ماكرون يخاطب البرلمان غداً.. واليسار يقاطعه.. باريس تتوج «إمبراطوراً»

02-07-2017

ماكرون يخاطب البرلمان غداً.. واليسار يقاطعه.. باريس تتوج «إمبراطوراً»

ركّزت الانتخابات الأخيرة كلّ السلطات في فرنسا بيد الرئيس إيمانويل ماكرون، وتوجّت الديمقراطية الفرنسية العريقة، مصرفياً غير معروف، «إمبراطوراً» يهيمن حزبه الوليد على كل مقاليد الحكم. وبعد فوز حزب الرئيس «الجمهورية إلى الأمام» بأكثرية مقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية الأخيرة في حزيران الماضي، صار ماكرون يهيمن فعليا على السلطتين التنفيذية والتشريعية معاً في البلاد، في سابقة قلّما توفرت بهذه السرعة والسهولة لرئيس غيره. لذلك يرى محللون كثر أن ذلك يعتبر بداية لعهد «الماكرونية» في فرنسا المعروفة بتنوع الآراء فيها والتي قلّما سلّمت قيادها لرجل واحد أوحد.
وفي مؤشر على هيمنة الرئيس على كل مقاليد الحكم في البلاد، سيخاطب ماكرون بعد غد البرلمان لعرض التوجهات الكبرى لحكمه، وذلك عشية البيان السياسي العام لرئيس وزرائه إدوار فيليب.
وانتقدت المعارضة هذا الترتيب، وأعلن نواب حركة «فرنسا المتمردة» (يسار متشدد) والنواب الشيوعيون مقاطعتهم جلسة البرلمان الإثنين القادم. وقال نواب الحزب الشيوعي «لن نذهب إلى قصر فرساي لتزكية الملك الرئاسي» و«تأييد عرقلة عمل البرلمان».
وقرر ماكرون أن تصبح هذه الطريقة الاستثنائية التي لم يلجأ إليها أسلافه الرئيسان نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند إلا مرة واحدة، تقليداً سنوياً، متخلياً عن المقابلة التلفزيونية المعهودة في اليوم الوطني الفرنسي في 14 تموز من كل عام.
وفي الجمعية الوطنية استحوذ حزب ماكرون «الجمهورية إلى الأمام» وحلفاؤه على كل مقاعد مكتب المجلس، في حين كان التقليد يقضي بتخصيص أحد المقاعد للمعارضة.
وعلق باسكال بيرينو، الباحث في مركز البحوث السياسية «سيفيبوف» على ذلك بالقول: «إن مثل هذا التركيز للسلطة بيد الرئاسة التي تمارس وصايتها على رئيس الوزراء والحكومة وحزب الأغلبية والجمعية الوطنية، يجسد خصائص الماكرونية التي بدأت ترتسم».
وبدوره ندد المرشح الرئاسي الاشتراكي السابق بينوا آمون عبر صحيفة ليبيراسيون بـ«حكم تسلطي مفرط في المركزية ومركّز بيد رجل واحد» هو ماكرون، الذي وصفه بأنه «ليبرالي متسلط».
ويعمل 12 مستشاراً بين القصر الرئاسي ومقر رئاسة الحكومة، ما يتيح هيمنة مباشرة لرئيس البلاد على رئيس الوزراء. ولاحظ بيرينو أن «الرئاسة تابعت باهتمام شديد توزيع القوى في البرلمان».
من جانبه لاحظ المؤرخ كريستيان ديلبورت، أن ماكرون يعود إلى جذور الجمهورية الخامسة، ويستخدم كل قواعدها مع رئاسة عمودية ورئيس وزراء أشبه بصمام. وهذا يثير استغرابنا، لأننا شهدنا فترة كانت الأدوار فيها ملتبسة، لكن هكذا هي الأمور المتبقية من وحي الرؤساء الأميركيين ووحي باراك أوباما حتى فيما يخص الصورة الرسمية.
كما انتقد وزير الدولة السابق للتعليم العالي والبحث، تييري ماندون، في تغريدة «الافتتان» بالنموذج الأميركي، في تلميح إلى الصورة الرسمية للرئيس ماكرون التي يقف فيها أمام مكتبه تماماً كما هي صورة باراك أوباما. ورأى المحلل جي سورمان، في مقال في صحيفة «لوموند» بعنوان «مستبد عادل؟» أن «الماكرونية هي رمز لشغف فرنسي بالمستبد العادل من بونابرت إلى ديغول، بحثا عن المنقذ». وأضاف: إن «إيمانويل ماكرون الذي يعد الفرنسيين ملكيين في أعماقهم هو وريث هذا التاريخ مع حصيلته المتضاربة». لكن هل أن هذا التمركز للسلطات من شأنه أن يقلل من شعبية ماكرون؟ تشير الاستطلاعات إلى مواقف متضاربة، إذ بيّن استطلاع «فيافويس»، الجمعة، زيادة من أربع نقاط في شعبية ماكرون منذ نهاية أيار إلى 53 بالمئة من الآراء المؤيدة.
لكن استطلاعي «إيبسوس» و«كانتر سوفريس» أظهرا أن شعبية الرئيس تراجعت بما بين نقطة وثلاث نقاط إلى 45 بالمئة من الآراء المؤيدة.

وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...