الفساد على الهيكل والمكسي والمحافظة تلتزم الصمت
تقريران لعضوي المكتب التنفيذي يقترحان تغيير الموظفين و الجمعيات تفتح ملفات الابتزاز و عرقلة الأعمال !!
«ست فضيحة»... هكذا على ما يبدو أصبح حال قسم التعاون السكاني في محافظة دمشق... فملفات الفساد والأخطاء فيه فتحت دفعة واحدة، ولن يكون باستطاعة أحد أن يغض الطرف عنها بعد الآن...
البعض من أعضاء الجمعيات السكانية يحبذون تسمية أخرى لهذا القسم فهو «الطفل المدلل » الذي يحق له خرق ما يريد من بنود القانون، وارتكب ما يتمنى من تجاوزات ومخالفات ، و إلا لماذا يتم السكوت وغض الطرف عن أوضاعه بعد كل هذه المخالفات والشكاوى...؟!.
لنفترض جدلا أن كل هذه الأخطاء و المخالفات تمت بحسن نية ودون قصد، لكن أليست مبررا كافيا لتعديل آلية عمل القسم و إجراء التغييرات المطلوبة فيه حماية لحقوق آلاف المواطنين، فعندما يكون لدينا قسم مؤهل واختصاصي نزيه تكون بعض مجالس الإدارات للجمعيات السكانية غير قادرة على التلاعب بالأمانة والثقة المعطاة لها...
فبعد التحقيق الذي نشرناه في الرابع عشر من شباط الماضي حول إعلانات جمعيات الاصطياف، جاءنا الكثير من الوثائق حيال الطرف الآخر للفساد في التعاون السكني... فليس المدان بالفساد والتجاوزات فقط بعض الجمعيات.. بل من يسكت عنها ويشجعها على ذلك!!
لن نبدأ من شكاوى الجمعيات السكنية والعرائض المقدمة لكل جهات الدولة والتي أصبح بإمكاننا تحويلها إلى مكتبة ضخمة، بل سوف نبدأ بالتحقيقات والنتائج التي خرج بها بعض أعضاء المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق وعلى مبدأ «من فمك أدينك».
فوفق المذكرة المعدة من قبل عضو المكتب التنفيذي المهندس رضوان سودان قبل نحو عامين، والتي جاءت بناء على تكليف المحافظ للتدقيق في الشكوى المقدمة بحق رئيس ومشرفي قسم التعاون السكني التابع لمديرية الخدمات الفنية، وبعد الإطلاع والكشف على أضابير عدد من الجمعيات التعاونية السكنية العائدة بإشراف القسم المذكور تبين للعضو المذكور مايلي:
ـ وجود عدد من الشكاوى بحق المشرفين بصورة عامة وخاصة العاملين المشرفين خ.ك،م .إ،و.ح كالشكوى المقدمة من جمعية الصناعات الغذائية الواردة إلى الاتحاد السكني برقم 992 المتضمنة إهمال المشرف والعبث بتخصيص الأعضاء وقيامه بتخصيص زوجته بإحدى الشقق في مشروع دمر خلافا للأنظمة والقوانين والغش والتلاعب بوثائق الجمعية.
ـ القيام بابتزاز أعضاء مجلس الإدارة لجمعية ست الشام وطلب رشوة منهم وتخصيصهم بشقة للمشرف ورئيس القسم وعند رفض مجلس الإدارة ذلك تقدم المشرف بشكوى مزورة بأسماء وهمية (سامر عبدو وهيفاء علي) غير الموجودين في جدول الهيئة العامة، وبناء على هذه الشكوى اقترح حل مجلس الإدارة وتشكيل مجلس إدارة مؤقت بموجب الأمر الإداري رقم 2695 وعلى إثر ذلك قام مجلس الإدارة بمراجعة رئيس القسم ووضعه بصورة الابتزاز مع شريط مسجل بصوت المشرف خ.ك وبدلا من محاسبته قام بطرد أعضاء مجلس الإدارة.
ـ شكاوى من جمعيتي العهد و8 آذار بحق المشرف السابق ذكره تتضمن مخالفاته وابتزازه للجمعيتين بالإضافة لفضيحة جمعية العاملين بالمصارف والتأمين التي كان يحقق فيها خلال إعداد هذا التقرير.
ـ قيام المشرف م.إ في إحدى الجمعيات بتزوير التلاعب لحماية رئيس مجلس الإدارة الذي كانت عضويته في الجمعية غير قانونية لكونه منسحباً وظل يمارس مهامه كرئيس مجلس إدارة رغم عدم قانونية عضويته.
ـ قيام المشرف م.إ بتزوير تواقيع هيئة المستفيدين في جمعية أخرى بالتعاون مع رئيس و أعضاء مجلس الإدارة وتستره عليهم لتمرير عقد إكساء بالتراضي بقيمة 57 مليون ليرة وبكلفة تزيد بكثير على الأسعار الحقيقية وظل رئيس و أعضاء مجلس الإدارة المذكورون يمارسون عملهم تحت غطاء المشرف المذكور.
ـ قيام المشرف و.ح بإيقاف قرار عائد لجمعية موظفي التبغ بدعوى مخالفة المادة 69 من النظام الداخلي المتضمن ضرورة تصديق عقود الشراء بينما كان قرار مجلس الإدارة صحيحا ومنسجما مع مضمون المادة 69 لكونه استند إلى موافقة لجنة المشرفين وتصديق هيئة المستفيدين في أكثر من اجتماع والهدف من هذه الممارسة للمشرف المذكور جر مجلس الإدارة لمراجعة القسم تمهيدا لابتزاز مجالس الإدارة أو المتعهدين.
ـ توجيه رئيس الاتحاد التعاوني السكني بدمشق كتابا للجنة التحقيق الثلاثية يطلب فيه نقل العاملين خ .ك و م .إ إلى خارج القسم وذلك لكثرة الشكاوى عليهما من مخالفات وابتزاز ورشاوى.
ـ مخالفة قرار تشكيل اللجنة الثلاثية المختصة في التحقيق بقضايا التعاون السكني حيث قام رئيس القسم بإضافة اسم المشرف و .ح لعضو مقرر لهذه اللجنة خلافا لقرارات محافظة دمشق ووزير الإسكان السابق... وينهي عضو المكتب التنفيذي تقريره حول الشكاوى بعبارة «هذا غيض من فيض ...».
الجانب الآخر الذي يتناوله تحقيق عضو المكتب التنفيذي يشمل كادر قسم التعاون السكني في المحافظة والذي أكد أن بعض المشرفين على الجمعيات آنذاك ورئيسة الديوان لا يحملون الشهادات الثانوية، إذ إن اثنين من المشرفين معينان على الفئة الخامسة بصفة عامل نظافة، و الاثنان الآخران على ذات الفئة وأحدهما بصفة عامل حدائق والآخر موظف إداري وهناك موظف آخر مندوب قاسيون على ذات الفئة وبصفة عامل حدائق والاستثناء الوحيد في التعيين كان على الفئة الثانية وبصفة موظف إداري، وتكتمل الفضيحة عندما نعلم أن أحدهم لا يحمل سوى شهادة الدراسة الابتدائية ومهمته الإشراف على الجمعيات السكانية!!!!.
و يكمل التحقيق مسيرته نحو كشفه للمخالفات والتجاوزات فيؤكد أنه لدى التدقيق والاستقصاء عن الدوام تبين أن الدوام غير منضبط وهناك حالة من التسيب في تسجيل البريد ومعالجته والتعامل مع المراجعين وعدم حضور اجتماعات معظم الهيئات العامة وهيئات المستفيدين واستيفاء المشرفين لمبالغ أضعاف التعويض المقرر لهم بموجب القانون..
ومع تقديرنا واعتزازنا بعمل عمال النظافة الحقيقيين ، إلا أنه من غير المنطقي والمقبول أن يتم تكليف أشخاص عينوا بصفة عمال نظافة أن يتابعوا ويدققوا في اجتماعات الجمعيات السكنية وعقودها ونشاطاتها، لاسيما و أن العديد من هذه الجمعيات تبنى على أساس مهني.. بمعنى هناك جمعيات للمحامين وللصحفيين والأطباء و رجال الأعمال والمهندسين...الخ وجمعيات أخرى تضم طيفا واسعا من التخصصات العلمية العليا والمتوسطة ...إنما في النهاية موظف فئة خامسة هو المشرف والذي عليه متابعة الإجراءات، ومن هنا كانت الحوادث والقصص المضحكة التي تتم في اجتماعات الهيئات العامة جراء التداخلات غير الموفقة للمشرفين ..و بعد هذه الفضائح جرت بعض التعديلات حيث تم نقل بعض المشرفين إلى أماكن عملهم الحقيقية وبقي القسم دون إعادة هيكلة وترميم وكأنك يا بو زيد ما غزيت ، فالمشاكل استمرت على حالها من قبل الجمعيات و الأخطاء تتكاثر!!.
أما ماذا خلص إليه التحقيق، فقد حدد السيد سودان ذلك في ستة اقتراحات كانت على الشكل التالي:
ـ ضرورة أن يكون رئيس القسم من حملة شهادة الحقوق وذلك لان مهام ودور القسم في مراقبة وتطبيق القانون والإشراف على عمل الجمعيات من النواحي القانونية استنادا على القانون 13 والأنظمة الأخرى.. وهذا حتى لم يتحقق بعد نحو عامين!!.
ـ استبدال المشرفين (خ.ك ،م.إ ،و.ح) ونقلهم إلى خارج القسم وذلك للأسباب المذكورة في الوثائق المرفقة كنماذج وعينات، حيث يوجد العديد من المخالفات المشابهة ويمكن حصرها كما جاء في التقرير... وهذا قد تحقق فعلا إنما لم تتخذ إجراءات رقابية لمتابعة ما تمت إثارته حول هؤلاء.
ـ رفد القسم بعناصر من حملة الشهادة الحقوقية أو طلاب الحقوق العاملين في المحافظة وهم كثر وذلك لان القانون 31 للتعاون السكني يدرس في السنة الأولى للحقوق.
ـ ضرورة تبديل المشرفين على الجمعيات في القسم كل سنة منعا من إقامة علاقات مشبوهة مع مجالس الإدارة وحرصا على آلية العمل وتطبيقا للقانون كما يجب وبنزاهة.
ـ إلغاء قرار المحافظة السابق الذي ينص على تسمية عضو مقرر في اللجنة الثلاثية لمخالفته للأنظمة والقوانين.
ـ استبدال رئيس الديوان ح.س بآخر يحمل شهادة ثانوية على الأقل وذلك نظرا لان رئيس الديوان الحالي يحمل شهادة ابتدائية فقط ولأهمية رئيس الديوان في تسجيل المعلومات.
ببساطة...لاشيء، فالمحافظة أصبح لديها أذن من طين و أخرى من عجين في هذا الموضوع، لذلك بقي الحال على ما هو عليه...ومن يقرأ هذا التقرير، الذي يأتي مساندا لتقرير آخر أعده عضو المكتب التنفيذي لقطاع الإسكان محمد خير أوطه باشي،والذي اقترح فيه رفد القسم بموظفين مؤهلين من حملة شهادة الحقوق حفاظا على حسن تطبيق أحكام القانون ونصوصه خدمة للمصلحة العامة، يعتقد أن المحافظة ستوجه الجرافات التي كانت تعمل في مزة الشيخ سعد أو في المرجه نحو قسم التعاون السكني...!!.
طبعا ومن منطلق مهني تقدمنا منذ نهاية الشهر الماضي وفي آخر يوم منه تماما عدة أسئلة للسيد المحافظ للإجابة عليها عبر المكتب الصحفي، إلا أنه وبعد هذه الفترة قال مدير المكتب الصحفي إنه وضع الأسئلة في بريد السيد المحافظ وحتى الآن لا يعلم عنها شيئا!!.
لا شك أنه عندما تكون آلية بهذا الشكل والمضمون فستكون هناك شريحتان... واحدة تؤيد ويسرها وجود مثل آلية كهذه على اعتبار أنها تخدم مصالحها وغاياتها وتسهل لها تحقيق ما تريد، فيما الشريحة الثانية تتعرقل أعمالها ومهامها ومشاريعها، وهذا يبدو واضحا في الوثائق والشكاوى التي قدمتها العديد من الجمعيات، ونحن نستعرض هنا مثالا لذلك، فقد جاء في شكوى لجمعية الصديق للسكن والاصطياف والتي قالت فيها إنها وفي سياق المشاريع التي تنفذها قامت بتوقيع مشروع عقد لشراء عقارات في منطقة وادي بردى، وفي موقع متميز وحصلت على موافقة الجهات المعنية وتم فتح باب الاكتتاب لجميع المواطنين وفق الأصول القانونية، ولكن وبما أن الجمعية رفضت طلبات رئيس القسم ومشرفيه بتسجيل أسمائهم و إعطائهم دفاتر عضوية بأسماء من خاصتهم ومعارفهم عليها مدفوعات من قبل الجمعية بهدف بيعها والمتاجرة بها خلافا للقوانين والأنظمة، فقد قام القسم بعرقلة و إيقاف الهيئة العامة المنفذة بتاريخ 15/12/2006 حيث تم اللجوء إلى القضاء الذي أصدر قراره بإلغاء قرار الإيقاف واعتبار الاجتماع صحيحا الأمر الذي كلف الجمعية نفقات جديدة وتأخيراً دام أكثر من ستة اشهر ، إلا أن ذلك لم يلغ عرقلة القسم لأعمال الجمعية كالامتناع عن منحها الإعفاء المالي، والامتناع عن تصديق بعض الثبوتيات ومحاضر الجلسات الخاص بالمصرف العقاري..
و على جانب الشكاوى المقدمة من الجمعيات السكنية تتراكم عشرات الشكاوى من أعضاء الجمعيات، الذين تقدموا بشكاوى ضد مجالس إدارات الجمعيات المنتسبين إليها وضد قسم التعاون السكني بعد أن هضمت حقوقهم أو لحق بها الظلم والجوار...
الفساد والتجاوزات التي حدثت في العديد من الجمعيات السكنية كانت بفعل عاملين رئيسين..
العامل الأول ويتعلق بطبيعة مجالس إدارة بعض تلك الجمعيات والسلوكيات التي اتبعوها في تسيير أعمال ومشاريع الجمعيات سواء عن عدم معرفة أو عن قصد ورغبة في السطو على أموال المكتتبين وشفط عمولات ورشاوى...
العامل الثاني يتلخص في تشجيع جهة ما لهذه المخالفات والتجاوزات من خلال غض الطرف عنها أو دفع الأعضاء إلى إتباع ذلك، وهذا ما قام به قسم التعاون السكني خلال الفترة الطويلة الماضية...
إذا كانت المحافظة غير قادرة على إحداث تحول نوعي في عمل القسم المذكور وتغيير آليات عمله لسبب من الأسباب، فلترفع المسؤولية عن كاهلها ولتوجه كتابا بهذا الشأن إلى الجهات القادرة على إيجاد حل لهذه المشكلة وبما يحفظ للعمل الإداري العام هيبته وكرامته... إلا إذا كانت المحافظة تعتبر أن كل هذا الإجماع على المخالفات الواقعة في القسم غير كافية و أن لديها وجهة نظر أخرى، وبذلك فهي كأنها تريد أن توحي لنا: ننتظر ريثما يخرب القطاع السكني كاملا !!.
أسئلة لـ «المحافظ»!
السيد محافظ دمشق المحترم
ـ هناك عدد كبير من الشكاوى التي قدمها العديد من اعضاء الجمعيات السكنية بحق عاملي قسم التعاون السكني في مديريات الخدمات الفنية.. ما الإجراءات المتخذة من قبل المحافظة لمعالجة تلك الشكاوى خاصة لجهة الفساد والمطالبة بتخصيصهم بشقق.. الخ؟!
ـ كثير من هذه الشكاوى تم إيقافها في الرقابة الداخلية في المحافظة.. ما تعليقكم؟
ـ منذ سنوات هناك مطالبات بتعيين كادر مؤهل للتعامل مع الجمعيات عوضا عن الكادر الحالي الذي تسبب باستياء عام.. لماذا لم تتم الاستجابة لهذه المطالب؟
ـ الى اي حد تعتقدون ان قسم التعاون السكني عرقل عمل الجمعيات بدل ضبطه وتسهيله؟
ـ هل أنت مع لجان التحقيق التي غالبا ما تأخذ وقتا طويلا وطالما ان هناك سابقا تحقيقات قام بها اعضاء من المكتب التنفيذي؟
مع فائق الاحترام والتقدير
زياد غصن
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد