اللوجستي في المحافظة للقيام بأية مهمة في هذا السياق، في وقت تؤكد السلطات السورية ترابط قضايا المناطق المحاصرة وضرورة عدم تجزئة التعامل معها إنسانياً.
وقال البرازي، الذي يشرف على ملفي "التسويات والمساعدات" في حمص، إنّ ثمة مخاوف لدى الحكومة السورية من أن تكون الدعوة في حمص بمثابة "حق يُراد به باطل"، وأن يكون "غرضها إغاثة المسلحين المحاصرين وفك الحصار عنهم".
ويبني المحافظ رؤيته على عوامل عدة، موضحاً، أنّ أهمها يتمثل بـ"الحصار المحكم الذي تخضع له المجموعات المسلحة الموجودة هناك"، مشيراً إلى أنّ آخر محاولة اختراق جرت منذ أسبوعين، قرب منطقة المطاحن، وذهب ضحيتها حوالي أربعين مقاتلاً من "الجيش الحر" ومجموعات أخرى، حاولوا التسلل عبر القنوات الصحية إلى منطقة الخالدية.
وشرح البرازي أن المنطقة التي تطالب المعارضة بإغاثتها هي منطقة صغيرة جداً في وسط حمص القديمة، تقارب مساحتها مساحة حي باب توما في دمشق، وهي "مغلقة بالأزقة الضيقة ما يصعب إمكانية أي عمل عسكري لتحريرها، ولاسيما مع كثافة القناصة" المرابضين على مداخلها.
وبيّن المحافظ أن الأحياء المقصودة هي ثلاثة أحياء، وهي باب هود والقرابيص وبستان الديوان، لافتاً إلى أنّ الحي الأخير كان يسكنه مسيحيون، إلا أن غالبيتهم نزحوا منه منذ زمن، وبقي حوالي 73 شخصاً محتجزين في كنيسة مع الأب فرانس، وأن محاولة لإخراج ثلاثة مرضى نجحت منذ أسبوعين بالتعاون مع منظمة الهلال الأحمر السوري.
أما في منطقتي القرابيص وباب هود، فيوجد وفق تقديرات حكومية 130 أسرة، أي حوالي 400 شخص. وطرحت الحكومة وفق البرازي "مبادرة لإخراج المدنيين من نساء وأطفال وكبار سن من دون قيد أو شرط الى أي مكان يرغبون به، بما في ذلك مناطق أخرى من حمص أو حتى خارج البلاد".
كما طرحت الحكومة، وفقاً للمحافظ، "بالاعتماد على المنظمات الإنسانية، مبادرة لخروج المسلحين السوريين من دون سلاح إلى أية منطقة يريدونها، أو أن يتم حصول السوريين منهم، على تسوية بموافقة اللجنة الأمنية الرباعية"، وهي مسألة "باتت اعتيادية ومحل ثقة"، وفقاً ما يقول البرازي.
وهي تسويات سبق وأن كتبنا عنها سابقاً، وشملت المئات في قرى وأحياء المدينة، ووصلت إلى مستوى عودة "ضباط فارين" للالتحاق بقطعهم العسكرية مع الجيش السوري.
لكن المحافظ أكد أنه "ما من تسويات تم التوافق عليها"، وأن "المقاتلين مختلفون في ما بينهم، خصوصاً أنهم ينتمون لمجموعات مختلفة بمراجع متعددة"، وعددهم يقارب الثلاثمئة مسلح.
ومنذ أيام زار وفد من الأمم المتحدة برئاسة السفير يعقوب الحلو مكتب المحافظ، وطالب "بتخصيص حصص غذائية للمدينة القديمة" استعداداً للاتفاق، فأكد المحافظ بدوره أنّ "الترتيبات اللوجستية جاهزة"، أما القرار بذلك "فيتمّ الرد عليه بعد يوم الأحد (أمس) لكونه يتضمّن موافقة الخارجية السورية باعتباره أحد جوانب التفاوض في (مؤتمر) جنيف".
الى ذلك، أعلن الموفد الأممي الى سوريا الاخضر الابراهيمي، امس، ان السلطات السورية سمحت للنساء والاطفال المحاصرين في حمص، وتحديداً في مدينتها القديمة، بالمغادرة. وقال "الحكومة السورية أبلغتنا أن النساء والأطفال يستطيعون المغادرة فوراً"، مضيفاً "هناك أمل انه اعتباراً من الغد (اليوم)، يستطيع النساء والاطفال مغادرة حمص القديمة".
وأكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في مؤتمر صحافي، موافقة الحكومة على خروج الاطفال والنساء من حمص. وقال "كنت معنياً مباشرة في العامين الأخيرين بعملية اخراج النساء والاطفال. لكن المجموعات المسلحة منعتنا ولم تسمح لأي شخص بأن يغادر". وتابع "لا نحن ولا قائد الشعب السوري يمكن أن يبخل بالخبز على أحد".
وقال إن "العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا تقتل الشعب السوري وتحاصره، وهي عقوبات لا إنسانية تخالف القانون الدولي، وهذا الموضوع لم يناقش لأننا نعرف كيف تقوم الدول التي تفرض تلك العقوبات بعقد اجتماعات للمعارضة من أجل إعطائها التعليمات".
الى ذلك، قال المتحدث باسم "الهيئة العامة للثورة في حمص" ابو رامي "نحن بحاجة الى كميات كبيرة من الاغذية والمعدات الطبية وبضمان الا يتم توقيف النساء والاطفال والجرحى الذين سيتم إجلاؤهم من المناطق المحاصرة في حمص".
وكان وزير الإعلام السوري عمران الزعبي شدّد، في تصريحات في جنيف، على "ضرورة التعامل بشكل كامل مع المسألة الإنسانية وعدم تجزئتها"، مشيراً إلى أن "الحكومة السورية لا تميّز، وتريد تقديم المساعدات إلى الجميع، بغض النظر عن مواقفهم السياسية". وقال إن "مسألة المساعدات الإنسانية من أولويات الحكومة السورية، ولكن ينبغي أن نكون واقعيين بشأن طريقة إيصالها"، موضحاً أن "هذه المساعدات هي الخطوة الثانية لترتيبات تسمح بذلك، وهي الترتيبات الأمنية".
وأضاف إن "وفد الائتلاف، المسمّى المعارضة، طرح موضوع إيصال المساعدات إلى حمص، ونحن نقول إن كل المدن السورية متساوية وبالأهمية ذاتها، وكل الأحياء في أي منطقة أو مدينة أو بلدة أو قرية مهمة جداً للحكومة السورية، كما هي حمص"، مشيراً إلى أن "الوفد يدّعي وجود 1500 محاصر في أحد أحياء حمص، في حين أن هناك حياً بجواره تماماً يوجد فيه 600 ألف محاصر هو حي الوعر وهناك مدينتا نبل والزهراء المحاصرتان منذ سنتين ومدينة عدرا العمالية التي تقطع فيها الرؤوس وفقاً للصور المسرّبة من هناك".
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد