الجيش يحشد ويوسّع «بنك الأهداف» في حلب
لم يكن من المقرر الانتظار كل هذا الوقت لاستكمال الطوق حول مدينة حلب، وفك الحصار عن قريتي نبّل والزهراء الواقعتين في الشمال المفتوح على تركيا، إلا أن تدخل «جبهة النصرة»، وقيامها بفتح جبهات على محاور أخرى، سواء في الليرمون أو المزارع المحيطة، إضافة إلى التسرع في التقدم والتوغل شمالاً تجاوزاً للخطة، تسبب بإرباك في المشهد العسكري في حلب، الأمر الذي استدعى توقف العمليات لاستعادة التوازن، ليطول بعد ذلك الانتظار إثر اشتعال مدينة إدلب وريفها، وإطلاق المسلحين سلسلة معارك تهدد مدينة حلب ذاتها، عبر السعي لـ «فتحها»، سواء عبر «غرفة عمليات فتح حلب»، أو شقيقتها «أنصار الشريعة» التي تقودها «جبهة النصرة».
وبعد انتظار دام لأكثر من خمسة أشهر، منذ تقدم الجيش السوري في ريف حلب الشمالي وسيطرته على باشكوي وقرى عديدة محيطة بها، توقفت العمليات في الريف البعيد نسبياً عن المدينة، ليتركز في محيط المدينة ذاتها، إثر تقدم الفصائل المتشددة نحو بوابة حلب الغربية، وسيطرتها على مركز البحوث العلمية المحاذي لحي حلب الجديدة الذي يغص بالسكان والمهجرّين من مناطق ساخنة أخرى، إلا أنه «وبعد أن تمكن الجيش من التصدي للهجمات بمختلف أنواعها، واستقرار المشهد الميداني، يبدو أن الخطوة التالية من طوق حلب قد حانت»، وفق تعبير مصدر ميداني.
المصدر الميداني الذي أكد أن الجيش السوري كثف من تواجده على نقاط التماس في ريف حلب الشمالي، واستقدم تعزيزات «كبيرة»، يستعد خلال الأيام المقبلة لمتابعة ما كان قد بدأه سابقاً، موضحاً أن عمليات الجيش في هذه المرحلة تسير بشكل بعيد نسبياً عن أعين وسائل الإعلام، وتتسم بسرية كبيرة، الأمر الذي يجعل موعد انطلاق العمليات رهن لخطة الجيش غير المفصح عنها.
وبالتوازي مع حشد الجيش قواته في ريف حلب، واستقدامه تعزيزات كبيرة إلى المدينة، يشير مصدر عسكري إلى أن عملاً عسكريا آخر ستشهده المنطقة، من دون أن يفصح عن تفاصيله، الأمر الذي شرحه مصدر متابع لملف العمليات العسكرية في حلب بأن الجيش السوري «وسع بنك أهدافه»، موضحاً أن «بنك الأهداف الجديد يشمل أربعة محاور بشكل متزامن سيتم العمل عليها».
المحور الأول، وفق المصدر، سيكون في ريف حلب الشرقي وصولاً إلى مطار كويرس العسكري الذي يحاصره تنظيم «داعش» والذي كثف هجماته في محيطه خلال الأسبوعين الأخيرين، في الوقت الذي تمكن الجيش السوري فيه من اكتشاف نفق بطول 100 متر كان معداً للتفجير في محيط المطار، فقام بتدميره. وفي حين يشكل فك الطوق عن مطار كويرس نقطة تقدم «إستراتيجية»، أوضح المصدر أن استعادة المحطة الحرارية من التنظيم تشكل هدفاً مهماً أيضاً، الأمر الذي من شأنه أن يعيد لحلب توازنها الخدمي.
أما المحور الثاني، يشرح المصدر، فسيتمثل بزيادة تأمين محيط المدينة الصناعية في الشيخ نجار، خصوصا في جبهتها الشرقية التي يسيطر عليها «داعش»، إضافة إلى استكمال الطوق عبر التقدم من باشكوي وصولاً إلى نبّل والزهراء وفك الحصار عنهما.
أما المحورين الثالث والرابع، فسيتم العمل عليهما داخل مدينة حلب وفي محيطها القريب جداً، عبر استرجاع تلة الشويحنة، والسيطرة نارياً على البحوث العلمية، الأمر الذي يجعل استرجاع بوابة حلب الغربية وتحصينها أمراً محسوماً، في حين يجري العمل على إبعاد شبح الموت عن أحياء المدينة الغربية التي تغص بالسكان، عن طريق التوغل داخل حي بني زيد الذي يشكل نقطة تمركز مسلحي «جبهة النصرة» و «لواء شهداء بدر»، اللذين يقومان باستهداف المدينة بشكل متواتر، ما أدى لوقوع مئات القتلى والجرحى، آخرهم خمسة أطفال من عائلة واحدة فارقوا الحياة متأثرين بإصابتهم إثر سقوط قذيفة على البناء الذي يقطنونه في حي شارع النيل.
وعلى الرغم من وجود ملامح عامة للعمليات العسكرية المتعددة التي يجري تحضيرها لحلب، إلا أن مصدراً عسكرياً شدد، خلال حديثه، على أن الجيش يفضل خلال الفترة المقبلة أن يعمل بصمت، خصوصا مع تعقد المشهد في الشمال السوري، وضرورة تعزيز مواقع تمركز الجيش وتعدد جبهات القتال، وفق إستراتيجية الجيش السوري الجديدة التي تعتمد فتح جبهات عدة في وقت واحد، تمتد من مناطق المعارك مع «داعش» في البادية وسط سوريا، وصولاً إلى مناطق التماس مع مسلحي «النصرة» على تخوم محافظة حماه في ريف إدلب، ومناطق سيطرة الفصائل المتشددة في ريف حلب الشمالي، وريف اللاذقية الشمالي، الأمر الذي من شأنه أن يحدث خرقاً في خريطة السيطرة بسبب عدم قدرة الفصائل على العمل على جبهات مختلفة، وهو ما يحتاج لعمليات استعداد كبيرة، ولكن بخطى سريعة لتحقيق الأهداف الموضوعة في «البنك، من دون خسارة المزيد من النقاط على غرار ما حصل في إدلب وتدمر، ودون إغفال الاستعداد لأية تغيرات مفاجئة أو غير متوقعة قد تحدث على محاور أخرى، جنوب سوريا أو في مناطقها الشرقية».
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد