تكفيريو «داعش» يدمّرون معبد بعل شمين

عادت مدينة تدمر، رهينة «داعش»، الى الواجهة بتدمير معبد بعل شمين.
أتى الخبر من دون أي صور توثق للحدث، فهذا هو أسلوب «داعش» الجديد في نشر الرعب حول مصير الآثار: يذاع الخبر، يتداول، يتحسر القراء على الآثار، وحينما يهدأ روع محبي الحضارات، ينشر التنظيم الارهابي صور جريمته، فتلتهب المشاعر مرة اخرى، لينتصر التكفيريون بالبروباغندا مرتين.
بدأ «داعش» يعتمد هذه الطريقة منذ تفجير موقع نمرود في العراق. حينها، وثق بالصوت والصورة التدمير، ليؤكد للعالم قدرته على ذلك.
بعد ذلك، صار «داعش» يتحكم بزمام الامور وينشر الصور حينما يشاء.
ولكن لماذا تفجير الآثار؟
 هي طريقة مربحة جداً على كل الصعد. فهي أبسط طريقة لإخفاء عمليات سرقــة الآثار وبيــعها، فالتفجير يمحو آثار الجريمــة من جهة، ويــضاعف سعر القطع في سوق الآثار من جهة أخرى، ويذهل الناظر اليه، فيأخذ «داعش» مراده من المال ونشر الرعب.
ويبقى السؤال: لماذا تدمير معبد بعل شمين؟
 لأن إعطاء التفسيرات الدينية (التي لا تمت للدين الاسلامي بصلة) سهل. معبد بعل شمين هو أحد معابد تدمر الاربعة، وهو مخصص لكبير الآلهة الذي يحكم على السماوات والمطر والخصوبة، وقد شيّد له معبد في تدمر في فترة حكم الامبرطورية الرومانية.
ويطرح السؤال نفسه: معبد لإله سامٍ في مدينة رومانية؟
 نعم، فعبقرية الرومان في الحكم كانت تقوم على مبدأ المحافظة على ديانات الشعوب المحكومة، فتبقى تصلي لآلهتها في معابد شيّدها الرومان في مناطق سيطرتهم. وتكون النتيجة كتدمر تماماً: فنّ روماني بطابع محلي بحت.
ليس هذا فحسب، بل كان الرومان يحولون في هندسة المعابد حتى تتماشى مع تقاليد الشعوب، ففي تدمر مثلاً زودت المعابد بأدراج تقود الى سطح المعبد لكي يقدم الكهنة الاضاحي في الهواء الطلق كما كانت تفرض عليهم معتقداتهم.
بتدميره معبد بعل شمين بدأ «داعش» يصعد في ملف موقع تدمر. بداية، كان تلغيم الموقع، ثم الإعدام الجماعي في المسرح الروماني، ثم تحويل المتحف الى محكمة وسجن، وأعقب ذلك قطع رأس مدير متحف تدمر، واليوم تفجير المعبد.
يحاول «داعش» إزالة التاريخ، ولكنه مجرد حقبة سوداء في ارض عمرها آلاف السنين، لطالما كان الدمار جزءا من تاريخها.

جوان فرشخ بجالي

المصدر: السفير