غارات إسرائيل على غزة: مخاوف من انفجار واسع
للمرة الثانية خلال أسبوع يغير سلاح الجو الإسرائيلي على قطاع غزة، معلناً أن ذلك يأتي رداً على سقوط صواريخ منطلقة من هناك.
ولكن الصواريخ، سواء الأول منها الذي سقط قرب أسدود، أو الصاروخان الأخيران قرب عسقلان، أو الغارات الجوية لا تعبر عن تغيير جوهري في الواقع القائم الذي ترفض فيه إسرائيل وحركة «حماس» التصعيد ولا تريده.
وتعرف إسرائيل أن هذه الصواريخ، حتى الآن، هي نتاج خلافات داخلية أكثر مما هي فعل يعبر عن سياسة مقصودة، ولهذا السبب فإن رد الفعل الإسرائيلي تظاهري أكثر مما هو فعلي. وفي نظر الكثيرين فإن الحدث ينتهي على قاعدة فعل محدود ورد فعل محدود، لكن هناك من يرى أن هذا هو نوع من «التنقيط» الذي يمكن أن يقود في النهاية إلى انفجار الصدام الواسع.
وكانت المرة الأولى التي أُطلق فيها صاروخ «غراد» باتجاه أسدود قد نظر إليه على أنه محصلة خلاف بين قوى داخل «حركة الجهاد الإسلامي»، ولا دخل لحركة «حماس» فيه. وفي المرة الثانية كان واضحاً أن قوى سلفية بادرت إلى إطلاق صاروخين باتجاه إسرائيل، معلنة أن ذلك يأتي رداً على «حماس»، التي يتّهمونها بقتل أحد نشطائهم، بعد أن اتهمته بجمع أسلحة ورفض تسليم نفسه للشرطة.
وقالت مجموعة سلفية، تطلق على نفسها اسم «سرية الشيخ عمر حديد»، إنها المسؤولة عن إطلاق الصاروخين، مؤكدة أنها تواصل «الجهاد ضد اليهود، أعداء الله، ولا أحد يستطيع ردعنا».
لكنّ الحدثين يشهدان على أن إسرائيل تبقى عنواناً للفعل في غزة، سواء كانت هي المقصود أساساً أم لا. وهذا ما قاد إلى نوع من النقاش في المؤسسة الأمنية، وفي صفوف الفعاليات الاجتماعية للمستوطنين في غلاف غزة.
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون أن «الجيش الإسرائيلي أغار على أهداف لحماس في القطاع. وحتى إذا كان مطلقو الصواريخ نحو إسرائيل، هم مجرد عصابة منشقين من الجهاد العالمي، معنيين بتحدي حماس عبر إطلاق الصواريخ علينا، فإننا نرى في حماس الجهة المسؤولة عما يجري في القطاع، ولن نحتمل أي محاولة للمساس بمواطنينا». وأكد يعلون أن إسرائيل لن تسمح بالعودة إلى واقع «تنقيط» الإطلاقات من غزة، قائلاً «الليلة ردّ الجيش الإسرائيلي بشدة على الإطلاقات، وإذا اقتضى الأمر فسنضرب بشدة أكبر، والصيف الماضي أثبت ذلك».
وقال رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات «سدوت هنيغف» تامير عيدان «إننا نطلب من الجيش والدولة الردّ بشدة على كل إطلاق، من أجل الحفاظ على أمن سكان غلاف غزة والجنوب بأسره». وأشار إلى أنه لا توجد حتى الآن تعليمات خاصة تجاه الأيام المقبلة، و «لكننا سنتخذ القرار وفق التطورات وتقديرات الموقف».
وطالبت حركة «مستقبل النقب الغربي» بوجوب التوصل إلى حل سياسي من أجل كسر روتين «التنقيط». وقالت الحركة، في بيان لها، «إنهم مرة أخرى يغرقوننا في الكلام عن نزاعات داخلية، وعن الهدوء الأطول منذ الجرف الصامد. ولكن علينا أن نحث الحكومة الجديدة على المطالبة بحل سياسي طويل الأمد في غزة، ولن نقبل بعد الآن البقاء جبهة داخلية ساكتة تقبل الواقع والمواجهة بوتيرة منخفضة. الجولة المقبلة أمامنا».
وكتب المراسل العسكري لـ «هآرتس» عاموس هارئيل أن الصاروخين من غزة استدعيا ليس فقط قصفاً مضاداً، بغارات رمزية لسلاح الجو، وإنما أيضاً بتصريحات من أعضاء كنيست مختلفين.
وقد حمل عومر بارليف، من «المعسكر الصهيوني» على عجز رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وحذّر من حرب جديدة، ودعا إلى اتفاق «أساسه نوع السلاح مقابل التطوير» في القطاع. أما حاييم يلين من «هناك مستقبل» فدعا إلى «ضرب الإرهاب بأشدّ قوة»، معتبراً أنه «محظور السماح باستمرار الإطلاقات». وأضاف «لكن رغم شدة الكلام يبدو أن حكومة نتنياهو لا تنوي الخروج عن طورها للردّ على الإطلاقات».
وخلافاً لتباهي يعلون بالحرب الأخيرة على غزة، كتب هارئيل أن نتائج الحرب لم تكن مُبهرة، رغم القوة الهائلة التي استخدمتها إسرائيل، ونتنياهو ويعلون «ليسا متحمسين لتبني الحل الذي يطرحه أفيغدور ليبرمان، بإسقاط حكم حماس».
ورغم الردّ الرمزي أشار هارئيل إلى أن الصواريخ من غزة لم تُصِبْ أحداً بأذى في إسرائيل، وأنّ ردّ إسرائيل كان سيكون أشدّ لو أن القائمين على إطلاق الصواريخ هم من الذراع العسكري لـ «حماس»، أو أن الصواريخ أوقعت خسائر بشرية في إسرائيل.
أما رون بن يشاي، في «يديعوت احرونوت»، فأشار إلى أن لجولات التصعيد في القطاع، مثل دوري كرة القدم، قواعد خاصة بها لا يجرؤ أي من الفرق الأساسية على تجاوزها. وكتب أن أحداً ليس على استعداد لانتهاك هذه القواعد، لأن الجميع يعرف أن ذلك ينتهي بالبكاء، أي «بعملية إضافية للجيش الإسرائيلي في القطاع تترك خلفها خسائر ودماراً وصدمات نفسية في كلا الجانبين». ولذلك يرى أنه لا قيادة «حماس» ولا القيادة الإسرائيلية ترغبان في ذلك حالياً. ومع ذلك يرى بن يشاي أن هذا منطق لا يدوم، وعلى إسرائيل العمل على التخلص منه، ولذلك يطالب بإعادة إعمار غزة وتحريك الاقتصاد فيه. ويقترح لهذا الغرض التوجّه للسعوديين للعمل كوسيط، خصوصاً أن مصر لم تعد قادرة على فعل ذلك بسبب عدائها لـ «حماس».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد