فيسك يعري حقيقة الكيماوي من داخل دوما
نشرت صحيفة الاندبندنت البريطانية اليوم مقالاً للكاتب البارز والمعروف "روبرت فيسك" كشف فيه حقيقة استخدام السلاح الكيميائي في مدينة دوما السورية في ريف دمشق.
حيث قال الكاتب هذه هي قصة مدينة اسمها دوما، هي منطقة مدمرة من كتل سكنية محطمة، لقد وجدت عيادة تحت الأرض بثت صوراً للعالم، وتسببت بحجة لثلاثة من أقوى دول العالم الغربي بقصف سوريا الأسبوع الماضي.
وتابعت الصحيفة: ومع ذلك، فإن قصص الحرب عادة تصبح أكثر قتامة وبالنسبة لطبيب سوري بالغ من العمر 58 عاماً ، فإنه يضيف شيئاً غير مريح إلى حد بعيد حيث قال: المرضى الذين بثت صورهم ماتوا بسبب نقص الأوكسجين في الأنفاق المعبأة بالقمامة، والطوابق السفلية التي عاشوا فيها، في ليلة من عاصفة ترابية.
وبينما يعلن الدكتور "عاصم الرحباني" هذا الاستنتاج غير العادي، من الجدير ملاحظة أنه باعترافه الخاص وهو نفسه شاهد عيان، ويتحدث الإنكليزية بشكل جيد، وهو يشير مرتين إلى المسلحين "الجهاديين" في جيش الإسلام في دوما باسم "الإرهابيين".
في غضون ذلك، قالت فرنسا إنها تمتلك برهاناً قاطعاً على استخدام أسلحة كيميائية وقد نقلت وسائل الإعلام الأمريكية عن مصادر أن اختبارات البول والدم أظهرت ذلك أيضاً، وقالت منظمة الصحة العالمية إن شركاءها على الأرض عالجوا 500 مريض لديهم "علامات واضحة وأعراض تتفق مع التعرض للمواد الكيميائية السامة".
وفي الوقت نفسه، فإن المفتشين من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ممنوعون حالياً من القدوم إلى موقع الهجوم المزعوم بالغاز أنفسهم لأنهم يفتقرون إلى تصاريح الأمم المتحدة الصحيحة.
قبل أن نذهب إلى أبعد من ذلك، ينبغي على القراء أن يدركوا أن هذه ليست هي القصة الوحيدة في دوما، هناك العديد من الأشخاص الذين تحدثت إليهم وسط أنقاض البلدة الذين قالوا إنهم "لم يؤمنوا أبداً بقصص الغاز" التي عادة ما تطرحها الجماعات الإسلامية المسلحة، لقد نجا هؤلاء "الجهاديون" تحت عاصفة من القصف بسبب عيشهم في منازل المدنيين وفي أنفاق واسعة مع طرق تحت الأرض منحوتة عبر الصخور الحية من قبل سجناء محاصرين على ثلاثة مستويات تحت المدينة، لقد مشيت عبر ثلاثة منها بالأمس، ممرات ضخمة من الصخور الحية التي لا تزال تحتوي على صواريخ وسيارات محروقة.
لذا فإن قصة دوما ليست مجرد قصة غاز - إنها قصة حوالي آلاف الأشخاص الذين لم يختاروا الإخلاء من دوما والخروج بواسطة الحافلات التي غادرت الأسبوع الماضي، جنباً إلى جنب مع المسلحين الذين اضطروا للعيش معهم مثل مرض السرطان لعدة أشهر من أجل البقاء على قيد الحياة. مشيت عبر هذه البلدة بحرية تامة يوم أمس من دون جندي أو شرطي أو ملازم فقط صديقين سوريين، كاميرا وكمبيوتر محمول، كنت أضطر أحياناً إلى تسلق أسوار يبلغ ارتفاعها 20 قدماً، صعوداً ونزولاً لأسوار من الأرض تقريباً.
وعلى مسافة قصيرة من الدكتور الرحباني توجد الـ "نقطة 200"، وهي ممر يؤدي إلى أسفل التل حيث أطلعني على المستشفى المتواضع وعلى الأسرّة القليلة حيث كانت تبكي فتاة صغيرة "كنت مع عائلتي في الطابق السفلي من منزلي على بعد ثلاثمئة متر من هنا في الليل ولكن جميع الأطباء يعرفون ما حدث، كان هناك الكثير من القصف ولكن في هذه الليلة، كانت هناك ريح وقد بدأت بسحب الغبار إلى الأقبية حيث يعيش الناس، وبدأ الناس يصلون إلى هنا وهم يعانون من نقص الأكسجين، ثم صرخ أحدهم على الباب، وهو من جماعة "الخوذ البيضاء"، "غاز!"، وبدأ الذعر، بدأ الناس يرمون الماء فوق بعضهم البعض، نعم، تم تصوير الفيديو هنا، إنه حقيقي، ولكن ما تراه هم الأشخاص الذين يعانون من نقص الأكسجين - وليس التسمم بالغاز.
وتابع فيسك بالقول: لعبت جماعة الخوذ البيضاء - دوراً مألوفاً خلال المعارك، كيف لا وهم الذين يتم تمويلهم جزئياً من قبل وزارة الخارجية البريطانية ومعظم موظفي المكاتب المحلية من رجال دوما.
بالطبع يجب أن نسمع القصة من جانبهم أيضاً، لكن ذلك لن يحدث هنا: أخبرتنا امرأة أن كل عضو من ذوي الخوذات البيضاء في دوما تخلى عن مقرّه الرئيسي واختار ركوب الحافلات المنظمة الحكومية إلى محافظة إدلب المتمردة مع الجماعات المسلحة عندما تم الاتفاق على الهدنة النهائية.
واختتم فيسك مقاله: كيف يمكن أن يكون لاجئو دوما الذين وصلوا إلى المخيمات في تركيا قد وصفوا بالفعل هجوماً بالغاز، بينما لم يكن أحد في دوما اليوم يتذكره؟ لقد خطر لي، بمجرد أن كنت أسير لأكثر من ميل عبر هذه الأنفاق البائسة، أن مواطني دوما عاشوا معزولين عن بعضهم البعض لفترة طويلة لدرجة أن "الأخبار" بالمعنى البسيط لكلمة خبر ببساطة لم تكن موجودة أصلاً فيما بينهم، فكل ما يذكره أبناء دوما هو الإسلاميون الذين يعيشون تحتهم، حيث تحدثوا عن كيفية قيام الجماعات المسلحة بسرقة منازل المدنيين، وقيام جيش الإسلام بإحراق مكاتبهم قبل مغادرتها، لكن المباني الضخمة داخل المناطق الأمنية التي أنشؤوها كانت تحمي مقراتهم تحت الأرض من الضربات الجوية لقد سألني كولونيل سوري صادفته وراء أحد هذه المباني عما إذا كنت أرغب في رؤية مدى عمق الأنفاق توقفت بعد أكثر من ميل عندما لاحظت أن "هذا النفق قد يصل إلى بريطانيا".
إضافة تعليق جديد