جنازة مهيبة للرئيس التونسي الراحل.
ووري جثمان الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، أمس السبت، الثرى في مقبرة عائلته "تربة القايد السبسي" بمقبرة الجلاز بالعاصمة تونس.
وفور وصول موكب الجنازة إلى مقبرة الجلاز، نقل جثمان الرئيس الراحل على متن سيارة عسكرية عبر مسارات المقبرة نحو مقام الشيخ أبو الحسن الشاذلي بأحد مرتفعات هضبة الجلاز، حيث أقام الحاضرون صلاة الجنازة التي أمها مفتي الجمهورية التونسية، عثمان بطيخ.
وعقب ذلك، تم إطلاق عدد من الطلقات المدفعية تكريما لروح الفقيد، فيما أدى عدد من ضباط الجيوش الثلاثة التحية العسكرية للقائد الأعلى للقوات المسلحة، وقام عدد آخر من الضباط بنقل جثمان الفقيد إلى مرقده وسط أفراد عائلته وبحضور الرئاسات الثلاث.
وتميّز موكب تشييع جثمان الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي بحضور لافت للتونسيات، اللاتي خرجن للشوارع توديعا لأحد كبار القادة التونسيين الذين كرسوا جزءا هاما من مسيرتهم دفاعا عن حقوق المرأة ودعما لمكاسبها.
واختلطت مشاعر حزن الفراق والتعاطف مع فخر الانتماء للوطن، في صفوف التونسيين والتونسيات وهم يودعون الرئيس الذي سبق وأن حظي بثقة التونسيات بتصويت أكثر من مليون ناخبة له، خلال انتخابات 2014، ليكون بذلك أول رئيس ينتخب بطريقة مباشرة نزيهة وشفافة.
ومنذ العام 2011، أسهمت حكمة الباجي قايد السبسي في لم شمل البيت التونسي وتوطيد لحمته ووحدته الوطنية بحرصه على تكريس روح التوافق الوطني، ورفع مكانة تونس عاليا على المستويين الإقليمي والدولي.
كما استطاع الرئيس الراحل عقب صعوده إلى منصب رئيس الجمهورية، أن يحقق جزءا هاما من وعوده الانتخابية المتعلقة بالمرأة التونسية، لا سيما بعد إعلانه خلال الاحتفال بعيد المرأة يوم 13 أغسطس 2017، عن مبادرته التشريعية بتنقيح مجلة الأحوال الشخصية لتحقيق المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة.
وسعيا لتحقيق ذلك، كلف الرئيس الراحل "لجنة الحريات الفردية والمساواة" من أجل مراجعة التشريعات المتعلقة بمسألة الميراث وإعداد مشروع قانون يتعلق بالمساواة في الميراث، لتقدم هذه اللجنة في يوليو 2018 تقريرها، الذي تضمن العديد من المقترحات المتعلقة بتطوير مجلة الأحوال الشخصية ول اسيما المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، إلى جانب تقديم جملة من المقترحات الداعمة للحريات الفردية وتصورات لحمايتها دستوريا واجتماعيا.
وصادق مجلس الوزراء، يوم 23 نوفمبر 2018، على مسودة قانون الأحوال الشخصية الذي يتضمن أحكاما بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، قبل إحالتها على البرلمان لمناقشتها، لكن مشروع القانون ما زال حبيس الرفوف بسبب غياب التوافق بشأنه إلى اليوم.
ولم تقف مبادرات الباجي قايد السبسي للنهوض بحقوق المرأة عند هذا الحد، فقد شهدت عهدته وتحديدا في سبتمبر 2017، إلغاء أمر ترتيبي وزاري لمنشور 1973، يمنع زواج التونسيات المسلمات بغير المسلمين، وكان هذا المنشور يشرط الاعتراف بزواج تونسية مسلمة برجل غير مسلم بوجوب تقديم شهادة تثبت اعتناق الرجل للإسلام.
وقد تباينت ردود الفعل تجاه المبادرات التي أطلقها الرئيس الراحل بين من اعتبرها مكسبا تاريخيا هاما يزيد في تجذير حقوق المرأة التونسية، وتدعيم مكاسبها المترسخة أصلا منذ قيام دولة الاستقلال في 1956، في حين يعتبر شق آخر ذو مرجعية دينية أن مبادرات الرئيس الراحل تتعارض مع ما تنص عليه الشريعة الإسلامية.
وأكد العديد من المراقبين أن مشروع قانون المساواة في الإرث يفتح باب الاجتهاد ولا يتعارض مع مبادئ الإسلام، حيث أنه ترك للمُورّث، في حياته، حق الاختيار بأن يحتكم إما إلى الشريعة الإسلامية في توزيع تركته، أو اختيار مبدأ المساواة.
وتأتي المبادرات التي أطلقها رئيس الجمهورية الراحل الباجي قايد السبسي، لتعزز رصيد تونس من الأحكام الدستورية والقانونية السابقة التي حققت قفزة كبيرة بالنسبة إلى المرأة التونسية، ما جعلها نموذجا استثنائيا على المستوى العربي والإسلامي.
RT
إضافة تعليق جديد