مشروع وطني لمعالجة أطفال الأزمة بالموسيقى
نريد أن يتحول الأطفال من سماع صوت الرصاص والقذائف والمتفجرات ومشاهد الدماء والرؤوس المعلقة إلى سماع لغة الموسيقا العالمية وأن يتذوقها ويحفظ الكلمات الوجدانية العذبة وأن يتحول أطفالنا من مشروع للقتل والتخريب إلى ركن للحضارة والإبداع والبناء. بهذه الكلمات حدد الموسيقار السوري الكبير جوان قرجولي أهداف المشروع الذي بدأ به تجمع أوتار، هذا التجمع الذي استطاع خلال فترة وجيزة أن يحقق نقلة نوعية في الدعم النفسي للأطفال الموجودين في مراكز الإيواء والذين خرج أغلبهم من مناطق المعارك حيث يقيم الإرهاب، وحدد قرجولي أن الهدف الأساسي للمشروع الذي سيكون نواة لمشروع عالمي تقديم الدّعم النّفسي للأطفال المتضررين من الحرب والأيتام وذلك عن طريق تعليمهم الموسيقا، وبداية هذا المشروع كانت في كل من مراكز الإيواء في ضاحية قدسيا – جرمانا – صحنايا، في عام 2015.
بلغ عدد الأطفال المستهدفين في هذا المشروع 300 طفل توزّعوا على مركز إيواء ضاحية قدسيا ومركز جرمانا ومركز صحنايا. حيث قام فريقنا التخصصي الفنّي بتعليم الأطفال مبادئ قراءة النوتة الموسيقية ومجموعة من الأغاني التراثية العربية والمحليّة إضافة إلى مجموعة من الأغاني الوطنيّة التي تساهم في نشر القيم الوطنيّة بين الأطفال وحبّ الوطن. وتمّ تعليم الأطفال الأحرف الإنكليزيّة إضافة إلى الأرقام وبعض الكلمات عن طريق استخدام أغانٍ كتبت خصيصاً لهذا الهدف. وتمّ تعليم الأطفال مجموعة من الأغاني ذات الطابع الخفيف والمرح لنشر ثقافة الفرح وحبّ الحياة بين الأطفال وهذه الأغاني كتبت تحديداً لهذا المشروع من أساتذتنا المتخصصين. وتمّ تعليم الأطفال بعض النصائح الخاصّة بالتصرّف الاجتماعي والممارسات التي تهدف للمحافظة على سلامتهم وأمانهم حيث تحثّهم على عدم العبث بأي جسم غريب يشاهدونه إضافة إلى غسل اليدين قبل وبعد الطعام وفي كل الحالات التي تحتاج غسل اليدين وآداب الطعام والجلوس في الصف.
وتمّ تعليم الأطفال كيفيّة استخدام بعض الموجودات المنزليّة ( عبوات مياه فارغة – كاسات – مطاط- ملاعق – صحون – الخ) واستخدامها كآلات إيقاعيّة في مرافقة الأغاني سابقة الذكر أعلاه ما أضفى نوعاً من التفاعل بين الأطفال ليس فقط غناءً بل عزفاً، وفتح لديهم الآفاق لصناعة الآلات الموسيقيّة وذلك بسبب تعذّر شراء آلات موسيقيّة من قبلهم. ولوحظ من خلال دروسنا في المراكز وجود 4 حالات نفسيّة بين الأطفال تتضمّن سوء النّطق والتأقلم مع المحيط والانزواء، وقد تمّت معالجة هذه الحالات الأربع وكانت النتائج إيجابيّة وأصبح هؤلاء الأطفال من المتميّزين والمشاركين بالصفوف مّا عزّز ثقتنا بقدرة هذا المشروع لدعم نفسيّة الأطفال.
وقمنا بإجراء دروس جماعيّة للأطفال بحضور أهاليهم وذويهم وأصدقائهم وفاقت نسبة المشاركة توقعاتنا، فقد كان الحضور كثيفاً وتفاعليّاً ما عزز التواصل بين الأطفال وأهاليهم من جهة، وفريقنا من جهة أخرى وكانت هذه الدّروس مع الأهل بمعدل درس شهريّاً حيث تشاركوا مع أطفالهم الغناء والمرح. ونظرا لانتشار الحروب العبثية في عدد من دول العالم وتأثر شريحة الأطفال بهذه الحروب فإن مسالة معالجة وضع هؤلاء الأطفال مما هم فيه سيكون الشغل الشاغل للمنظمات الدولية وسيكون هذا المشروع مرجعا لجميع الجهات الباحثة عن حلول للأذى النفسي الذي يتعرض له الأطفال، وهناك دعم من اليونسيف لهذا المشروع في ضوء النتائج المهمة التي حققها وسيتم تعميم المشروع في جميع مراكز الإيواء وحيثما تواجد أطفال يحتاجون إلى الدعم النفسي.
محمود الصالح
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد