حيل النادل للحصول على «بقشيش» أفضل
تتفاوت عادات البقشيش من بلد لآخر، ربما يكون باستطاعة النُدل من الجنسين تحسين ما يتقاضونه من أجر باستخدام بعض الخدع المستقاة من مطبوعات متخصصة في علم النفس.
بالعودة إلى العام 1975، كشف بحث أجراه عالم النفس بيب لاتان حول تناول العشاء في المطاعم أنه كلما كانت المجموعة التي تتناول العشاء معًا أكبر، يكون البقشيش أقل. يقوم هذا التحليل على فكرة «تأثير الشهود»، فكلما كان عدد الشهود لحدث ما كبيرا، عندما يتعرض مثلا شخص ما للاعتداء في الشارع، تصبح إمكانية أن يهب أحد للمساعدة أقل. وفي حالة تناول مجموعة من الأصدقاء للعشاء في المطعم معا، يعتقد المشاركون أنه ليس مطلوباً منهم جميعا ترك بقشيش معقول، لأن شخصاً آخر في المجموعة يمكن أن يفعل ذلك.
بين الفرد والمجموعة
بيد أن الأمر يعتمد على طبيعة المطعم الذي يعمل فيه النادل. إذ تفيد إحدى الدراسات أنه في «المطعم العالمي للبانكيك» في أوهايو، لم يدفع الزبائن الذين حضروا كصحبة معا بقشيشاً جيدا، ودفعوا ما نسبته 11 في المئة فقط مقارنة بالطاولات التي كان يجلس عليها زبائن بمفردهم، والذين دفعوا ما نسبته 19 في المئة من البقشيش.
لكن في مطعم آخر هو «سماجلرز إن» الأرقى، والذي لا يبعد كثيراً عن المطعم السابق، كان الزبائن أكثر سخاء في إعطاء البقشيش ضمن جماعات، وأكثر سخاء من الزبائن المنفردين والأزواج.
هناك بالطبع سبب آخر لدفع الزبائن الحاضرين في صحبة معا بقشيشاً أقل، وهو عامل الفاتورة المشتركة. فعندما تجمع التكلفة من المشاركين وتضاف إلى بعضها البعض دائماً لا يوجد ما يكفي من النقود، ولذلك فإن جزءاً من البقشيش يُدفع ليغطي النقص في أصل المبلغ. هذا هو السبب الذي يجعل كثيراً من المطاعم تضيف البقشيش تلقائياً إلى حفلات الطعام الكبيرة.
ولا يستطيع النُدل بالطبع التحكم في حجم أو عدد أفراد المجموعة التي يقومون بخدمتها، لكنّ هناك أمورا بإمكانهم أن يفعلوها أملاً بالحصول على بقشيش أكبر.
ففي بحث أجري العام 1978 على حانة «كوكتيل» في سياتل، تبين أن مجرد الابتسامة يمكن ببساطة أن تضاعف من حجم البقشيش. ولكي يكون ذلك فعالاً ومجدياً، لا بد أن تظهر الابتسامة صادقة بالطبع.
كما أجريت دراسة على مطعم «تشارلي براونز» في جنوب كاليفورنيا، حيث طلب من نصف النُدل تقديم أنفسهم للزبائن بذكر أسمائهم في بداية تناول الزبائن للوجبة، وطلب من النصف الثاني منهم الامتناع عن تقديم أنفسهم أو ذكر أسمائهم للزبائن. وتبين أن معدل البقشيش وصل إلى 23 في المئة مع النُدل الذين ذكروا أسماءهم، و15 في المئة مع النُدل الذين لم يذكروا أسماءهم.
طريقة الدفع يمكن أيضاً أن تصنع فرقاً. إذ يميل الناس إلى دفع بقشيش أكبر إذا كان الدفع بالبطاقة الائتمانية. إذا كنت نادلاً أو نادلةً، قبل أن تشجع زبائنك على الدفع بالبطاقة الائتمانية، عليك التأكد من أن صاحب المطعم سيدفع لك البقشيش الذي خصصه الزبون لك عبر بطاقته الائتمانية.
وتقول دراسة غير منشورة في العام 1995، إنه ما دام الزبائن يحملون بطاقات ائتمانية، فإنهم يتركون بقشيشاً أكبر مقابل الخدمة التي يتلقونها من النادل، وحتى لو دفعوا الحساب نقداً.
ورغم أن العلامات المميزة لبطاقات الائتمان واضحة على الفاتورة، إلا أن كل من أجريت عليهم الدراسة دفعوا الحساب نقداً، مضيفين أربعة في المئة من قيمته كبقشيش.
القميص الأحمر
في السنوات اللاحقة، جُربت أساليب أقل وضوحاً. فقد أجرى عالما النفس الفرنسيان نيكولاس جويجوين، وسيلين جاكوب عدة دراسات على البقشيش. وتوصلا إلى أن ارتداء النادل أو النادلة قميصاً أحمر قصير الأكمام، يدفع الرجال لدفع بقشيش أكبر لكنه في المقابل لا يؤثر على النساء.
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يدخل فيها جنس الزبون في صلب هذه الدراسات. فرسم وجه ضاحك على الفاتورة، أو كتابة كلمة شكراً على ظهرها يساعد النادلات في الحصول على بقشيش أفضل. ويشير مايكل لين، أستاذ سلوكيات الزبائن، إلى أن الوجوه الضاحكة أو المبتسمة ربما لا تبدو مناسبة لحفلات العشاء الفاخرة أو الراقية. ويرى أن رسم كركند مثلا على الفاتورة يكون له أثر أفضل. ويكون هذا الأمر بمثابة تحد لنادل في عجلة من أمره. فوضع بطاقة مكتوب عليها إحدى المُزح مع الفاتورة يمكن أن يدفع الزبون إلى دفع بقشيش أفضل. أو يمكنك تركيز الانتباه على شكل الصحن الذي تقدم فيه الفاتورة.
فالصحون على شكل قلب زادت من نسبة البقشيش المدفوع، مقارنة بالصحون ذات الأشكال الدائرية.
وقد اكتشف جويجوين وجاكوب أيضًا أن لمسة خفيفة على قمة ذراع الزبون يمكنها أيضاً أن تحسن من قيمة البقشيش. وقد وجدت دراسة أجريت في الثمانينيات أنه إذا طلبت من أشخاص القيام بشيء معين، فمن الأرجح أنهم سيقبلون بذلك إذا لمست ذراعهم بطريقة ودية في وقت من الأوقات.
بالطبع لم تجرؤ دراسة حتى الآن على تجريب كل هذه الأساليب مرة واحدة لمعرفة ما إذا كانت زيادة نسبة البقشيش 2 في المئة هنا، أو 4 في المئة هناك، قد أضيفت فعلاً بسبب هذه الأساليب.
(بي بي سي)
إضافة تعليق جديد