الصهيونية والطريق إلى مزبلة التاريخ
الجمل- *دكتور كيفين باريت- ترجمة رنده القاسم:
بشكل طبيعي تستخدم عبارة "الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل" في إشارة إلى فلسطين ، و لكن يزداد الأميركيون الذين يتحدثون عن "أسرلة" الولايات المتحدة الأميركية ، و يتساءلون فيما اذا كانت بلدهم أيضا محتلة.
في الفترة ما بين الثاني و الرابع من آذار ، ستعقد لجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك) احتفالها السنوي بالهيمنة الصهيونية على السياسية و الاعلام الأميركي. و سوف يجذب مؤتمر سياسة آيباك 2014 في واشنطن آلاف الصهاينة المتعصبين و كذلك حشدا غاضبا من المحتجين. فمشاعر المعاداة لآيباك تنتشر عبر كل قطاعات المجتمع الأميركي بما فيه المجموعة اليهودية الأميركية ، التي كانت فيما مضى أشبه بالبنيان المرصوص في دعمها لإسرائيل، لتضم اليوم جوقة متزايدة من أصوات معادية للصهيونية.
الأميركية اليهودية ميديا بينيامين هي القوة الأساسية وراء احتجاجات مقاطعة آيياك التي يقودها نشطاء Code Pink في واشنطن يوم الأحد الثاني من آذار من الساعة الثامنة و النصف صباحا حتى الثامنة و النصف مساء، مع فعالية مميزة ما بين الثانية و الرابعة.
ماكس بلومينثال ، ابن القائد الأميركي اليهودي و مستشار كلينتون السابق سيدني بلومينثال ، من الشخصيات البارزة الناقدة ل "اسرئلة" أميركا، و كتابه "جالوت" ،المختصر الوافي لحقائق بغيضة حول اسرائيل، هز المجتمع الأميركي اليهودي و أثار النقاش حول ما إذا كان الجيل التالي من اليهود الأميركيين سيتحول إلى العداء للصهيونية.
و مصطلح "اسرئلة" أميركا انتشر على يد واحد من كبار خبراء السياسة الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية ، و هو أندرو باسيفيتش من جامعة بوسطن، إذ أشار إلى أن الولايات المتحدة تنزلق ،شاءت أم أبت، الى حالة حرب دائمة ،شبيهة بتلك الاسرائيلية، بما تحمله من تبعات رهيبة على اقتصاد الولايات المتحدة و دستورها.
فكرة باسيفيتش تلك تفسر الولع الأميركي الحالي بالاغتيالات و بالقتل عبر الطائرات بلا ربان . و في مقال تحت عنوان :"كيف أصبحنا اسرائيل" يشير باسيفيتش الى أنه في الفترة السابقة للحادي عشر من أيلول ، عندما كانت الاغتيالات غير شرعية في الولايات المتحدة، "كانت اسرائيل تقوم باغتيالات مستهدفة .....انها الطريقة الاسرائيلية في الحرب". و اسرائيل كانت أول من طور و استخدم الطائرات بلا ربان لتغدو حاليا أكبر مصدر للعالم في هذا المجال. و اليوم القتل بوساطة هذه الطائرات، و المخالف لدستور الولايات المتحدة ،علامة على عبودية الولايات المتحدة للصهيونية.
باسيفيتش محق، فالولايات المتحدة أصبحت اسرائيل، و لكنه أخطأ حين قال : الولايات المتحدة تنزلق الى الأسرئلة شاءت أم أبت. فما من شيء عشوائي او اعتباطي في الانقلاب الصهيوني يوم الحادي عشر من أيلول 2001 و الذي فرض سيطرة صهيونية شبه كاملة على أميركا. و يرى "ستنالي هيلتون" و "فرانسيس بويل" (كلاهما كانا على مقاعد الدراسة الى جانب المرشد الروحي للمحافظين الجدد "ليو شتراوس" في جامعة شيكاغو في الستينات من القرن الماضي) بأن "شتراوس" و مريدوه ، بما فيهم رفاقه "بول ولفويتز" و "أبرام شولسكي" ، كانوا يخططون لفرض فاشية صهيونية –نازية على أميركا عبر حدث على نموذج الحادي عشر من أيلول.
الصهيوني النازي "ادوارد لوتواك" من المحافظين الجدد ، كتب فعليا أطروحة دكتوراه حول الخطة الشتراوسية للإطاحة بالديمقراطية عبر انقلاب سري على شاكلة الحادي عشر من أيلول، و نشرت أطروحة لوتواك عام 1968 تحت عنوان :"انقلاب: دليل إرشادي عملي"، و في كتابه "الحادي عشر من أيلول: انقلاب (2002)" شرح الصحفي الايطالي موريسيو بلونديت أن المحافظين الجدد استخدموا انقلاب لوتواك لارشادهم خطوة خطوة خلال تنفيذ الحادي عشر من أيلول.
استقبل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نيتنياهو خبر الحادي عشر من أيلول بهيجان عاطفي قائلا: "جيد جدا"، و صاح رئيس الوزراء السابق آريل شارون مبتهجا: "نحن اليهود نسيطر على أميركا ، و الأميركيون يعلمون ذلك".و تبجح مايك هاراري من الموساد بأنه مهندس الحادي عشر من أيلول، و ذلك في احتفال أقامه في بانكوك -تايلاند فورا بعد الهجوم على أميركا ، وفقا لشاهد العيان ديمتري خاليسوف. و اشتهر المقطع الذي يظهر عملاء الموساد الاسرائيليين الراقصين المحتفلين علنا بنجاح عملية الحادي عشر من ايلول، اذ يضربون أكفهم ببعضها البعض و يتبادلون التقاط الصور و هم يشعلون قداحات السجائر أمام البرجين التوأمين المحترقين.
غير أن هذه الأمثلة و غيرها عن الاحتفاءات الصهيونية بالحادي عشر من أيلول غير ناضجة. فبينما تمكن الصهاينه من تحقيق أهدافهم القريبة ،التي تبدأ بمحاولة الولايات المتحدة تدمير سبع دول في خمس سنين نيابة عن إسرائيل الكبرى، فإنهم عن غير قصد أثاروا ردة فعل معادية ستقوم في النهاية بكنس الصهيونية و رميها في قمامة التاريخ.
ردة الفعل هذه بدأت بعد أيام من الحادي عشر من أيلول، عندما التقى الكولونيل في الجيش الأميركي "دون دي غراند بري" و زملاؤه الضباط من أجل صياغة الرد على انقلاب الحادي عشر من أيلول. و بدأ هؤلاء الضباط الأميركيون الوطنيون عملية لا زالت مستمرة حتى اليوم في مجتمعي جيش و استخبارات الولايات المتحدة الأميركية و هي سرد حقيقة أحداث أيلول عبر منشورة في شبكة الانترنيت باسم Veterans Today.
و الفشل الكارثي لحروب الحادي عشر من أيلول لأجل إسرائيل، قد خلقت ردة فعل معادية للصهيونية. و رغم أن الصهاينة كانوا يحاولون تدمير الحياة العلمية و سمعة كل من يتساءل حول أحداث أيلول أو الصهيونية ، الا انها وجدت أن بناء "جدار من الصمت" حول هذا المواضيع يزداد صعوبة.
فقبل بضعة أعوام ، عندما تحدث بروفيسور مثل ستيفن كونس عن 11/9، أو عندما انتقد صحفيون مثل هيلين توماس و ريك سانشيز الهيمنة الصهيونية على وسائل الاعلام، كان من الممكن أن يطردوا من أعمالهم. و لكن هذه السنه عندما ناقش "بيت كارول" ،مدرب فريق Seattle Seahawks الأميركي لكرة القدم الحادي عشر من أيلول ، لم يقترح أحد طرده ، و في النهاية فاز كارول بكأس ألعاب كرة القدم الأميركية السنوية.
و لعقود و آيباك لا تخسر أبدا معركة سياسية، غير أنها خسرت معركتين في العام الماضي و هما محاولتها الدفع تجاه ضرب سورية من قبل الولايات المتحده، و الحث على فرض عقوبات جديدة على ايران. و في كلتي الحالتين، لم تفلح وسائل الاعلام ذات الهيمنة الصهيونية بإقناع الأميركيين لدعم حرب أخرى لأجل اسرائيل. فصعود وسائل الاعلام البديلة عبر شبكة الانترنيت قد قلل من شأن السيطرة الصهيونية على وسائل الاعلام، ما سبب الذعر لشرطة الفكر الصهاينه، و أحد هؤلاء هو مارك غاردنير، الذي شتم المصور الشهير رانكين لسؤاله عمن يسيطر على وسائل الاعلام، اذ قال: " ان الادعاءات حول السيطرة اليهودية على وسائل الاعلام هي ما يميز بين العداء للسامية و بقية الأشكال العنصرية، ربما لا يكون رانكين معادي للسامية، و عليه أن يتعلم ألا ينشر الرائحة الكريهة للمزاعم المعادية للسامية حول سيطرة اليهود على الاعلام و هوليوود".
لماذا يعتبر قول الحقيقة رائحة كريهة معادية للساميه؟ و كما ذكر جويل ستين، في مقالته على صفحات لوس أنجلوس تايمز، فان اليهود يديرون هوليوود تمام، و قد سمت المقالة سماسرة هوليوود الكبار و أشارت الى حقيقة أنهم كلهم يهود.و الأمر ينطبق ، و ان كان بشكل أقل تطرفا، على كل التيار الرئيسي في وسائل الاعلام الأميركية، بما فيها التلفزيون و المجلات و الصحف. و قد عبر عن ذلك الصحفي السابق في نيويوك تايمز "فيليب ويس" الذي يملك الآن مدونه حول قضايا الشرق الأوسط، اذ قال :"هل يسيطر اليهود على وسائل الاعلام الأميركية؟ حسنا و ماذا لو كنا نفعل".
ربما علينا أن نصف الأشخاص الذين يسيطرون على الاعلام الأميركي "صهاينه" لا "يهود"، فباليهودية ديانه بينما الصهيونية مشروع سياسي قبلي، و معظم المسيطرون على الاعلام غير متدينين و لكنهم مخلصون لدولتهم اليهودية في فلسطين المحتله.
و مع استمرار فقدان ثقة الأميركيين بالتيار الرئيسي لوسائل الاعلام في بلدهم، فانهم سيلجؤون أكثر فأكثر الى مصادر بديلة، و هذه المصادر، و لأنها تحاول توفير بديل عن التيار الرئيسي، فانها ستستمر بازالة الاحتلال الصهيوني من العقل الأميركي.
اذن، ان أردت الاحتجاج على احكام قبضة آيباك على أميركا، قم بذلك هذه السنه، اذا لا يمكن التكهن كم من السنين ستستمر آيباك، و الكيان الصهيوني الذي تمثله، في العمل.
*كاتب و صحفي أميركي من أشد الناقدين للحرب على الارهاب.
تُرجم عن Press TV
الجمل
التعليقات
ضربة من تحت الحزام
إضافة تعليق جديد