"داعش" يتحكم بالحدود مع تركيا ... والأنظار تتجه إلى إدلب
استكمالاً للعمليات الارتدادية التي بدأها تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) بعد خسارته مواقع استراتيجية في ريفي حلب وإدلب في الأسابيع الماضية، أمام الفصائل التي تحاربه، عاد التنظيم اليوم لمتابعة تقدمه في ريف حلب، ليتمكن من بسط سيطرته على قرية الراعي التابعة لمنطقة الباب في ريف حلب، والحدودية مع تركيا، ما يعني أن "داعش" أحكم سيطرته على كامل الشريط الحدودي مع تركيا في الريف الحلبي (باستثناء المناطق التي يسيطر عليها الأكراد)، الأمر الذي من شأنه قطع معظم طرق الإمدادات للفصائل التي تحاربه من الداخل التركي.
مصدر ميداني أوضح، أن سيطرة "داعش" جاءت بعد معارك عنيفة في قرية الراعي، التي تعتبر أحد أهم معاقل "لواء التوحيد"، استعمل خلالها التنظيم التفجيرات، ونفذ عدة عمليات انتحارية، أبرزها تفجير سيارة قرب مقر قيادي لـ"لواء التوحيد"، التابع لجماعة "الإخوان المسلمين"، والذي تدعمه تركيا، إضافة إلى تفجير انتحاري داخل اجتماع لقيادة اللواء، الأمر الذي تسبب بمقتل وجرح العشرات، بينهم القيادي عبد المنعم قرندل، في حين أصيب القائد العسكري لـ "لواء التوحيد" عمار ديمان.
وشرح المصدر أن هذين التفجيرين تسببا بخلق حالة فوضى في القرية، خصوصاً أنهما ضربا مركز العمليات في المنطقة، الأمر الذي دفع عشرات المقاتلين الى الفرار الى داخل تركيا، ما ساهم بانخفاض حدة المعارك، والتي انتهت بسيطرة "داعش" على الراعي، ليقوم بعدها بتمشيط القرية وتفتيش المنازل بحثاً عن مقاتلين ومطلوبين، مشيراً إلى أن بعض مقاتلي "لواء التوحيد" سقطوا بيد "داعش" بالفعل.
وإضافة إلى كون الراعي قرية حدودية استراتيجية، فإنها تضم أحد أكبر المعتقلات الخاصة بـ "الجبهة الإسلامية"، حيث يحتوي المعتقل على نحو 400 مخطوف من المؤيدين للحكومة، كان مسلحو "الجبهة الإسلامية" قاموا بخطفهم خلال الفترة السابقة، ونقلهم وتجميعهم في القرية التي كانت تعتبر آمنة، بانتظار مفاوضات مع الحكومة السورية لإطلاق سراح معتقلين من "الجبهة الإسلامية" مقابل إطلاق سراحهم.
وعن مصير المخطوفين الذين كانوا داخل السجن، أوضح المصدر أن مسلحي "الجبهة الإسلامية" قاموا، قبل ساعات من سقوط القرية، بنقل معظم المخطوفين إلى مكان آخر عبر الأراضي التركية، من دون أن يعرف هذا المكان بالتحديد. وقال إن "عملية النقل شملت معظم المخطوفين الذين يعتقد لواء التوحيد أنهم مهمون ويمكن استعمالهم كورقة تفاوضية لإطلاق سراح معتقليهم"، في حين لم يعرف بعد مصير بقية المخطوفين، الذين على الأغلب وقعوا في قبضة "داعش".
وفي ذات السياق، قال مصدر متابع لشؤون "الجهاديين" في سوريا إن سيطرة "داعش" على قرية الراعي ستتسبب بانقلاب كبير في موازين القوى على الأرض، خصوصاً ان التنظيم تمكن بذلك من قطع كل خطوط الإمداد من تركيا، انطلاقاً من اعزاز، التي يسيطر عليها وعلى معبر باب السلامة الحدودي، وصولاً إلى قرية الراعي، مشيراً إلى أن المعارك المقبلة ستنتقل حتماً نحو ريف إدلب، لإطباق السيطرة على كامل الشريط الحدودي مع تركيا، انطلاقاً من الأتارب بريف حلب وصولاً إلى معبر باب الهوى الذي تسيطر عليه "الجبهة الإسلامية".
وبالتزامن مع قيام "داعش" بتوسيع نفوذه على الشريط الحدودي مع تركيا، يعمل التنظيم على تضييق الخناق على معاقل "الجبهة الإسلامية" في ريف حلب، عن طريق شن هجمات انتحارية على مقراتها، والتي تعتبر مدرسة المشاة أبرزها.
وفي هذا السياق، أشار المصدر إلى أن وتيرة العمليات الانتحارية ارتفعت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، بعد قيام "داعش" بنقل نحو 1700 مقاتل، بينهم نحو 300 انتحاري، من العراق، وهو ما كشفناه منتصف كانون الثاني الماضي، حيث تم وضعهم في مدينة الرقة التي يسيطر عليها التنظيم قبل ان يتم فرز المقاتلين والانتحاريين إلى جبهات القتال.
وأوضح المصدر أن "داعش" يتابع عمله بنقل مقاتلين من العراق، كما تعمل خلاياه في بعض الدول العربية (أبرزها الأردن وتونس) على تنشيط إرسال "جهاديين" عبر تركيا، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من قوة التنظيم في الداخل وينشط قدرته على تدعيم صفوفه بمقاتلين جدد، عبر سيطرته على الشريط الحدودي مع تركيا.
من جهته، قال مصدر امني في دمشق لوكالة "فرانس برس"، "في حلب هناك اقتتال بين المجموعات المسلحة ما يؤثر سلبا في السكان المدنيين الذين يلجأون إلى الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش". وأضاف ان "الجيش يحقق انتصارات ويتقدم في مناطق مختلفة" لم يحددها، مضيفا ان هذا يدفع "قسما كبيرا من السكان إلى تفضيل ألا يكون تحت رحمة المسلحين، فيبحث عن ملاذ آمن".
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد