مؤتمر دولي من تنظيم جامعة «المعارف»: عن هيمنة الغرب على العلوم الانسانية
اختُتم أخيراً المؤتمر الدولي حول «التأصيل الثقافي للعلوم الإنسانية: رؤى وتجارب» الذي نظمته جامعة «المعارف» على مدى يومين في «قرية الساحة التراثية» في بيروت. المؤتمر بحث في جلساته الست قضية التأصيل الثقافي، ومتفرعاته، بمشاركة اختصاصيين محليين وعرب، وأجانب.
الجلسة الأولى التي تناولت نشأة العلوم الإنسانية الغربية، وأسباب هيمنتها، ترأسها رئيس جامعة «حلب» مصطفى أفيوني، وشارك فيها رئيس «اللجنة الحوزوية للمجلس الأعلى للثورة الثقافية» في إيران حميد رضا بارسانيا. الأخير تركزت مداخلته على «الأبعاد الفكرية الفلسفية والاجتماعية لمنهجية العلوم الإنسانية الغربية»، تلتها مشاركة عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة «ويسكنسن» الأميركية، سيف دعنا الذي طرح إشكالية: «تحول العلوم الإنسانية الغربية إلى علوم مهيمنة عالمياً»، بالاستناد الى كتابَي إدوارد سعيد «الاستشراق»، و«الثقافة الإمبريالية». وركز دعنا على الكتاب الثاني الذي قدم فيه سعيد إطاراً لفهم «نمط الثقافة الإمبريالية»، مشيراً إلى أن فهم الهيمنة والسياسات الإمبريالية يبقى «قاصراً بمعزل عن إدراك النمط الثقافي الإمبريالي والدور الذي تؤديه العلوم الاجتماعية والإنسانية».
الجلسة الثانية «أزمة العلوم الإنسانية الغربية»، ترأسها المدير العام لـ «مركز الأبحاث والدراسات التربوية» عبد الله قصير، بمشاركة رئيس «المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق» عبد الحليم فضل الله الذي طرح إشكالية «العلوم الإنسانية في خدمة مَن: علوم من أجل الإنسان أو من أجل السيطرة؟». عرض فضل الله العلوم السياسية والاقتصادية التي استغلت النظريات والنماذج الإرشادية في الهيمنة والتغيير السلطوي، وخلص إلى أن النزعتين الفردانية والجماعية أخفقتا في جعل علوم الإنسان مدخلاً للسعادة والعدالة.
بدوره، عرّج الباحث والصحافي الهندي كلود ألفاريس، على النظام المعرفي الأكاديمي الحديث، من خلال «السيطرة الاستعمارية»، مشيراً إلى أن العلوم الإنسانية «أوضح الأمثلة على الشمولية الزائفة».
المحور الأخير من اليوم الأول، عالج مسألة «نقد العلوم الإنسانية الغربية»، بمشاركة مدير «مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي»، محمد حسن زراقط، الذي طرح إشكالية «نقد النزعة العلموية في الغرب»، والمنهجية البحثية التجريبية التي عمد الغرب إلى اعتمادها في العلوم الإنسانية كما حال الفيزياء والكيمياء. وهذا الأمر ـ بحسب زراقط ـ يعدّ «خللاً ابتُلي به الفكر الغربي».
أما المداخلة الثانية «العلوم الإنسانية الغربية بين التحيّز والموضوعية»، فقد طرح فيها الباحث العراقي عامر زيد الوائلي، العلوم الإنسانية بوصفها نسقاً ذا سياقات محددة تتعلق بالإنسان وحياته الاجتماعية. ورأى الباحث التونسي من جامعة «الزيتونة» رمضان برهومي، أن أزمات المعرفة الإنسانية تختلف من سياق ثقافي إلى آخر، ولا ترقى إلى وضعها ضمن مرجعيات التقديس، ولا سيما تلك المتعلقة بالعقيدة الإسلامية وصلة الإنسان بالكون.
الجلسة الرابعة في اليوم الثاني حملت عنوان «تجارب في التأصيل الثقافي»، حيث تحدث محمد سعيد مهدوي كني (إيران) عن الجامعة الإسلامية وتفردها كمؤسسة ذات هوية مستقلة. كذلك عرض الأكاديمي الفلسطيني أنور أبو طه، تجربة «المعهد العالمي للفكر الإسلامي»، من خلال عملية إنتاج المعارف. التجربة التركية حضرت في هذا المحور، من خلال مداخلة الأكاديمي إبراهيم بور، وتناوله مسألة «أثر التغريب» على النظام التعليمي في تركيا وما تركه من عواقب على المجتمع. «الأفكار والتجارب الأفريقية حيال تأصيل العلوم»، عنوان مداخلة الأكاديمي الأوغندي لوتو بابوزيبوا، التي ركز فيها على «تنشيط جميع المواقع الثقافية والفكرية في المجتمع واللغات القومية. أما المحور السادس والأخير، الذي تناول مسألة «دور الجامعة في التأصيل الثقافي»، فقد طرح فيه الأكاديمي اللبناني طلال عتريسي «واقع العلوم الإنسانية في الجامعات العربية»، عارضاً إشكاليات التعامل مع هذه العلوم، التي وصفها بـ «الأزمة» لأنها تتشكّل خارج السياق التاريخي والمجتمعي للعرب.
ومن اليمن، عرض محمد ضيف الله القطابري ورقته البحثية «مناهج التعليم الجامعي والتأصيل الثقافي»، مركزاً على ضرورة احتواء المناهج، ما يضمن «تحصين شبابنا من مخاطر الانحراف الفكري والغزو الثقافي».
الأخبار
إضافة تعليق جديد